حين يقترب المسافر من الرياض إلى القصيم، ويحاذي منطقة الزغيبية التابعة لمحافظة عنيزة وتقع في الناحية الشرقية منها، يلاحظ وجود لوحة كتب عليها : وادي بقر، وأذكر أنني قرأت قصيدة لأحد الشعراء في خراسان في الحروب الإسلامية، إن لم تخني الذاكرة، حيث ربط الشاعر في بيت من القصيدة بين عنيزة وذي بقر كموقعين، وطوال سنين خلت كنت أتذكّر هذه القصيدة في كل مرة أعبر الطريق السريع ذاهباً أو عائداً من الرياض، لكنني لا أعرف أين الكتاب حالياً، وربما كانت عادة الإعارة البغيضة التي أعترف أنني بالكاد تخلّصت منها بعد عناء من عدم استعادة كتبي، قد ساهمت في فقد الكتاب الذي قرأت فيه تلك القصيدة، ومن خلال البحث عن الرابط بين عنيزة ووادي بقر، أو ذي بقر كما ذكر الشاعران؛ وجدت قصيدة أقدم بكثير من تلك التي أشرت إليها آنفاً، وتربط بأسلوب مقارب بين عنيزة وذي بقر، وهي للنابغة الجعدي، شاعر مخضرم، عاش في الجاهلية والإسلام، وفي قصيدته : ألم تسأل الدار الغداة متى هيا .. يذكر عنيزة في أحد الأبيات ويربط بينها وبين ذي بقر، في قصيدة طويلة مطلعها : أَلَم تَسأَلِ الدارَ الغَداةَ مَتى هِيا عَدَدتُ لَها مِنَ السَنينَ ثَمانِيا بِوادِي الظِباءِ فَالسَليلِ تَبَدَّلَت مِنَ الحَيِّ قَطرًا لا يُفِيقُ وَسافِيا إلى أن يقول : فَأَصبَحَ بِالقِمرى يَجُرُّ عَفاءَهُ بَهِيمًا كَلَونِ الليلِ أَسوَدَ داجِيا فَلَمّا دَنا للخرجِ خرجِ عُنَيزَةٍ وَذِي بَقَرٍ أَلقى بِهِنَّ المَراسيا لَها بَعدَ إِسنادِ الكَلِيمِ وهَدئِهِ وَرَنّةِ مَن يَبكي إِذَا كانَ باكيا ومع الاعتراف بأنني لست متخصصاً في التاريخ، ولهذا لم أستطع فك الكثير من رموز بعض المواقع في القصيدة، لكن رابطاً ما هو بالتأكيد متوفر هنا، خاصة حين يذكر موقعان متقاربان في قصيدتين، المفقودة بالنسبة لي، وهذه القصيدة، واتفق الشاعران وإن اختلف الزمن بينهما على ذكرهما، وهو ما ولد القناعة بارتباطهما، ومادام للأمر علاقة بالتاريخ؛ أتمنى فعلاً أن يوجد من لديه تفسير تأريخي لما ورد في القصيدتين، وارتباط الموقعين بما هو موجود حالياً، وقد ذكرت مكانه بالتحديد. ولاشك عندي بأنهما هما المعنيان من خلال ما ذكرت من مبررات تخص ذكر الموقعين من شاعرين.. والله الموفق..