اكتملت الاستعدادات لانطلاقة مؤتمر التكفير.. (الأسباب - الآثار - العلاج) على مسافة 48 ساعة من اليوم حيث تبدأ فعالياته يوم الثلاثاء المقبل برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومتابعة دؤوبة من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية. واعتبر عدد من أصحاب الفضيلة المشائخ والعلماء أن إقامة هذا المؤتمر هو تأكيد على منهج هذه البلاد منذ عهد المؤسس والعمل على نبذ كل ما من شأنه النيل من ديننا الحنيف.. مؤكدين أن المؤتمر ومن خلال محاوره المتعددة سيسهم في إبراز الوجه الصحيح والسليم لديننا الإسلامي. منوهين ببعد نظر الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي يقف وراء تنظيم المؤتمر من خلال جائزة نايف للسنة النبوية والدراسات الاسلامية بالتعاون مع جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية. - حيث أكد فضيلة الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ عضو هيئة كبار العلماء أن ظاهرة التكفير من الظواهر الخطيرة, نشط دعاتها هذه الأيام في الأمة الإسلامية, مما دعا إلى حرص ولاة الأمر وأهل العلم في هذا البلد المبارك على مقاومة هذه الظاهرة ومكافحتها, وبيان السلبيات العظيمة الناتجة عنها. ولقد جاءت نصوص الكتاب والسنة محذرة من تكفير المسلم, ومبينة حرمة دمه, وزاجرة عن هذا الجرم العظيم, والفعل الأثيم, قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}. () وقال فضيلة الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء - عضو الهيئة العليا للجائزة إن الغلو في الدين والتشدد في التدين به والتنطع في الدعوة إلى التشدد كل ذلك ينتج الخروج عن مبادئ الدين المبنية على العدل والنصف واليسر ورفع الحرج والتماس الأعذار لمن تصدر منه بعض التصرفات الجارحة، وفقاً لمنهج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث روي عنه قوله: «ما كنت أحمل قولاً محملاً سيئاً وأنا أجد له محملاً حسناً». ولاشك أن الخروج عن مبادئ هذا الدين الحنيف ينتج الخروج عليه وعلى أهله وعلى ولايته ويبرر للولاة الأخذ على الخارجين بما يستحقون من عقوبات زاجرة ورادعة. ويقول فضيلة الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف: يأتي انعقاد المؤتمر العالمي من أجل إيضاح الحكم الشرعي للتكفير وبيان الجذور الفكرية والتاريخية لهذه الظاهرة والوقوف على أسبابها وإبراز أخطارها وأثارها وتقديم الحلول المناسبة لعلاجها، ويشترك في تنظيمه مؤسستان علميتان لهما دورهما البارز في خدمة الأمة ودراسة الظواهر السلبية التي تستجد في الساحة وتحتاج البحث عن حلول هاتين المؤسستان هما: جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ويكتسب هذا المؤتمر أهمية كبرى تزيد من قيمته وترفع من مكانته ألا وهي: التشريف والتكريم والرعاية السامية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، حيث يقام المؤتمر برعايته -أيده الله-. فالموضوع الذي يناقشه المؤتمر هو موضوع الساعة -كما يقال- لأن فتنة التكفير من أخطر الفتن التي ابتليت بها الأمة الإسلامية في هذا العصر وبسبب ظاهرة التكفير جرت محن وحروب وسالت دماء طالت عدداً من الدول، جرت ويلات كثيرة على أمة الإسلام، واكتوى بنارها كثير من الشعوب الإسلامية، وترجع نشأة التكفير بغير دليل إلى وقت مبكر من تاريخ هذه الأمة. من جانبه قال فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس إمام وخطيب المسجد الحرام، أنّ عقد هذا المؤتمر يعدّ من الجهود الحثيثة التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني -حفظهم الله- في خدمة المسلمين وقضاياهم المهمة، والاهتمام والعناية بالشباب وحمايتهم من الأفكار الضالة والمنحرفة وتحصينهم ضد الأفكار المتطرفة، التي تؤثر على دينهم تأثيرًا سلبياً. وأضاف فضيلته: إن من أجلِّ نِعم الله علينا وأتمِّها، وأعظمها وأعمها، نعمة هذا الدين العظيم الذي ارتضاه لنا وأكمله، وجعله مهيمنًا على الدين كله، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة: 3]، ولله ما أعظمه من دين، وما أحكمها من ملة، وما أرحمها من شريعة، وما أقومه من صراط، وما أزكاه من فضل {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58] كما جاء الإسلام بتحريم الظلم والبغي والجور والعدوان والأمر بالعدل والقسط والرحمة، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: (والشريعة أساس مبناها على الحكم ومصالح العباد). ومِنَ النعم السابغة التي أَوْلَتْها شريعتنا المباركة العناية الفائقة، وامتن بها المولى -سبحانه- على خلقه، مُذَكِّرًا إياهم بعظيم قدرها، وجليل شأنها وأثرها، ويَتلَهَّفُ إليها العالم في هذا العصر، هي: نعمة الأمن والاطمئنان. وأضاف فضيلته: لا يرتاب الغيورون على أحوال الأمة أنها تعيش زمن طوفان الفتن، وأن واقعها المريرَ يعج بفتن عمياء ودواه دهياء، قد انعقد غمامها وادلهمّ ظلامها، غير أن هناك فتنة فاقرة وبلية ظاهرة، فتنةً امتحن المسلمون بها عبر التاريخ، فتنةً عانت منها الأمة طويلاً، وذاقت مرارتها وتجرعت غصصها ردحاً من الزمن، إنها الظاهرة الجديدة بالتنديد والتنكير والمعالجةِ والتغيير، إنها فتنة التكفير، وكفى بها من فتنة تولد فتناً. ولقد أضحت هذه القضية من أخطر قضايا العصر المؤرقة التي رَمَتِ الإنْسَانِيّة بِشَررٍ خطير، واصطلى بها العالم، ولا تزال تَجُرُّ عليه من الويلات والرّزايا ما يجعل الولدان شيباً، وما ينتج عنها من تفجير وتدمير. وسيتم القضاء على تلك الآفة المهلكة -بإذن الله- بتضافر الجهود العالميّة والدُّولية والإقليمية، ومؤسسات المجتمع كافة، والمشاركة المُمَنْهَجَة في بناء الجيل الوسطى المعتدل، والمواطن الصَّالح، السّاعي في إعلاء شأن دينه وعقيدته وأمته. وإنّ ديار الحرمين الشريفين، وهي مُتنَزّل القرآن، وحِصْن الإيمان، ومولد سَيِّد ولد عدنان، قد ابْتُلِيت بهذا اللَّهَب، وليست هي بِمعزل عن العالم وقضاياه، وفتنة الابتلاء سُنّة رَبَّانية نُؤْمِن بها ونتدَرَّع لها، ولكن -بحمد الله ومنّته- كانت لها الصدارة في طرائق التصدي والقضاء على هذه الظاهرة المحمومة، وذلك بما حباها الله من الإيمان الراسخ بنصرة الله وعونه، وبما امتازت به من قيادة حكيمة رشيدة تحمِل هم الأمن والأمان في هذه الرُّبوع، وسائر الأوطان، وبما تُولي هذه المعضلة من عناية بالغة حثيثة، وجهود موفَّقة دؤوبة، على كافة الصُّعُد الأمنِيَّة والاجتماعية والإعلامية والعلمية والثقافية، وذلك من خلال المحاضرات والندوات والمؤتمرات والمطبوعات، والعلماء والخطباء، والدعاة ورجال الحسبة وحملة الأقلام. وها هي جائزة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية، النازعة إلى أسمى المنازع في العناية بالسنة النبوية، ونشرها بين الناس -على اختلاف ألسنتهم من شتّى البقاع وأقصى الدِّيار بأقوم المناهج، وأوسطها وأعْدلِها، وتربيتهم على أكمل المُثل وأسْنَى الأخلاق- وعلى دَأبها في مُعَايشة قضايا المسلمين، تَتَصَدَّرُ -مشكورة مأجورة- لعقد هذا المؤتمر العلمي المهم، الذي يَطْرُق حقيقة التكفير وأسبابه وفِكْرَه وبَواعِثه ومنابعه ويجلي آثاره، ويؤصِّل لعلاجه وحَلِّه، واجتثاث بوادره. وأضاف فضيلته: وفي مسك ختام هذا التصريح، أزجي وافر الشكر والتقدير، والتَّجِلَّة والتبجيل لراعي هذا المؤتمر الموقر، خادم الحرمين الشريفين -وفقه الله- وولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدَّاخليَّة ورجل الأمن وفارسه، داعيًا الله -سبحانه- أن يجعل جهودهم المباركة في موازين حسناتهم، ورفعة في درجاتهم. () ويقول فضيلة الأستاذ الدكتور علي بن عباس بن عثمان الحكمي عضو هيئة كبار العلماء عضو المجلس الأعلى للقضاء إن المملكة العربية السعودية سلكت منذ بروز هذه الظاهرة مسلك الطبيب الماهر في معالجة الحالات المرضية التي بين يديه، وذلك باتخاذها الوسيلتين الأساسيتين في معالجة أي مرض حسي أو معنوي. إحداهما: التخفيف من آثاره والحد من انتشاره. وهذا هو الجانب الأمني، الذي نجحت به نجاحاً ملحوظاً. والوسيلة الثانية: وهي الأهم في القضاء على هذه الظاهرة، -على المدى البعيد- وهي محاولة التعرف على أسباب تلك الظاهرة ودوافعها والعمل على علاجها، وتبصير الناس بها سواء من وقعوا فيها للعدول عنها، أو غيرهم ليكونوا على بينة فينبذوها ويحذروا الآخرين من الوقوع فيها. وقال فضيلته إن من أهم أسباب الإرهاب هو ظاهرة التكفير، التي انتشرت في أوساط بعض المنتسبين إلى الإسلام ، والزاعمين بأنهم حماته والمدافعين عنه. ولقد أدرك القائمون على جائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة أهمية هذا المسلك بعلاج الإرهاب، بالتعرف على أهم مسبباته وهي (ظاهرة التكفير) فدعت -بتوجيه من راعي الجائزة، وهو الخبير في مكافحة ذلك الداء الخطير- دعت إلى إقامة مؤتمر عالمي يعقد في المدينةالمنورة لتدارس ظاهرة التكفير ليشارك فيه أهل العلم والخبرة بعلمهم وخبرتهم لتشخيص هذه الظاهرة تشخيصاً دقيقاً، ثم تقديم الحلول المناسبة لتكون بإذن الله الدواء الناجع لهذا الداء. وتوقع فضيلته لهذا المؤتمر النجاح الكبير في هذه المهمة الشرعية الإنسانية العالمية لما يتوافر له من أسباب النجاح، لا سيما وأن جامعة إسلامية عريقة متخصصة في الدراسات الشرعية والإسلامية المعاصرة هي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مسهمة في إقامته، وسيختار له من قبل هاتين الجهتين الخبيرتين من هم في أعلى درجات العلم والمعرفة لتقديم البحوث العميقة والدراسات المتخصصة، وستكون بحول الله بحوث هذا المؤتمر وتوصياته خير معين على نشر الوعي بخطورة هذه الظاهرة وأسبابها وطرق ووسائل علاجها، لجميع المهتمين بهذا الشأن وبخاصة الشباب والدعاة ورجال الأمن، بل عموم المسلمين وغيرهم، كما أرجو أن يكون فيه تبصرة لمن جنحت بهم الأفكار المنحرفة بأن يعودوا إلى رشدهم، وأن يستبينوا الطريق المستقيم والمنهج السليم. وفي الختام أسأل الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الذي وافق على إقامة هذا المؤتمر برعايته وهو حلقة من سلسلة ذهبية من جهوده -حفظه الله- لترسيخ الأمن والأمان في هذا البلد الطيب.