ما زلت أقف بقوة ضد الحرية التي يمنحها مسؤولو تحرير الصحف والملاحق الرياضية للكثير من المراسلين وبعض الكُتّاب غير المتخصصين في الكتابة عن الشؤون الفنية والدخول في تقييم المدربين وممارسة النقد غير الموضوعي (السطحي) تماماً كما هي أجواء المشجعين..!! لدينا الكل يستطيع أن يدلي بدلوه (الفني) بمسيرة ريكارد حتى لو كان في قرية لا يوجد فيها بث لمشاهدة المباريات..!! هذه هي الحقيقة المؤلمة.. غاب التخصص داخل الصفحات الرياضية فأُصيب الرأي وكُتّابه الحقيقيون بترهل وجعلهم يدخلون قائمة المعروض للقراء جنباً إلى جنب مع بضائع رديئة الصياغة والصناعة لكنها تلقى قبولاً جمركياً للأسف الشديد..!! انظروا مثلاً لتحليل المباريات صحفياً..!! ستشاهدون العجب العجاب، فالأمر لا يعدو كونه حملاً ثقيلاً على الصحفي أو المراسل (غير المتخصص) مما يجعله يكتب كلاماً إنشائيا أحياناً يخرج من خلاله بقالب جميل لتبرير هزيمة فريقه المفضل عبر الدخول في قرارات الحكم رغم أنه يحلل مباراة..!! مثال آخر: صحفي خبير (غير متخصص) يكتب بعد ثاني جولة من الدوري أن الهلال انخدع بالمدرب (دول توماس) وأن خبرة المدرب لا تعطيه الحق بقيادة فريق كبير كالهلال..!! فاز الهلال قبل أمس بأربعة أمام الأهلي وقبلها قدم عرضاً رائعاً أمام التعاون وكاد أن يفوز بنفس النتيجة مع ملاحظة أن جِلد الفريق وتحضيراته كانت مسببات للإرباك الذي يمكن أن يقابل أي مدرب بالعالم.!! ببساطة يخوض الكثيرون في أمور يجهلونها أو أنها ليست من اختصاصهم والسبب أنهم يجدون الطريق واسعاً للنقد والنشر..!! لست وصياً على الصفحات الرياضية لكني أحلم باليوم الذي أشاهد فيه الصحفي المتخصص فنياً أو متخصصاً بالتحقيقات أو متخصصاً بأخبار الصفقات بدلاً من المراسلين (بتاع كله)..!! لنعيد للصحافة الرياضية هيبتها وقوتها فقد أخرجت قيادات إعلامية بارزة ليس آخرها رئيس تحرير صحيفة الوطن طلال آل شيخ ولنشد على من يبحث عن التميز والتخصص وننمي قدراته فهيبة الصحيفة دائماً من هيبة آرائها وقوة كُتّابها ونوعية طرحها..!! حتى التلفزيون يجب أن يرتقي بنوعية محللي المباريات الذين يثرثرون بكلمات إنشائية مكررة دائماً دون أي رسومات أو بيانات أو إحصاءات دقيقة لواقع الحال في المباريات فأصبحت الأستديوهات التحليلية أحياناً مجالاً للثأر بين المحلل ومدرب الفريق أو رئيسه أو أحد لاعبيه..!! التخصص أمر جميل وقد عايشته واقعاً في عملي الصحفي الآسيوي واستمتعت فيه أيما استمتاع وأرى أن يدرك زملائي قيمته وأن لا يحاولوا أن يسيروا للكتابة عن كل شيء، فالتخصص يعطي مجالاً أوسع للقوة والثقة التحريرية والشهرة أيضاً مع الإيمان المطلق بأن الصحافة ميدان كبير يطمع الكثيرون بأن يلحقوا بكل أركانه..!! قبل الطبع القوة تبدأ بالقرار الصحيح..!