فجرا.. قبل بزوغ الشمس.. أحاول أن أكتب عن من ملكنا محبته وتقديره.. وغرس فينا الوفاء الكبير.. حينما يتجاوز بك أنبل صفات الوفاء.. وأجزل خصال الرجولة والصداقة الكبيرة.. ذلك الإنسان مهما بدأت أن تكتب عنه لا تستطيع أن تبحر بقلمك عما يجول في خاطرك تجاهه وتجاه أسرته الكريمة.. هنا تحاول أن تتذكر الماضي المجيد بينه وبين أبي الذي تجاوزت صداقتهما (نصف قرن) مبنية على الثقة والمحبة والإخلاص.. بعيدة عن التزلف أو المصلحة الدنيوية ومعضلات الأمور.. إنها علاقات بريئة مليئة بالإيمان الصادق.. ولم تأت تلك العلاقة من باب المصادفة أو الفرض الاجتماعي.. بل إنها كانت تفرض الواقع الأصيل حينما تتجاوز الرجال بالرجال.. إلى الأسرة الكبيرة والكريمة.. قلمي استعصت عليه ذكريات الطفولة التي تربينا على الأصالة الكبيرة والحب والإخلاص بين أسرتين تجاوزت كل الظروف والمحن في زمن الأغبرة وبيوت الطين.. أمس.. ودعت المجمعة على قلب رجل واحد الشيخ الفاضل والأب الحنون أبو محمد (عبد العزيز بن عثمان الربيعة) رحمه الله إلى مثواه الأخير بعد أن أديت عليه الصلاة في مسجد الشيخ ناصر المحرج الجامع الكبير الذي اكتضت جنباته بالمصلين والمشيعين له يرحمه الله.. هذا الإنسان له صفات نبيلة تتلمذ على يده رجولة البشر من حسن خلقه ونبل كرمه.. وهو من مجموعة خمسة أبناء للشيخ عثمان الربيعة رحمه الله.. وجل إخوته الذين توفوّا رحمهم الله .. لهم سيرة متميزة في الأخلاق الفاضلة وعدم إيذائهم لكائن من كان.. وتمثلت شخصية تلك الأسرة الكبيرة على أبنائهم في الخلق والرزانة.. إنها أسرة فاضلة تجاوزت الثناء.. العم (عبدالعزيز بن عثمان الربيعة) رحمه الله.. كان من أخلص الموظفين في إدارة التعليم منذ تأسيسها في المجمعة .. فكانت تحت أمانته مرتبات الموظفين في منطقة سدير جلها.. ولم يلحظ عليه رحمه الله شكوكا في خطأ مالي أو نقص أو تجاوز.. بل كان رحمه الله دقيقا وأمينا على حقوق الناس طيب الله ثراه.. عاش سنوات طوال بين الدراهم والهلل في إدارة تعليم المجمعة .. حتى كلت عيناه من التعب رحمه الله.. إنها قمة الأمانة أبا محمد.. عليك شآبيب الرحمة.. هذه الشخصية تجبرك على احترامها وتبجيلها أجل الاحترام.. مزوحا مبتسما صادقا ووفيا وكريما.. إنه قد بلغ حدة الإيمان الكبير.. ليحمل هم أبنائه وأبناء إخوته الكرام الذين جمعوا له أنبل الوفاء له رحمه الله.. تلك الأسرة نسميها آل عثمان المتربية على الأخلاق الفاضلة والصلاح والسمو .. عظم الله أجركم جميعا آل عثمان الربيعة في المجمعة وأقاربهم وأحبائهم.. هذا الهم من الفراق الأخير.. جعلني أتذكر علاقة هذا الرجل الكريم (بوالدي) يحفظه الله.. فكانت علاقة كبيرة تسمّرت على مر السنين.. يحوفها الحب والوفاء بين الاثنين.. إنها قمة في الإخلاص المحمود حتى أنه رحمه الله لا يترك أبي في مأزق أو تراهة إلا شاركه الهم معه .. فقد كان من وفائه رحمه الله أن رافق والدي في رحلة علاجية الهند ومن ثم إلى لندن عام 1400 بما يزيد عن 90 يوما من باب الوفاء والصداقة المحضة.. تاركا خلفه كل مسلمات الحياة رحمه الله.. تلك الرحلة التي بينت عمق المحبة المتبادلة بين أبي والعم أبو محمد الربيعة.. نعم.. مات الشيخ أبو محمد وهذه سنن الحياة وقدر الله المّحتم على كل بني البشر.. لكن سيرته ومحبته لم تمت بحمد الله.. لقد احتوى مجلسه بالأمس مئات المعزين في منزله المبارك وجدرانه تتوسطه آيات من القرآن الكريم.. إنها فضائل الرجال.. ذلك العزاء الذي كان أبناؤه وأبناء إخوته يستقبلون الوفود من المقدمة إلى الأرائك.. لتقديم العزاء في مصابهم الجلل وبالأخص لأبنائه البررة الكرام الأخ محمد مساعد المدير العام التنفيذي للتسويق في الإدارة العامة لبنك الرياض الذي نسوق له العزاء الكبير وإلى إخوته عثمان وعبدالله وأحمد وعبد المحسن فهم نعم الأبناء البررة ونعم الرجولة التي تربو عليها والعزاء موصول إلى بنات العم أبو محمد هدى ونورة ونجلاء ومريم لأسال الله لكم جميعا الصبر والسلوان.. إنني أعرفهم حق المعرفة إخوة وأخوات سنوات طوال كبرنا مع بعضنا البعض.. تجمعنا المحبة والفرح والحزن.. سنوات تذكرنا (بروضة جوي) وتلك الصنادق المميزة والخيم الجميلة في ذلك الجو المهيب والأمطار الرائعة.. ونتعلم جميعا في ترداد يومي إلى المجمعة وأعمارنا في العشر سنوات.. نعم نتذكر تلك المزرعة التي سميت (بأم نخلة) كانت صفات الكرم من أبيهم تأخذ جانبا من حياته وحياة أسرته.. يفد إليه الفقير والمحتاج وذو صداقة وجاه.. لا يفرق بين فلان وفلان.. عزائي الصادق إلى والدتي أم خالد حفظها الله التي تربطها أفضل صداقة بأم محمد ابنة الشيخ عبدالعزيز الجبير رحمه الله.. والدتي أم خالد أشاطرك العزاء والألم على حزن أختك ومحبتك أم محمد الربيعة.. زمن طويل والصداقة تجمعكم على المحبة والوفاء.. .نعم العزاء أقدمه إلى والدتي (أم محمد الربيعة) وعليك بالصبر والتسلي بالدعاء الصادق على فراق شريك حياتك ومؤنسك أبا محمد .. تحلي بالصبر كما عهدناك قوية صابرة مترابطة.. والحمدلله على قضائه.. أم محمد أنجبت الرجال الصالحين والمتميزين وبنات كريمات.. سائلا المولى عزت قدرته لهن العزاء الصادق على فراق أبيهم الحنون.. وإلى أبناء إخوته الأجلاء أبناء الشيخ محمد / أحمد وصالح وإخوانهم وإلى أبناء الشيخ عبد المحسن وعبدالله وعبدالكريم وعبد الرحمن والأستاذ محمد والصديق عبدالكريم وإلى الشيخ عثمان الجبير وأخيه الداعية الشيخ د.خالد الجبير وأخيه مشعل.. وعزائي إلى الأستاذ ابن أخيه.. عبدالعزيز بن عبدالرحمن الربيعة مدير البنك الأهلي في المجمعة.. الصديق الوفي لأبي فهو نعم الخلق ونعم الباع الكريمة فالأخلاق تتعلم منه في تقدير كبار السن.. واحترام الكبير ووقاره.. هكذا تكون الأخلاق وإلا فلا.. إليك والدي حماك الله.. عزاء صادق في فراق صديقك الوفي والحمد الله على قضائه فاعلم حجم ألمك وتوجعك الكبير وإلى أخي خالد الذي تربطه المحبة والوفاء بأبي محمد فكم هو الألم حين الفراق.. رسالتي إلى الأخ العزيز محمد فأنت تعلم ولا تعلم.. فأبيك في القلب بين نبضات إخوتك وأخواتك.. سر على نهج أبيك وإن عصرتك مشاغل الحياة.. فأنت وإخوتك قادرون على صنع المواقف بعد فراق أبيك.. إنها شمائل الرجال.. تصنع وتعلم.. فأنت وإخوانك في قلوبنا ماحيي البشر.. والدتك والدتنا جميعا هي في حدقة العين من محبة والدتي لها.. جمعت خصال الخلق وشربته لنا.. وتجاوزت بأسرتينا إلى علو المجد.. لا يخترق معانيها إلا سؤدد الرجال.. هنا يكمن الوصل وتتهافت القربى بيننا.. رحم الله والدك وأسبغ عليه شآبيب رحماته.. وتقبله بواسع الرحمة وألهمكم الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون..