ما زال سماسرة سداد الديون المتعثرة يمارسون أنشطتهم المشبوهة بحرية تامة برغم مخالفتهم الأنظمة والقوانين. صمت الجهات الرسمية حيال أنشطتهم التمويلية ساعدهم على تثبيت أقدامهم في (سوق الإقراض البديلة) التي باتت تحقق لهم أرباحاً ضخمة تصل نسبتها إلى 40 في المائة من رأس المال. أبدع السماسرة في تلبية طلبات عملائهم المحتاجين، وفق منتجات متطورة متوافقة مع متطلبات الشريعة الإسلامية!؛ أصبحت «المرابحة الإسلامية» المنتج المفضل لهم، فتوسع نشاطهم التمويلي ليشمل معارض السيارات التي تُستَخدم (لأسلمة) القروض. حرص السماسرة على توفير الفتاوى الشرعية المكتوبة، لطمأنة عملائهم الحريصين على عدم الدخول في الربا!. لم يدفع الوسطاء تكاليف الهيئات والاستشارات الشرعية، بل اكتفوا بتوجيه سؤال مباشر لمجموعة من العلماء المختصين حول حكم الزيادة في البيع الآجل، أو ما يطلق عليه (البيع بالتقسيط)، دون ربطها بعملية التمويل الموجهة لسداد الديون!، فحصلوا على الفتوى الشرعية التي استخدموها لتسويق بضاعتهم الرديئة. نجح مخالفو الأنظمة والقوانين في تشكيل سوق تمويل موازية للسوق الرسمية!. الأرباح الضخمة والسريعة في (سوق الإقراض البديلة) زادت من عدد المنافسين الذين اجتهدوا للوصول إلى أكبر شريحة من عملائهم المُستهدفين. استخدموا الإعلان على صرافات البنوك كوسيلة من وسائل الترويج البدائية، ثم تطورت أنشطتهم الدعائية إلى الصحف، وتمادى البعض في استخدام المحطات الفضائية للإعلان عن خدمات التمويل التي يُمنع تقديمها خارج النظام المصرفي!. بعض كبار الممولين اقتحم مجال التسويق المباشر، واستغل بعض موظفي البنوك في الترويج «لتمويل الأفراد بصفة غير مشروعة. السيد نبيل المبارك، الرئيس التنفيذي لشركة «سمة»، اتهم بعض موظفي البنوك باستغلال مناصبهم من أجل الترويج للقروض المشبوهة؛ وهو أمر متوقع، فلا يمكن لسماسرة سداد الديون المتعثرة ضمان أموالهم المُقرَضة للمتعثرين دون الحصول على دعم لوجستي من بعض المتواطئين. الأكيد أن المصارف لا يمكن أن تكون على اطلاع بتلك المخالفات، فهي لا تقبل البتة بارتكابها، ولن تتردد في معاقبة المخالفين وتسريحهم من العمل؛ إلا أن عدم العلم، ورفض المُخالفة قد لا يُعفيها قانونياً من تداعيات أخطاء الموظفين. إضافة إلى ذلك فالمسؤولية قد تطال المصارف بسبب عدم اتخاذها إجراءً حاسما مع من يستغل اسمها في الترويج لقروض سداد المديونية باستخدام المنشورات، الصحف السعودية، أو المحطات الفضائية؛ إعلانات إبراء الذمة من قبل البنوك قد لا تعني شيئاً مع وجود الجهات القضائية التي يمكن اللجوء إليها لمحاسبة المُخالفين. سارعت شركة «سمة» لنفي أي علاقة تربطها بسماسرة الديون المتعثرة، ونشرت إعلاناتها التحذيرية في جميع الصحف السعودية بعد أن لاحظت استغلال اسمها من قبل جهات مختلفة بقصد الترويج؛ وهددت بملاحقة كل من يستخدم اسمها في الإعلانات الترويجية. مؤسسة النقد العربي السعودي حذرت أيضاً من التعامل مع سماسرة القروض غير الشرعيين، إلا أن التجاوب مع تلك الإعلانات كان محدوداً جداً، فالتحذير قد لا يؤتي ثماره إن لم يُقرن بالملاحقة القانونية، والعقاب.