لم يكن فقيد الوطن وابنه البار.. صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز- رحمه الله - شخصية سياسية فقط.. إنما كان مجموعة شخصيات إنسانية واجتماعية وإدارية وتربوية واقتصادية وقيادية ورياضية في سلوك رجل واحد.. كان - رحمه الله - رمزاً وطنياً كبيراً بعطائه وقيمه وإنسانيته وكرمه الحاتمي وتواضعه الجم وابتسامته المعهودة وسمو أخلاقه وحنكته السياسية وحكمته القيادية، ولا غرو من ذلك فقيدنا الغالي كان متأثرا بمدرسة والده المؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - في منهجه الإيماني القويم وتمسكه بتعاليم دينه الحنيف وفي معاييره الاجتماعية الأصيلة وفي عمق محبته لأبناء وطنه الكبير بقيادته الحكيمة.. فقد كرس - رحمه الله - أعماله العظيمة ونشاطه الخيري لخدمة وطنه وأمته الإسلامية في مختلف المجالات الاجتماعية والإنسانية.. رحم الله الأمير الإنسان.. سلطان الخير صاحب الأيادي البيضاء التي امتدت لتطوق أعناق المساكين والفقراء والمحتاجين والمكلومين، وصاحب القلب الكبير الذي اتسعت محبته للآخرين فاتفق الجميع على محبته.. والأكيد عندما نتحدث عن سيرة رمز أصيل ومسيرة رجل فذ بحجم ومكانة ومقام الإنسان (سلطان بن عبد العزيز).. فإننا بلا ضير نحتاج إلى مجلدات ومجلدات لرصد وكتابة وسرد مناقبه العظيمة وأعماله الجليلة وإسهاماته المتعددة في مشروعاته الخيرية ومبادراته الكريمة وقيادته الحكيمة وروحه الإنسانية النقية وعطائه السخي ومنهجه الرصين في الإدارة الحديثة بأساليبها العصرية وقيمها التنظيمية ووعيها التخطيطي التي اكتسبها رجل المهام المتعددة (أبا خالد) غفر الله له.. على مدى عقود من الزمن.. خلاصتها شخصية (استثنائية) خدمت وطنها وأمتها الإسلامية بكل عطاء وسخاء ووفاء.. بل عرف عن فقيدنا الغالي عمق إنسانيته وتشجيعه الدؤوب للأعمال الاجتماعية والتنموية والخيرية في داخل وخارج هذا الوطن الكبير. ومعظمنا شاهد كيف تجلت قيم التواضع ونبل الوفاء والأصالة في شخصيته الاستثنائية... بعد أقل من 24 ساعة على عودته للمملكة في أعقاب رحلته العلاجية، عندما زار أبناءه المصابين في معركة الجنوب (المنومين) بمستشفى القوات المسلحة وقبّل رؤوسهم جميعا فردا فردا.. في لمسة أبوية حانية ولفتة معبرة تحمل في طياتها أبلغ معاني التواضع والقيم الأخلاقية والمعايير الفضيلة والخصائص التربوية المتأصلة والمتجذرة في وجدانه - يرحمه الله -.. هكذا كان سلطان النبلوأمير الأدب ورمز الوفاء ووجه الخير.. وهكذا استوعب قلبه الكبير ومشاعره الفياضة.. تلك الأعمال الخيرية والاجتماعية والإنسانية والأخلاقية التي كسب بها قلوب الجميع، وستبقى هذه المواقف البطولية والأعمال الفروسية والسجايا الفطرية والخصال الحميدة.. شاهدا حيا للأجيال القادمة على شخصية سلطان «الاستثنائية».. وستظل بالتأكيد محفورة في ذاكرة الوطن وأخاديد الزمن بكل فخر واعتزاز. رحل أبو الفقراء وصديق المساكين وحبيب الضعفاء ونصير البسطاء وداعم الأرامل وكافل الأيتام عن هذه الدنيا الفانية بعد مسيرة عقود زمنية تجاوزت 70عاما.. كانت عامرة وحافلة بالعطاء والبذل والكرم والجود والسخاء والتفاعل النبيل والمواقف الإنسانية العظيمة التي أدخلت السرور على قلوب المكلومين وفرجت الكروب على المعسرين ويسرت على المحتاجين وأخذت بيد الضعفاء.. فاللهم يا رب يا كريم اجعل عبدك الفقير إليك (سلطان بن عبد العزيز) ممن قلت فيهم {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (32) سورة النحل. رحم الله فقيد الوطن الغالي وابنه البار الإنسان (أبا خالد ) وأسكنه فسيح جناته وجعل الفردوس الأعلى مستقره ومقامه إنه سميع مجيب الدعاء.