العصافير تلتقم الحبوب في الصباح الباكر.., ومتى شاءت لها أريحية الرحماء... تأتي في أسرابها، لا يلتقط منها عصفور ما يسد جوعه بمفرده.. إذ لن تجد عصفورا يغرد وحيدا، إلا من قيده الإنسان في قفص..! وهي لا ترد الماء فرادى.. إلا من أضاع منها سربه، أو اختلفت عليه الطرقات... سلوك العصافير, يتقابل مع سلوك النمل, في بعض وجوه.. والمتأمل في أصغر ما خلق الله، يتعلم أبلغ الحكم...، ويقف على أجدى الأمثال.. ولئن تفكر المرء في ذاته..، وفتح أوراق خصائصه...، لربما رأى فأيقن، بأنه لا يختلف عنها... إلا حين يُعمل هبة العقل فيه،... ومشيئة الخيار له.. تلكما ما ميزه الله تعالى بهما.. ليتفرد بسماته.. فيختلف عنها... لذا يأكل الإنسان وحيدا..., حرصا.. وينهل ماء رويه وحيدا..., تحسبا.. ويحرص على أن يقتني وحده..بما فيه اللقمة, والقطرة،... قد لا يعنيه أمر أن يكون في جماعة.. فلا يطمئن لشبعه إلا متى شبعت،.. ولا ترخى له جفون إلا متى أيقن بارتواء كل صادىء فيها... ذلك لأنه قليلا ما يحفل بأمر غيره... إن فضاء الكون يتسع للحكم، والعبر، والأمثال.. بكل ما جعله الله للإنسان آية.. مما يتحرك أمامه.. يدب.., ويطير..., ويسبح.., ويحلق...