التلاعب بالأنفس والأرواح مقابل حفنة من الدنيا

بطش المروجين يوقع بالمحارم

مازال الاستهداف مستمرا من قبل عصابات تهريب المخدرات التي تقف وراءها عصابات دولية... حتى أصبحت هذه السموم القاتلة من أكثر المواد عابرة للقارات أو بالأحرى «محاولة لعبور الحدود» عن طريق التهريب والمغامرات وتحدي القوانين والأعراف واللوائح الدولية وجعل بعض الدول محطات للعبور والمرور للوصول إلى الهدف المنشود في ضرب عصب الأمم بشبابها.
وفي كل مرة تكون فيها محاولات التهريب تستهدف مجتمعنا من قبل عصابات الشر، لتكون الأجهزة الأمنية، ورجال مكافحة المخدرات تحديدا على قدر رفيع من اليقظة والمتابعة والترصد.. وسد الثغرات أمام مرور تلك السموم وعبورها ونفاذها إلى أوساط المجتمع حتى لو كانت عمليات الترويج في مراحلها النهائية، ولو أدى الأمر إلى تضحية بعض من رجال مكافحة المخدرات بأرواحهم حماية للوطن الأغلى من الدم، وهذا الذي يحدث في كثير من الأحيان.
ومن خلال قراءة متعمقة لمجريات بعض الوقائع التي تبرز فيها جهود رجال مكافحة المخدرات، نقف على حجم الاستهداف، واستبسال هؤلاء الرجال، وفي الوقت ذاته نتعرف على الوسائل التي يستخدمها المروجون، وكذلك الخطط المعدة من أجهزة الأمن لإفشال مخططاتهم وإبطال محاولات اختراقهم أمن الوطن.
وافدات ينقلن (34) كيلوجرام من الحشيش المخدر في مناطق حساسة من أجسادهن
من المحاولات التي جرت لترويج كميات كبيرة من المخدرات في أوساط المجتمع، محاولة رجل من جنسية إفريقية ومعه أربع نساء من جنسيته إدخال 34 كيلوجرام من الحشيش المخدر إلى الأراضي السعودية وتحديدا إحدى المدن المهمة المكتظة بالسكان، ومن غرائب الأمور أن المهرب جاء عبر إحدى حافلات للنقل الجماعي، وهو أمر فيه شيء من الجرأة والغباء في وقت واحد، فيه جرأة كونه يتحدى كافة الإجراءات المتبعة في التنقل عبر النقل الجماعي، وفيه غباء لأن منفذ العملية غاب عن ذهنه أن أجهزة الأمن على قدر كبير من اليقظة والرقابة والمتابعة.
وما يلفت الانتباه هو أن الرجل وعصابته المكونة من أربع نساء، حاولوا إخفاء هذه الكمية الكبيرة من المخدرات في أماكن حساسة من أجسادهن، وكان رجال المكافحة يتابعون الأمر من مكان التحرك حتى موقع الوصول، وبناء على معلومات دقيقة تمت متابعتهم بعد تحركهم من مركز النقل العام حتى وصولهم إحدى الحارات، وعند لحظة الاستلام والتسليم مع أشخاص من بني جلدتهم تم القبض عليهم والسيطرة على الكمية كاملة، وهي بذات المواصفات والحجم المعلومة لدى رجال مكافحة المخدرات وبدقة تامة وأسلوب احترافي.
(151) كيلو من الحشيش المخدر عبر الحدود
وفي محاولة أخرى تمت السيطرة على كمية من الحشيش وزنها 151 كيلوجراما، كان يراد ترويجها داخل الأراضي السعودي، والتي أتت من خارج الحدود، وعلمت بها المديرية العامة لمكافحة المخدرات وتم رصدها منذ دخولها حدود الوطن، وتم التنسيق مع إحدى الجهات الأمنية ذات العلاقة، وكان المهرب مصدر الإجرام رجلا يصطحب زوجته التي اعتاد على تشغيلها في مثل هذه العمليات، وكان المهرب على اتصال بمجموعة من الأشخاص للترويج في الداخل، وعندما اكتملت المعلومات الدقيقة شخصية وأوصاف المتهم فتم رصد تحركاته ثم القبض عليه وعلى زوجته، بعد التنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى ذات العلاقة، وأدى القبض عليه وشريكته، للتوصل إلى بقية الأطراف، وكان هدف العصابة محاولة ترويج هذه الكمية الكبيرة داخل إحدى المدن المكتظة بالسكان ولكن بفضل الله ثم بيقظة رجال المكافحة البواسل، تم إحباط العملية، والسيطرة على الكمية الضخمة من المخدرات، وكفى الله البلاد والعباد شر هذه السموم المدمرة.
(72) كيلو جرام حشيش وتكتيك ذكي
حاول مواطن وزوجته تهريب 72 كيلوجراما من الحشيش لترويجها خارج منطقته التي ينتمي إليها واتضح لجهات المكافحة - من خلال الرصد والمتابعة - أن الموقع الذي سيتم فيه الاستلام والتسليم على قدر كبير من الخطورة، فسعت أجهزة المكافحة للحصول على أكبر قدر من المعلومات قبل الظهور في مسرح العملية، ووضعت خطة لتحقيق الهدف، دون الدخول في مواجهة مسلحة مع عصابة واسعة، خصوصا أن أطراف الترويج عصابة خطيرة وأفرادها من المطلوبين في عدة جرائم تهريب وترويج، لذا حرصت على القبض على الرجل وزوجته والأفراد ذوي الصلة قبل الوصول إلى العصابة الخطيرة، ومن ثم تم القبض على محاولي تنفيذ العملية، مع عدد من الأشخاص، ومن خلال هؤلاء تم القبض على بقية العصابة، دون مواجهة وقبض عليهم جميعا متفرقين، وتم التحفظ على الكمية المراد تهريبها وترويجها. وذلك بفضل الله ثم بفطنة رجال المكافحة، الذين تعاملوا مع العملية بمزيج من الخطط الأمنية المحكمة وبما يحفظ الأرواح، ويحقق الهدف، ويمنع تنفيذ العملية.
ضحى بزوجته بسبب الترويج
تتعدد وسائل التهريب وتتنوع أدواته، لكن المحصلة تظل هي، محاولة قتل الشباب، وتسميم جسد المجتمع، وموت الضمير مقابل الحصول على المال الذي كثيرا ما يحول القبض عليهم دون الوصول إليه، فالبعض يعرض حياته للخطر، والبعض الآخر يعرض أقرب الناس إليه إلى الخطر الذي يصل حد التضحية بالزوج أو الزوجة مقابل الخلاص من يد المكافحة، وان كان هذا الهدف يصبح بعيد المنال في كثير من الأحوال.
وفي إطار هذا النمط، تدور قصة أحد المهربين، في إحدى المناطق الحدودية لبلادنا الغالية، والذي حاول إدخال حوالي 19 كيلوجرام من الحشيش المخدر، من خلال أحد الطرق الصحراوية الحدودية حيث كان بصحبة زوجته، ولأن كل تحركات هذا المروج تحت مرصد رجال مكافحة المخدرات في تلك المنطقة الحدودية فقد كانت هناك خطة للإطاحة به خصوصا أنه كان رجلاً مسلحاً، وعند ساعة الاستلام والتسليم، حاصرته فرق المكافحة للقبض عليه، فبادر بإطلاق النار، وتم تبادل إطلاق الرصاص مع رجال المكافحة، واستطاع الإفلات عدة مرات بعد أن نصبوا له عدة كمائن محكمة، ولحظة هروبه، تم إطلاق نار من الجانبين، فاستقرت رصاصة طائشة في جسد زوجته وأردتها قتيلة، لكنه واصل الهرب خاصة أنه قريب من الشريط الحدودي دون الالتفات إليها، في سبيل هذه النبتة الشيطانية والمال الحرام ففضل الهرب بنفسه وترك زوجته تواجه مصيرها، دون وضع أي اعتبار لها ولا لأهلها الذين وضعوها أمانة في عنقه، وهكذا تفعل المخدرات، تعاطياً، وإدماناً, وترويجاً، وتهريباً، لتضعهم في مثل هذا المستوى من اللامبالاة والانتحار الحقيقي.
محاولة إدخال (50) كيلوجراماً من الحشيش لمدينة مكتظة
جريمة أخرى أكثر إثارة للانتباه، وفيها نمط جديد من أساليب محاولة التمويه والتعميم الفاشل التي كان لها رجال مكافحة المخدرات بالمرصاد، حيث تتحدث الواقعة عن مهرب ومعه زوجته حاولا إدخال 50 كيلوجرام من الحشيش المخدر إلى إحدى المدن المكتظة بالسكان بعد أن أحضروها من إحدى المناطق الأخرى، وركز المهرب خطته على تغيير وسيلة التنقل بعد كل مسافة يقطعها، حيث تحرك من المنطقة التي قدم منها بواسطة النقل الجماعي، بصحبة زوجته وكمية المخدرات اللازمة له، وعندما وصل إلى منتصف الطريق، تقريبا، استأجر سيارة وقطع بها مسافة كبيرة، وعند مشارف المدينة المقصودة، استقبله أحد أفراد العصابة بسيارة أخرى خاصة، وتبادلا السيارات فاخذ المهرب وزوجته السيارة الخاصة بمن استقبله وأعطى المركبة «المستأجرة» للشخص الذي قابله في الطريق، على أن يعود بها ويسترجعها إلى شركة التأجير، لكن محاولات التضليل هذه لم تنطل على رجال المكافحة فقد تم رصد الرجل ومتابعته إلى حين بدأ في الترويج هو وزوجته ليتم القبض عليهما ثم التوصل إلى بقية الأطراف المتواطئين فضلا عن الشخص الذي سهل له المهمة بتوفير سيارة خاصة واستلام المركبة المستأجرة والعودة بها إلى مكان شركة التأجير كجزء من حلقات التضليل التي يعتمد عليها المهربون كثيرا، لكنها غالبا ما تكون تحت سيطرة رجال مكافحة المخدرات التي لا تنطلي عليهم مثل هذه الأساليب.
استخدام الأطفال كوسيلة تهريب
من جهة أخرى حاول مهرب متمرس إدخال 50 كيلوجراماً من مادة الحشيش المخدر بالإضافة إلى 2000 حبة من حبوب الكبتاجون، ويصطحب في ذلك زوجته وأبناءه، وهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم العاشرة، من باب التمويه والتضليل على رجال مكافحة المخدرات، حيث كانت المعلومات تشير بأن هذا المهرب قادم من خارج الدولة وانه يقترب من المدينة المكتظة بالسكان فتمت متابعته ورصد تحركاته بدقة، وكان رجال المكافحة على درجة من الفطنة واليقظة الحذرة، فتطابقت المعلومات مع الواقع، وعند مشارف إحدى المدن الكبيرة، وقبل ترويج الكمية تم القبض على الرجل وزوجته، وكان أمرا مؤلما أن يتم استخدام الأطفال في مثل هذه الجرائم البشعة، حيث يختفي الضمير، وتنتفي الإنسانية، ومما يؤلم النفس أن هؤلاء الصغار سيشبون على ما وجدوا عليه قدوتهم ومربيهم، فعسى أن ينجيهم الله من هذا المصير المدمر والمهلك.
زوجات شريكات في التهريب
ومن الجرائم التي يستخدم فيها المهربون النساء دون أي وازع من ضمير أو دين أو حتى النخوة أو الرجولة أو حتى المبدأ العرفي، أن أحد المهربين من المقيمين ومعه زوجته كانا قادمين من خارج المملكة وبصحبتهما 49 كيلوجراما من مادة الحشيش المخدر، في محاولة لإدخالها وترويجها داخل المملكة، حيث تلقت المديرية العامة لمكافحة المخدرات معلومات تفيد بأن المستلم للكمية وهو من الوافدين داخل الأراضي السعودية ومعه زوجته يحملان كمية من الحشيش لتوزيعها في بعض المدن، وبتكثيف الرقابة والمتابعة، والرصد الدقيق، تم التعرف على المهرب ومتابعته، وفي إحدى المدن المكتظة بالسكان، تم القبض عليه وزوجته، وعلى المخدرات قبل التصرف بها ودون أي مقاومة أو مواجهة تذكر، وهي حالة أيضا تشير إلى تنامي محاولات استخدام النساء في تهريب وترويج المخدرات، لكن أجهزة مكافحة المخدرات، ظلت دائما مفتوحة العينين لا تسمح بمثل هذه المحاولات أن تنطلي عليها، وأخذت تؤدي واجبها بدرجة عالية من الكفاءة والقدرة. وهنا يكمن الدور التكاملي بين أجهزة الأمن ممثلة في مقام وزارة الداخلية وبين المواطن الذي هو رجل الأمن الأول وهو الدافع بعد الله لاستشعار المشكلة قبل وقوعها ومن ثم إعطاء الأجهزة المختصة الدور في التعامل معها.
حما الله مجتمعنا ومجتمعات المسلمين من شرور المخدرات وأخطارها.. إنه سميع مجيب.