.. وأخيراً تحققت الأحلام أو جزء منها، بعد أن أقر مجلس الوزراء الموقر تدريس اللغة الإنجليزية ابتداء من الصف الرابع للمرحلة الابتدائية بدءاً من العام القادم، ولا شك أن هذا القرار قد تأخر كثيراً ولكنه وصل، فاللغة الإنجليزية هي العقبة الكؤود أمام طلابنا وطالباتنا مهما حققوا من تفوق في المواد الأخرى؛ حيث تبقى اللغة الإنجليزية حجر عثرة في طريق جميع الدارسين دون استثناء، وذلك بسب إهمالها وتجاهلها وعدم الاكتراث بها من خلال ما يخصص لها من حصتين أو ثلاث في الأسبوع، وما يتم في تلك الحصص المحدودة من ممارسات متعمدة لتضييع فائدة تلك الحصص وتمييع وقتها وهدره؛ حتى تنقضي دون أي فائدة، هذا هو حال أغلب مدارسنا، معلميها وطلابها، في تعاملهم مع حصص اللغة الإنجليزية، وقد يكون هناك بعض الاستثناءات النادرة التي تشجع على تعلم اللغة الإنجليزية، مثلما حدث معنا نحن طلبة ثانوية الملك عبد العزيز بالنماص في الصف الأول - على ما أذكر -؛ حيث كان مُعلّم اللغة الإنجليزية (الأردني الجنسية) يمنع علينا منعاً باتاً التحدث باللغة العربية أثناء حصة اللغة الإنجليزية، بالرغم من عدم معرفتنا السابقة لأبجدياتها بفضل المرحلة المتوسطة التي لم نخرج منها إلا ب (يس ونو)، ومثلما قال الفنان المختفي عبد العزيز الهزاع (أي بي سي دي والبس ثوب جديدي وإي إف وخذ كف). الشاهد أن معلمنا الأردني كان يحثنا بقوة على محاولة تعلُّم هذه اللغة المهمة، إلى درجة أنه في حالة عجز أحدنا عن التحدث باللغة الإنجليزية فإنه يجبره على الخروج من باب الفصل ويخرج هو معه، ويقفان سوياً أمامنا، ولكن خارج الفصل، ويتحدثان بالعربية، وذلك إصرار من المعلّم على عدم كسر قانون المنع الآنف الذكر، وإمعاناً منه في الوقت نفسه على تشجيعنا على محاولة التعلم تحاشياً للحرج الذي يتعرض له الطالب الواقف على عتبة الباب أمام بقية الطلبة. ولو كان جميع المعلمين والمعلمات يتبعون أسلوب ذلك المعلم الأردني نفسه لكان حالنا مع اللغة الإنجليزية أفضل نسبياً. وعوداً على بدء، أقول إن الفرج وصل، والأمر حصل، وها نحن أمام هذا القرار الناجح الذي أقره مجلس الوزراء، ولكن ما أود الإشارة إليه والاستغراب منه هو تصريح سمو وزير التربية والتعليم الذي أعقب صدور القرار؛ حيث قال «إن هناك نقصاً حاداً في معلمي ومعلمات اللغة الإنجليزية»، ولا أدري إن كان سمو وزير التربية والتعليم على اتصال مباشر وتنسيق مستمر مع وزير الخدمة المدنية أم لا؟! حيث إن وزارة الخدمة المدنية تشهد بياناتها وملفاتها أن هناك معلمي ومعلمات اللغة الإنجليزية بشهادات بكالوريوس تربوي تخصص أدب إنجليزي ومن خريجي عام 1425ه ما زالوا على قوائم انتظار التعيين! ولدي شخصياً عينة للمعلمات المنتظرات التعيين منذ ذلك التاريخ حتى الآن؛ فكيف نفهم تصريح سمو وزير التربية والتعليم بأن هناك نقصاً حاداً في معلمي ومعلمات اللغة الانجليزية؟؟ أرجو ألا تقع وزارة التربية والتعليم في غلطة قاسية تقضي على هدف وروح قرار مجلس الوزراء، وذلك بإسنادها تدريس المرحلة الابتدائية لأي معلم من المعلمين الموجودين بالمدارس، بحجة أن منهج اللغة الإنجليزية للمرحلة الابتدائية سهل وميسَّر؛ وبالتالي فإن بإمكان أي معلّم غير متخصص أن يقوم بتدريسه!! عند ذلك ستحدث كارثتان، ونخسر مرتين: الأولى عدم تعيين المعلمين والمعلمات المتخصصين والمؤهلين في اللغة الإنجليزية، والثانية عدم استفادة الطلبة والطالبات وعدم تعلمهم اللغة الإنجليزية بالشكل الذي يتوافق مع طموحاتنا وطموحات وزارة التربية والتعليم. أرجو من سمو وزير التربية والتعليم أن يطلب بيانات المعلمين والمعلمات المسجَّلين على قوائم الانتظار بوزارة الخدمة المدنية قبل أن يتخذ أي إجراء بشأن هذا القرار. والغريب أن نائب وزير التربية والتعليم قد صرح أيضاً بأنه «يصعب تطبيق القرار لسببين: أولاً لارتباطه بتوافر عدد المعلمين والمعلمات وكفاءتهم، وثانياً لإمكانية الاستفادة من التجربة المبدئية نفسها وتقييم مدى قوتها وأوجه الضعف فيها». وأنا أقول: بالنسبة للشق الأول من تصريح نائب الوزير فإجابته لدى وزير الخدمة المدنية كما ذكرت آنفاَ. أما الشق الثاني المتعلق بنجاح التجربة من عدمها فهي ناجحة بكل المقاييس؛ لأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، ولأننا كلنا نؤيد التجربة، وجميعنا عانينا من ضعف اللغة الإنجليزية بسبب ذلك التجاهل المستند إلى بعض المخاوف والهواجس التي تعشعش في بعض الأذهان!! كفى قلقاً،ومرحباً بتطبيق القرار، وهيا إلى إعداد المناهج وتعيين المتخصصين في الأدب الإنجليزي. [email protected]