بداية أسأل الله الرحيم أن يرحم شيخنا (عبدالرحمن بن سعيد) وأن يسكنه فسيح جناته. ** أما بعد.. فلقد عجبت لحال أولئك الذين ما أن ترجل الفارس حتى تقافزوا للإعراب عن تعاطفهم وطلبهم من الهلاليين إلى المبادرة بوضع اسم (ابن سعيد) على إحدى الصالات أو الملاعب التابعة للنادي كتعبير عن الوفاء وتخليداً لذكراه على حد تعبيرهم. ** هؤلاء لم تسعفهم حصافتهم كي يدركوا بأن الهلاليين أكثر نضجاً، وأعمق وفاءً من أن يهبطوا بتاريخ ومكانة قامة عملاقة بحجم (أبو مساعد) إلى هذا المستوى والنوع من التكريم والتخليد..؟!! ** ذلك أن مثل هذه الأنواع من المجاملات إنما تُمنح لعينات من الناس الذين يُخشى من اندثار مواقفهم إما لأنها عابرة أو طارئة.. أو لأنها مرحلية وبالتالي فهي لا ترقى إلى مستوى صناعة التاريخ الذي يحمي صُنّاعه من النسيان والاندثار. **وسأنطلق هنا من باب حُسن الظن بهم فأقول: إن اعتياد هؤلاء على تقييم الرموز في محيطهم وفق محدودية مآثر ومنجزات رموزهم.. هو من جعل أفقهم تتوقف في تقييمهم لرموز الآخرين عند هذه الحدود، وبالتالي فهم لا يلامون كثيراً على كونهم لم يستطيعوا الارتقاء بطرحهم المتعلق برمزية الشيخ إلى مستوى الحدث على طريقة (الجود من الموجود). ** ذلك أن الهلاليين لو وضعوا اسم الراحل الكبير -يرحمه الله- على جميع ملاعب وصالات النادي كما يطالب هؤلاء.. فلن يمثل ذلك في تقديري إلا ما نسبته واحدا في الألف وربما أقل مما يمثله البُعد التاريخي والرمزي لشرف تأسيس (سيد آسيا وزعيمها). ** لذلك نقول لهؤلاء: وفروا إرشاداتكم.. فالرجل الذي تتحدثون عن تكريمه حسب معاييركم القاصرة. ** هو ذلك الرجل العصامي الذي بنى وشيد وأسس نادي القرن الآسيوي دون أن يتكئ على أية صفة اجتماعية تدعمه وتفرضه لكي يكون رمزاً (بالمشعاب) كما هو شأن بعضهم.. مع أن ما قدموه لرياضة الوطن لا يتجاوز كونه أشبه ما يكون بالشامة على وجنة الجارية السوداء قياساً بمآثر شيخ الرياضيين التي تحتاج في رصدها إلى مجلدات. **يعني بصريح العبارة.. يكفي الشيخ (رحمه الله) شرفاً وتكريماً.. أنه مؤسس الصرح الهلالي العملاق. ** نعم: يكفيه أنه كلما ذُكر زعيم آسيا ذُكر (عبدالرحمن بن سعيد)، وأنه كلما ذُكرت الريادة الحقة والخالية من المجاملات والتشويهات، ذُكر (عبدالرحمن بن سعيد).. وأنه كلما ذُكرت الأولويات والمنجزات الخالدة، ذُكر (أبو مساعد).. بمعنى أنه طالما ظل الزعيم ملء السمع والبصر، وهو كذلك -إن شاء الله-.. فإن (أبو مساعد) سيظل ملء الذاكرة بطولها وعرضها.. وسيظل متربعاً في وجدان كل رياضي نزيه، كما هو في صحائف وذاكرة التاريخ الذي لا يكذب ولا يتجمل شأنه في ذلك شأن كل العظماء من صُنّاع التاريخ ورواده الذين لا يجود بهم الزمان إلا نادراً. اللي نمسي فيه نصبح فيه؟! ** ترسخت مؤخراً بعض المفاهيم المنطوية على الكثير من الأضرار بحق كرتنا ومستقبلها سواء بقصد أو بدون قصد والتي ظهرت نتائجها عياناً بياناً - مع الأسف - والله وحده أعلم بالقادم..؟! ** من هذه المفاهيم (المضخمة) مقولة: (إعلامنا الرياضي أقوى من واقعنا الكروي..؟! ** المؤسف أكثر أن هذه المقولة صحيحة إلى حد بعيد، ولكن ليس بالمعنى الصحيح والصحي للكلمة. ** ذلك أن ارتفاع واتساع معدل الثرثرة، وترك الحبل على الغارب لكل من هب ودب لإفراغ عقده ونقائصه عبر وسائل الإعلام المتهافت تحت بند النقد والتحليل.. لا تعني القوة بأي حال بقدر ما تعني الفوضى والانفلات. ** إن ما أُثير حول الأخضر وتشكيلته الأخيرة منذ الساعة الأولى من إعلانها بقناعة فنية من العالمي (رايكاد) ومساعديه.. من شكوك وتلميحات ولت وعجن.. ما هو إلا نتاج تلك الفوضى المعتادة.. وتوطئة للقادم من ممارسات (الجلد)، وجعل المنتخب يعيش تحت وطأة الضغوط والارتباك وبالتالي إلى الفشل كنتيجة محتملة لهكذا ممارسات غير بريئة..!! ** الكل لاحظ اللغط والزوبعة المفتعلة كالمعتاد حول (نور) وما تلاها من ذيول ما تزال تثار بين الفينة والأخرى، وكأنه صاحب سوابق مشهورة في إنقاذ المواقف العصيبة للمنتخب وليس العكس..؟!! ** المضحك أن هناك من يعزو مشكلة تضخيم الأمور والخوض في كل شاردة وواردة تخص المنتخب من قبل الكثير جداً من الأقلام والأصوات غير المؤهلة.. للعاطفة. ** وأنا أقول: هذه ليست عاطفة بقدر ما هي (استهبال) وعدم احترام للمنطق.. فضلاً عن استمراء واستسهال الضرب على وتر الانتماء للأندية على طريقة (أين لاعبنا، ولماذا لاعبهم)..؟!! ** السؤال: لماذا لا يكون ثمة قدر معقول من التوازن بين الأداء الإعلامي وبين واقعنا الكروي حتى لا يطغى (التهريج) ومن ثم يتحول إلى (قوة) نباهي بها ونفاخر على حساب الأهم..؟!! ** سؤال آخر: كيف يمكن للهولندي (رايكارد) أن يصلح في شهر ما أفسده أسلافه على مدى سنوات؟! عيّنة ** غير ملهاة (نور) الموسمية التي تفتعلها بعض المطبوعات والبرامج المفلسة لزوم الاستهلاك.. ظهرت ملهاة حديثة تتمثل في مهاجمة المسؤول عندما لا يظهر إعلامياً للحديث حول حالة ما.. وعندما يظهر ويتحدث، يهاجمونه ويسخرون منه على غرار ما يحدث (للمسحل) هذه الأيام على خلفية مباراة استراليا.. يعني (لا كذا عاجب ولا كذا عاجب)..؟!!