من ذا الذي لا يغنى سوى الله، ومن ذا الذي يبقى ويدوم سوى الذي لا إله إلا هو؟ وفي النص القرآني {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } القصص 88، وقوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } الرحمن 27، ودوام البقاء في الأحقاب ربما يكون لما تسطره الأقلام أو للصور والتماثيل التي ينكرها الإسلام، ويعتبرها نوعاً من الأصنام التي يعكف على عبادتها وتتخذ قيما بعد آلهة تعبد كما هي حال الأقوام التي أخبرنا القرآن الكريم بها ولكن هناك شيئا يعتبر رمزاً للذكرى، عند مشاهدته والنظر فيه فيترجم لنا حياة صانعه، وذلك كالخط، أو الصورة الفوتوغرافية أما عدا ذلك مما يذكر بصاحبه، ويشهد له بكينونة وجوده في عصر سالف فيوجب الإسلام الترحم عليه وطلب المغرفة له، والميل إلى إيجاد مثل هذه الصورة قائم لدى بعض الأدباء والمؤلفين والشعراء والمفكرين، الذين يحاولون رسم ما يحيي ذكرهم حقبة أو أحقاباً من الزمن. وأصحاب الفكر ممن تركوا أثراً لوجودهم يحقق لنا بأنهم مرُّوا عبر التاريخ الذي اتصل بنا بعدما خلفهم وراء ظهره، وقد حرصوا على وضع بصماتهم على ما فعلوه ليقولوا لنا كنا كذلك، وكأنهم بذلك يوصوننا بأن نترك أثراً لمن خلفنا ونفعل مثل ما فعلوا. من تلك الصور والتي حرص على إيجادها الشعراء فيما نقرأ في ما تركوه لنا من دواوين صدّروها ببعض أبيات من شعرهم الذي يذيلون به صورهم الفوتوغرافية التي يرسمونها على أغلفة مؤلفاتهم الشعرية مثل ما نظمه الشاعر كمال نصرت: إن متُّ فالشعر بعدي يخلد لي ذكرى يخلده في الناس ديواني(1) (1) من موضوع نشر تحت عنوان - الشعراء يرسمون صورهم - في المجلة العربية العدد 403 شعبان 1431ه وكاتبه أحمد العلاونة - من الأردن.