نعيش منذ أشهر حمى الانتخاب في الوسط الثقافي وتحديداً في الأندية الأدبية بجميع فروعها وفق جدولة زمنية وضعتها اللجنة المشرفة على الانتخابات، انقضى منها مرحلتان كانتا صاخبتين عبر صحفنا يسودها الاعتراض والتشكيك والدخول في النوايا .. واتهام الوزارة عبر وكالتها الثقافية بعدة تهم تكشف عن المستوى الفكري للبعض من مثقفينا، ونحن نتابع الوضع المؤلم في صحافتنا من رؤى ذكرت لا يمكن لك إلا أن تصفها بالسلبية والمضحكة والمجحفة في كثير من تصريحاتها. في تصوري أن الكثير لم يقرأ البعد التنويري لمشروع ديموقراطي لا يمكن أن يتوقف عند انتخاب مرشح ما لمجلس إدارة نادٍ ما، فهذا المشروع الذي يسعى البعض بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لإجهاضه هو مفتاح انفراج في عدة قطاعات أخرى لتكريس المفهوم الانتخابي وامتداده ليصل إلى الكثير من المؤسسات الاجتماعية والثقافية والتعليمية، وعندما تأتي مثل هذه الاعتراضات غير المنطقية من المثقفين الذين يعتبرون من النخبة ستجعل من يفكر بأن يؤسس لمشروع الانتخاب في قطاعات أخرى أن يتريث كثيراً هذا إذا لم يلغ الفكرة نهائياً. لا أعتقد أن للوزارة مصلحة في فوز أي مرشح لعضوية مجلس الإدارة، بل إن ما تقوم به الوزارة الآن هو منتهى الشفافية والنزاهة، فما هي مصلحة الوزارة من فوز أحد رجال الدين في نادي مكة الأدبي برئاسة المجلس، بل إن هذا هو قمة الديموقراطية، وما هي مصلحة الوزارة في فوز شاب لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره بعضوية مجلس الإدارة في نادي نجران بعد أن كان الشباب لا يجرؤون على الوقوف حتى أمام مكتب رئيس النادي الذي حوَّله البعض إلى ملكية خاصة. والمضحك أن البعض يريد أن يعيدنا إلى الوراء من خلال مطالبته للتصويت الورقي في زمن الإنترنت والإعلام الرقمي فالكثير من الهيئات والجمعيات يتم انتخاب أعضائها عبر مواقع الإنترنت الخاصة بها وكل عضو ينتخب من يريد وهو في منزله عبر (اليوزرنيم والباسوورد) الخاص به، وما ينم الآن من انتخاب عبر أجهزة التصويت التي وفرتها الوزارة يختزل لنا الجهد والوقت والمال. أما من ينادي بابتعاد الوزارة عن الإشراف على الانتخاب وتركها للأندية الأدبية فإني سأطرح عليه سؤالاً عندما أريد كعضو في الجمعية العمومية الطعن في أمر ما يختص بمجلس إدارة النادي لمن أعرضه للمجلس الذي هو الخصم هنا أم للجنة إشرافية محايدة؟ في كل انتخاب لا بد أن تكون هناك لجنة مشرفة على الانتخابات ليس لها علاقة بالجمعية العمومية ولا بمجلس إدارة النادي، وبالتالي ستكون من وزارة الثقافة والإعلام. أعتقد أننا مجتمع لم يُثقف انتخابياً ولم يدرك أهمية المشروع ونحتاج إلى أن نتعاون إلى إنجاح هذا المشروع وتحديداً الصحفيون الذين ابتعدوا كثيراً عن الجانب التثقيفي وتسابقوا على الإثارة من خلال بعض الأصوات التي تسعى إلى التشكيك والقدح والإساءة للقائمين على الإشراف على الانتخاب، ولم يضعوا في أذهانهم أن مشروع الانتخاب لن يقف عند أبواب أنديتنا الأدبية.