كل سنه نقرأ عن بادرة من الحكومة - وفقها الله - لترحيل عدد من المتخلفين عن الحج والعمرة وغيرهم ممن انتهت تأشيراتهم أو فُقدت جوازاتهم بقصد أو غير قصد. وهذا من طبع الكرام أن تتكفل الدولة بمصاريف هذا المتخلف أو ذاك، ولكن السؤال: إلى متى تتحمل دولتنا - حفظها الله - هذه المصاريف؟ فالمواطن السعودي أولى بما يدفع على هذا المتخلف المتحايل على الأنظمة وهو يعرف ذلك. فحملات الجوازات لا تتوقف للقبض على مثل هؤلاء وترحيلهم، وأغلبهم من شمال شرق القارة السمراء وجنوبها وبعض دول آسيا، وأكثرهم في مكة خاصة وجدة عامة. بعضهم يأتي للعمرة في شهر شعبان مثلاً، وتكون التأشيرة لمدة أسبوعين أو مخصصة لعمرة، ومن ثم عليه المغادرة لكي لا يحرم غيره في بلده الأصلي من الإتيان لبلد الله الحرام، ولكنه يجلس في مكةالمكرمة حتى شهر الحج، وينام في الحرم ويأكل فيه، وقد يكون المتخلفون أُسَراً كاملة كما هو مشاهَد في الحرم في القبو وفي الأسياب، ولا أحد يسألهم من شرطة الحرم أو غيرها عن الإقامة خوفاً من العقوبة كما يعتقد البعض منهم، أو أن يدعو عليه هذا المتخلف المخالف لأمر ولاة الأمر وتُقبل دعوته وتنزل العقوبة على هذا العسكري أو ذاك، وهذا ليس بصحيح لأسباب عدة. منها على سبيل المثال (اتفاق جميع الدول الإسلامية على حصة كل بلد إسلامي بعدد معين من المعتمرين والحجاج كل سنة/ أمر ولاة الأمر بالتبليغ وإمساك المقيم غير النظامي وإرجاعه لبلده الأم/ هذا المتخلف حرم غيره من تأشيرة العمرة أو الحج في بلده الأصلي/ قيام بعضهم بمزاولة الشحاذة أو السرقة أو العمل غير الأخلاقي لكسب المال غير المشروع من طرق محرمة لا أود ذكرها على مسامعكم، وهي ومعروفة، وتتكلم عنها بعض الصحف في بعض الأحيان). كل هذا في كفة وأمر الله عز وجل بالطاعة له ثم لرسوله وولاة الأمر في كتابه الحكيم الذي لا ينطق عن الهوى، والذي ذكر سابقاً، في كفة؛ فكيف يخاف العسكري أو المواطن السعودي الغيور من الإبلاغ عن مثل هؤلاء الذين يفسدون في الأرض؟ من أين يأتي الحجاج الذين يفترشون المشاعر رغم الإجراءات المشددة وحرص ولي الأمر على قطع هذه الظاهرة غير الحضارية من مثل هؤلاء الذين يجلسون في مكة بتأشيرة العمرة قبل أشهر الحج وغيرها دون حسيب ولا رقيب؟ ولا ننسى نومهم في مسجد الخيف الذي بالكاد تجد فيه مكاناً لتتعبد من كثرة النائمين فيه من أمثال هؤلاء ومن مختلف الجنسيات رغم وجود عسكري على باب هذا المسجد لمنع النوم فيه؛ لأنه مكان بُني للعبادة وليس فندقاً أو مخيماً ناهيك عن أكلهم وجبات الطعام من البيك وغيرها من المطاعم داخل المسجد والروائح الكريهة التي تنبعث من مخلفاتهم، وعندما تسأل العسكري «لماذا لا تردهم عن ذلك؟» يرد عليك «هذا حاج، وأخاف من دعوة», بل هذا مخالف للأنظمة وتوجيهات ولاة الأمر ومخالف لقرارات المؤتمر الإسلامي الذي ينعقد كل سنة بممثلين من كل دولة إسلامية على وجه الأرض، فأين العقوبة التي يخاف منها هذا العسكري المحمَّل بالأمانة من ولاة أمرة؟ وبعض نسائهم يلبسن العباءات لكي يدعين أنهن من أهل هذا البلد الطاهر، ولكن لهجتها واضحة ومعروفة، وتقوم بمزاولة الشحاذة إما بحجة شراء دواء معين، وهي متفقة مع بني جنسها في الصيدلية على إرجاع ما اشتراه لها هذا الذي على نيته، واقتسام المبلغ أو جزء منه إلى أن تجد ضحية أخرى. أو يتحججون بأنهم منقطعون وينقصهم مبلغ لشراء التذاكر للعودة لبلدانهم الأصلية، وكل هذا دجل ونصب واحتيال. أو تجد أطفالهم يقومون بالتسول وبعضهم مقطوع اليد من الكتف أو الرِّجل من مفصل الركبة، ليس خِلقة بل عمداً؛ لكي يستعطف الناس ويدر على أبيه مئات الريالات بتلك العاهة!! وأذكر يوم كنت شاباً في سن المراهقة أني رأيت أحد هؤلاء، والآن وأنا في سن الأربعينيات وجدت الأب الذي كان صغيراً ومقطوع اليد من الكتف له ابن يكمل المهمة عنه وبالعاهة نفسها، وهم من ذوي البشرة السمراء جداً في الأزقة القريبة من الحرم، ولا أحد يعترضه، لماذا؟!!! الله أعلم. وأيضاً إحدى الفتيات رأيتها تضرب أخاها الصغير الذي بالكاد يتجاوز 4 سنوات بعلّاقة ملابس حديد؛ لكي يبكي أكثر وهو لا يدري ما القصة، وعندما نهرتُها قالت: «ما لك دخل» بلهجة سعودية إفريقية متكسرة. غير ما يحدثونه إذا اجتمع أكثر من شخص منهم في مطعم أو مطار أو فندق أو شقق مفروشة، وما يحدث لرجال الأمن معهم من إحراجات نراها إذا ذهبنا للعمرة أو الحج أو حتى زيارة بعض الأقارب في المنطقة الغربية وحتى المنطقة الشرقية. السعودي محدَّد له حجة كل خمس سنوات، وهذا أمر واضح ومعروف ومتقيد به - ولله الحمد -؛ حتى يعطي الفرصة لغيره من إخوانه المسلمين خارج هذا البلد الطاهر، ولكي يؤدي غيره حجته المفروضة عليه في عمره؛ فلماذا غيرنا يأخذ راحته في الحج خاصة، ولا يحاسبه أحد؟ والذي عمل عمرة في شهر رمضان المبارك يعرف ما أقصد ومن أقصد بالضبط. ونحن إذا ذهبنا للسياحة في بلدانهم نطبق أنظمتهم وإلا الغرامات والسجن والحرمان من الدخول لبلدهم رغم أننا ندفع لكي ننمي السياحة، وهم يأخذون منا بكل راحة وعدم مبالاة، وإذا أتوا إلينا لا يُطبَّق النظام عليهم. وأنا بوصفي مواطناً يعيش على هذه الأرض الخيّرة في ظل رعاية الله أولاً ثم رعاية خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة أود أن طرح حلولاً لتلك المشكلة المتكررة سنوياً، وآمل أن تجد القبول والرضا ممن يهتم بأمر هذا البلد المعطاء، وذلك قبل أن تتغير الطبقة السكانية في تلك البقاع والمدن القريبة منها إذا أستمر ذلك الوضع الذي يزداد كل سنة. الحلول: - عند طلب تأشيرة عمرة أو حج من أي مسلم في أي دولة إسلامية أو غيرها، وذلك عبر سفارات المملكة العربية السعودية، وكذلك عن طريق الوكلاء أو مكاتب العمرة والحج في تلك البلدان والمسجّلة رسمياً ومعتمدة لدى السفارات، وبعد الموافقة له من قِبل السفارة على ذلك، يُعطَى كارتاً مثل بطاقة الأحوال (إلكترونية ممغنطة) مسندة ببصمة العين محدَّداً فيه بداية ونهاية تأشيرة العمرة أو الحج وليس معاً. هذه البطاقة تبقى مع المعتمر بوصفها إثباتاً للشخصية طوال سريان تأشيرة العمرة أو الحج فقط. - أما جواز السفر فيكون في كل منفذ بري أو بحري أو جوي ممثل من كل دولة مسلمة أو غيرها من الدول التي فيها أقليات إسلامية؛ حيث يُسلَّم له الجواز، ويحفظ في المنفذ الذي قدم منه؛ لكي لا يدعي فيما بعد مع تعمده التخلف أنه فَقَدَ جوازه ولا يستطيع إخراج جواز جديد أو شراء تذكرة سفر، ويتكفل هذا البلد الطيب بذلك، ولا يعرف صدق هذا المعتمر أو الحاج. - وضع تأمين من قِبل المكتب المتكفل برحلة المعتمر بمبلغ (1000) ريال تُعاد للمكتب عند عودة المعتمر أو الحاج في الوقت المحدد في البطاقة الممغنطة، وليس بعدها. هذا المبلغ يُستخدم في حالة تأخر عودة المتخلف عن وقت العودة في مصاريف التذاكر وغيرها في المدة التي قضاها دون وجه حق وحرم غيره من القدوم لبيت الله الحرام أو زيارة المسجد النبوي الشريف والصلاة فيه، على ساكنه أفضل الصلاة وأتم التسليم. ) يُبلّغ أعضاء الدول الإسلامية بأن أي حاج أو معتمر يتخلف عن العودة لبلده في الوقت المحدد له في البطاقة الممغنطة سوف يؤدي إلى إنقاص العدد المخصص له من تأشيرات العمرة والحج في السنة القادمة، وذلك للدولة التي لا يحرص رعاياها على المغادرة فور انتهاء التأشيرات المعطاة لهم؛ حتى يتقيد الجميع ويُعطي الفرصة للغير ممن لم يتمكنوا من العمرة أو الحج ويقعون ضحية مثل هؤلاء المتحايلين على الأنظمة. ويُبلَّغ ذلك بقرار رسمي لسفارات خادم الحرمين الشريفين في جميع بقاع الأرض، وإلى حين مغادرة آخر معتمر أو حاج غير نظامي لدولته التي قدم منها سواءً كان عربياً أو غيره. السائح السعودي لو تخلف يوماً في إحدى تلك الدول وأراد المغادرة منها فعند مغادرة المطار في تلك الدولة يدفع ما الله به عليم حتى يخرج من ذلك المأزق، ويلقى من المعاملة ما يلقى. ولو كان بيدي الأمر لجعلتُ مكافأة مالية مثلاً لكل بلاغ (100 ريال) عن متخلف حج أو عمرة أو غيرهما من الإقامة غير النظامية لكل رجل أمن، سواءً كان من رجال الجوازات أو الشرطة أو الدوريات أو أي قطاع عسكري، وحتى المواطن الغيور؛ حتى تنظَّف البلد منهم ومن غيرهم. والصحف تروي بعض قصص هؤلاء المتخلفين، وبعضها يشيب لها الرأس من أعمال تخل بتعاليم الدين الحنيف والأخلاق العامة التي من المفروض أن يتقيد بها كل مسلم صادق مخلص يعرف كتاب الله وسُنّة رسوله صلى الله عليه وسلم. ونستغرب كيف يُرَدّ المعروف الجميل لأرض طيبة وشعب كريم وقيادة حكيمة معطاءة استضافتهم بكل صدر رحب. لاعب دولي سابق بنادي الشباب