حينَ تأذنُ لنفسكَ بتجريحي حينَ لا تأذنُ لي تضميد جِراحي.. قاسٍ أنتَ، ومؤلمٌ -حدّ البكاء- إعراضك.. تعبثُ بأعصابي، أستجلي بساتيني، وتُزمّل بساتينك عني... في ليلةٍ تشوبها العوالق الترابية، قضيتها بانتظارك، تهبّ رياحك وتقتلع استقرارًا كان بداخلي، خلتكَ نسيماً يلطّف جويّ، يُداري اضطراباتي الداخلية، فإذا بك ريحاً تنزعني، تُزعزعني... إن مُعاناتي -أيها القريب البعيد- أني أعيشك دون كيفيّة... أراك دون وضوح... أحتاجكَ دون وصول... بل إن مُعاناتي تتجلّى في -محاولة تلوَ فاشلة- على فهم تعرضك لي، ذاك الذي يحدث دون إيذاء! ألوذ إليك بحثاً عن أعماق ونقاء ونضارة لا أجدها ولا أميّزها إلا فيك؛ لأني -ببساطة- لا أعرفها إن تمثّلت في غيرك ومع كل مرة و-ككل مرة- أنتكس أسفًا إلى دارٍ لا أوحي فيها غير أصداء أدباء ماتوا بعمق حسراتهم..! *** أكتب إليك و-تسخر من صدقي رسائلك- وتتقاطع على مسافاتها علامات التعجب والاستفهام التي لا أفهم ما بعدها وما خلفها، ولكن -وفاءً لك وربما جنوناً - أحاول تفهّمها، تفكيك شفراتها، ورغمَ الضنى، وانقباضات قلبي ورئتي، لا أثق في (كل) الإجابات التي أخرج بها! الأسئلة المعلّقة حولك- بين المرغوب والمرفوض- تكثر هذه الأيام، كيفَ، وأينَ، ومتى، وهل، وحقًا، ولماذا؟ سؤالاً يلدُ عشرة، وعشرات تتكاثر في واحاتِ توقي، يئدها هجيرك المُتعمّد ف(أخرس) وألتاع وأستنجد بالسهر، لأجد السهرَ لوناً باهتاً، تعبيرًا باردًا، جناحاً مكسورًا، خيمةً مشرّعة تكشفني إلى العالم/ إليك تحديدًا... ليسَ مهمّاً أن تجيب -هكذا تعتقد-!! *** لستُ جائعاً، (رُدّ قلبي)، لن أجوع إليك بعد اليوم، ها أنا أنتقل من لهفةٍ عمياء تحشد في جوفها جميع قَصص ما قبل العصور الوسطى إلى رغبة ساخنة -لكَ طبعاً- في الانتقام! لستُ صادقة! أنا التي -لا أقول لا أؤذي نملة- ولكن أقول أن نملةً تُؤذيني، يستحيل أن أفعلها -على الأقل معك-!! أترى؟ في عمقِ خيبتي وغرقي في الألم، أعجز وأحذر وأخشى إيلامك! *** سلمّتك قلبي لا مزيّفاً، لا مزوّراً، وسلمّتني بدورك مغاراتٍ قد أقضي طيلة عمري محاولةً الخلاص منها!! فظيعٌ أنتَ! في غمرة حبك لي، في غمرة إحساسي بقربك مني-روحيّاً- تُصرّ على تجريحي، إفقادي توازني العقلي والعاطفي، كأنما تؤمن بالاغتراب، أو بعبارةٍ أصحّ عواقب التغريب الروحي التي تؤزّ الثابت/ تثير الخامد! تُعلن استفزازكَ العاطفي من خلفِ الأسوار، بمزاميرٍ لا يحترفها غيرك، حتى أسلوبك يختلف! حتى لغتك تختلف! إنها المرة الألف التي أعترف أمام أوراقي بأنك إنساناً فريدًا في مزاجه وعلاقاته -لهذا أحببتك- من الأعماق حتى النُخاع أجدكَ مُغايرًا...! *** في هذه الليلة المُوغلة بالكمد... تكسوني فيها بالدماميل، تجعلني أسير فيها حافية المشاعر، خاويةً من كل دفء، أتلفّت يُمنة ويسرة، بحثًا عن رائحة ذكرى/ عناوين كتب نائمة منذ أشهر، علّها تحوي شتاتاً، علها تشرح صدودًا، وما زلتُ في انهماكي، وتخبّطي في الفراغات، أتتبّعك، أتقفّى آثارك، وأنتَ تراني، تسمعني، تتجسس على نبضي من خلالي، ولا تتوقف!! *** أحتاج إليك... إنه اليوم الذي أعيش فيه مُتناقضات الحاجة إليك ولا أحيا بها! إنه الإحساس الذي يطوف بي حول كل تمرّد تحترفه كلماتك!! في داخلك -طفل- شقيّ يُشاغبني، صوت ضحكاته يخترق طبلة أذنيّ! من فضلك، يامن تختصر كل العيون الصادقة/ الأرواح الطاهرة: هذّب هذا الشقي وعلّمه كيف يُشيع السلام، كيف يتحلّى بالوقار!! *** أناديكَ، وأنا أتقرّح وأنزف وأتشقق،أنتَ يا -راسخاً في أعماقي- أنتَ يا من أرى في عينيه ذاتي، أن تكفّ عن هذا الأسلوب/ الخفق القاهر، دعني أحياكَ كما أنتَ -وفقَ لا منطقيتك- لا كما تتعمّده إزاءي، تعلم وأعلم ما بيننا، لا تتسبب في نتق فؤادي، دع الوجدان فيما بيننا تشهدُ على عاطفةٍ راقية متنزّهه من شوائب عواطف غيرنا!! *** إنها نجوى! إنه حديث أودّ منه أن يأخذك إلى دنيا من السواد صنعتها لي! آه لو تتذوق معي الحنظل!! ستدلف معي إلى أبعادٍ من المرارة مرارتها أبعد وأمرّ -بكثير- من معرفتها نظريّاً! *** تُصغي إلى شجني، وتُبصر كآبتي، ولا تتقدم قيدَ أنملة! كيف أتقاضاك؟ وأنتَ الذي تنسب أفكاري إليك؟ وأنت الذي يُعجبه ضياعي! اشتعالي إلى درجة الانكسار! *** ورغم كل ما اقترفته بحقي، أعذرك! أخلق من العدم تفسيرات لا محسوسة أواسي بها روحي بل أتمنى - في ذروة انشغالي- أن تعذرَ شغفي! وأنتَ الذي تتسكّع بقصدٍ وغير قصد نحو الاتجاهات الأربعة في قلبي، علّمني أن أكون مثلك؟ أحبّ وأعرض، بنفس الوقت! علّمني أن أغتال الحنين في وسطِ حضوره! علّمني أن أحبّ دون صوت! دون قلم! دون عيون! سئمتُ -جدا- تفاصيلك التي أحيلها إلى رواياتٍ تتناقلها ألسنة الإعلام العالمي!!