لم يَعُد السكوت عما يجري في سوريا مريحاً للضمير.. لضمير أي إنسان كاتباً أو سياسياً أو حتى إنساناً عادياً. القول بأن الأحداث التي تشهدها سوريا شأن داخلي لا يجب أن يتدخل فيه أحد قولٌ يبتعد عن الصواب؛ ففي الحالة السورية نجد أن أطرافاً معادية للعرب وللسوريين تُصعِّد الموقف، وتشارك في عمليات القتل العمد الذي يتعرض له السوريون، ثم إن سقوط عشرات الأشخاص قتلى يومياً، الذين تتصاعد أرقامهم حتى وصلت أمس الأحد إلى أكثر من مئة قتيل في مدينة حماة من المدنيين، إضافة إلى مقتل عشرات آخرين في مدن أخرى، أمرٌ لا يمكن السكوت عليه. أن يحصل تمرد وحتى عصيان في مدينة أو منطقة ما فإن ذلك يمكن أن يعطي مبرراً للنظام لكي يعالج الوضع، وأن نسمع منه أن هناك (تآمراً)، أما أن تخرج جميع المدن والمناطق السورية عن طوع النظام، والنظام لا يستطيع إخضاع كل تلك المدن إلا بالدبابات وبفِرَق الموت، التي يطلقون عليها في سوريا اسم (الشبيحة)، فهذا أمر لا يمكن السكوت عليه بعد الآن. الوضع في سوريا لا يمكن أن يعود إلى ما كان عليه قبل اندلاع ثورة الشعب، التي أصبحت مشتعلة في جميع الأراضي السورية، تتنقل من مدينة إلى أخرى، وقوات الجيش والأمن تلاحق الثوار، ومع سقوط مزيد من القتلى وتواصل التجاذب والتواجه بين قوات الأمن والجيش وفِرَق الموت (الشبيحة) من جهة والشعب من جهة أخرى سيصيب النظام وقواته، وحتى القوى والعناصر الخارجية من خبراء الحرس الثوري الإيراني وعناصر حزب الله اللبناني، الإنهاك وستضعف قبضة النظام، خاصة أن الثوار السوريين مقبلون على انتهاج استراتيجية جديدة في شهر رمضان المبارك؛ إذ ستنطلق التظاهرات بعد صلاة التراويح ليلياً، وسوف تنتقل هذه التظاهرات من درعا إلى ريف دمشق إلى دير الزور إلى حماة وحمص إلى أدلب، وغيرها من المدن السورية، وهذا سيجعل القوات العسكرية والأمنية - إن بقيت على ولائها للنظام - في حالة عمل منهك ودائم لا يمكن أن يستمر بالحدة والتواصل نفسيهما، وهو ما سيُعجِّل بسقوط النظام تأكيداً لمقولة «إرادة الشعوب دائماً لها النصر في النهاية».