الجامعة حين يكون أول أهدافها الإنسان، تكون آخر نتائجها مثمرة.. الإنسان يصنع النتائج، حين تكون أفعاله ليست أقوالاً ترمى على العواهن، ولا أحلاماً تذرى مع الريح، ولا أخيلة تمرق مع السراب.. حين تصبح الجامعة بوتقة عمل، وطموحاً يتحرّك لا يسكن، وشراكة عدالة لا طغيان فيها إلاّ للعمل دون تردُّد,.. فإنها تتجدّد، ومن ثم تُجدّد، والخلايا المتجدِّدة منتجة للحياة، فاعلة في النشاط.. في كيان يعيش.. في الفضاء مجرات، وكواكب، وأنجم،... فيها شمس لا تتبدّل مواقيتها..., وقمر لا يتأخر عن سيرورته،.. ومواقيت لا تعطل دواليبها.. في الأرض رواسي, لا تترك مكانها،... وتربة تتفاعل مع الماء يسقيها،.. والظل يبردها، والنار توريها، وتقويها،.. والأموات يكتنفونها،.. والأحياء يدبّون فوقها, فيحيونها.. معاشٌ.., قُدر له أن يكون قدوة وأمثالاً.. من النواميس الكونية نستلهم مسارنا،.. نتأمّل معادنا بعد معاشنا.. والجامعة هي الحياة، بكونها الكبير الشاسع الممتد.. والأصغر بنماذجه القريبة للتأمُّل.. خلق الله الكون وسخّر فضاءاته أرضاً, وسماءً, وبحراً للإنسان.. إذ ما خلقه وأهمله.., ولا خلق شيئاً باطلاً.. وخلق النفس.., فجعلها موئلاً للتذكُّر, والإبصار.. والإنسان صنع الجامعات لتكون كوناً مصغراً يدب فيه.., فينميه، ويحييه،.. متى سار فيه دؤوباً للعمل المثمر.. حريصاً على النهج المبصر...: جعل له شرعة مستمدّة من خلق قويم.., ونفس سخيّة، وعقل يقظ،.. وروح معطاءة،.. وجهد لا يتواكل ولا يتوانى.. جعل ليلها تفكُّراً وتدبُّرا.., ونهارها سعياً وعطاءً.. وجعل من ذاته شعلة،.. ومن قدراته ثقاباً،.. ومن يقظته حارساً، ومن حسه أمناً..، ومن طموحه مفاتيح،.. ومن وجدانه انتماء،.. ومن عينيه مداً، ومن وقته وعداً.. ومن عقله رافداً، ومن ضميره شاهداً,.. متى صنع الجامعة هذا الكون.. جاءت نتائج حصادها رخاءً.. كالذي يطمئننا الآن في خليّة الجامعة، من الشُّعل الموقدة والدأب في تنافس صناعة..، هدفها العلم، والمعرفة، وهما قوام صناعة الإنسان... حين يواكب الإنسان مسار النجاح، ويكون محور عملياته كلها. أقرأ هذه الصناعة فيما ينطق به كون جامعة الملك سعود الراهن.. في حراك بناء، ونقض، وبناء، وارتفاع، وانتشار, وسعة، وزيادة، وتطوير، وإضافة, وتدوير.., وتغيير، وتنوير، وشراكة.., ومشاركة.., وسواعد تحمل معاً، لا أيد تركن للدعة.. نبارك لجامعة الملك سعود المشاركة الدؤوبة بين أعضائها، ورموزها لتكون أنموذجاً للحياة في يقظتها، وحيوتها.. ويكون الإنسان هو نبضها.., من مقعد مديرها النابه.., لمدرج طالبها العطش، وبينهما كل قلب, لا يهدأ في وريده مسرى الحياة. ويقظة الروح. الشهادة فيها مجروحة.. غير أنّ الحق أبلج.. والكلمة مسؤولية.., فليوفّق الله الجامعات لتحذو نحو مسراها..