قلائل هم، أولئك الذين يُخلد التاريخ سيرتهم في الذاكرة، و»فقيد الوطن الغالي» انتظمت في حبه قلوب وقلوب لتشكّل منظومة حب متصلة، لم تقتصر على أبنائه في المملكة العربية السعودية فحسب، بل جسّد نبضها قلوب الملايين من أبناء الأمتين العربية والإسلامية، لتعطّر «سيرة رجل» من نوادر الأمة، فمن لا يعرف «سلطان»، ومن لا يذكر طلّته، ومن لا يستبشر بقدومه. إنّ الفارس المترجل هو «الهمام» الذي لن تجد اثنان يختلفان على حب أبناء وطنه وأمته له، فهو من أسر المحتاج والضعيف والطفل بابتسامته التي تجعل الناظر له يشعر بالراحة النفسية، ليطلب ويطلب ويطلب وكأنه يعطي، إنه «عملاق الخير» في الزمن الحديث، بكرمه, وعطائه، وتلمُّسه لحاجة الضعيف وأياديه البيضاء هنا وهناك، والتي جعلت منه «رمزاً وعلماً» في فعل وصنع الخير والمعروف بشكل متفرّد. ما ميّز «الأمير الراحل» هو صدق مشاعره مع الآخرين، وأبوّته الحانية، فلا يكاد يمر «بطفل صغير» دون أن يقبله بكل تواضع، ويسأله عن حاله, وهل له طلب أو يريد شيئاً، إنها أخلاق وشيم الكبار وهو ما منحه هذا الحب الكبير من الناس والتقدير الصادق من أبناء شعبه. بالأمس كنا في «تغطية تلفزيونية» مستمرة وطويلة للحدث نتنقّل فيها ما بين المسئول والمتابع لمناقب ومواقف «الأمير الراحل» السياسية والاجتماعية والإنسانية، وما بين استطلاع «رأي وردة فعل» الشارع العادي بكل أطيافه لرصد مدى فقدان هذا الرمز والعلم في أنفسهم، وما شدّني هي «قصص الخير» التي يتسابق الضيوف من الأمراء والوزراء وأعضاء مجلس الشورى والمسئولين في نقلها ورؤيتها عن «الأمير سلطان» رحمه الله، والتي تعكس «عظمة» هذا الرجل، و»عظمة» مواقفه الإنسانية والتي يستجيب فيها بشكل سريع وفوري تلبية لحاجات كل ملهوف وسائل، كان «رحمه الله» يشعر كل مسئول أو شيخ يشفع لمحتاج أنه الوحيد الأقرب إليه بسرعة استجابته وتقدير شفاعته. أما «الحكاية الثانية» فكانت في الشارع، فهناك من «أجهش بالبكاء» بعيداً عن الكاميرا، ودمعة عينه بصدق «حزناً وألماً» وهو يستذكر «صورة الأمير الراحل» وإنسانيته الكبيرة، حتى من لم يقابله ولم يطلب منه شيئاً يقول لك «يا أخي» هذا الإنسان «محبوب»، تشعر براحه نفسية وأنت تنظر إليه عبر التلفزيون، وتحس أن الدنيا بخير وهو يتعاطف مع المعاقين والمحتاجين ويقدم «كل شيء « يملكه حتى أنّ بعضهم ذكر «صوراً» بقيت خالدة في ذاكرته، لإهداء الأمير لقلمه وساعته دعماً لطلاب متخرجين وكحافز لاستمرار تفوّقهم. بل إنّ إخواننا من الجاليات العربية السودانية واليمنية والسورية وغيرهم «يروون لنا» مواقف إنسانية كبيرة جداً «للراحل رحمه الله» في علاج الكثير من مرضاهم وبناء المساجد في مشارق الأرض ومغاربها ودعم الجمعيات الخيرية في بلدانهم, لم يكن يفرّق بين «سعودي «وغيره, كل محتاج له من «كرم سلطان» نصيب. تحمل «الذاكرة» صوراً لتزاحم وتوافد الناس في المطار عند استقبال الأمير في كل مرة يعود فيها من «رحلة علاجية» مستبشرين خيراً بمقدمه، واليوم وجثمانه الطاهر يحط في الرياض في «آخر رحلة» ومحطة من حياته الحافلة، ستتزاحم «قلوب الملايين» قبل تزاحم الوفود، و»ستلهج الألسن» بالدعاء له بالمغفرة والرحمة لقاء ما قدمه لأمته وشعبه. وكأنّ «لسان حالهم» يقول طبت حياً وميتاً، رمز التواضع ويا سيد الجود. وعلى دروب الخير نلتقي.