إيه يا أسماء.. وقد حُلَّت خيمة في مدى ناظرينا.. اكتنفتنا ردحاً من زمن.. اقترفنا من جمر نار قِراها، فالتهبت أصابعنا في مسار القول حتى شبعنا.. وارتوينا من دلو بئرها, وما نضبت في حناجرنا أنداؤها.. وهكذا حين الرحيل لوَّح لنا ببوصلته نحواً بعيداً.. أدركنا أن المسار قصير.. وأنَّ ما اكتظ في إقبال النهار, قد تشظّى في إدباره.. إيه يا أسماء.., وقد نهلتِ أنتِ من معينه وارتويتِ،.. فكنتِ نعم الناهلة, وكان عذب الإرواء.. عبد الله بن خميس، خيمة أذنت لعمودها أن يستريح قليلاً.. وقد كان في الشموس وجاءً، وعند مداخل الربوع علامة.. وفي الوقت ذاته، كنتُ مع نوَّارة تستقبل شقيقتها التي غادرت قبله بيوم نحو وجهة المسار.. إيه يا أسماء, وأحزاننا تتكوم فوقها قاماتنا، وما تنحني بالرياح.. لكننا في اللقاء عند نقطة الالتقاء وإن تشابهنا، تشابهنا.. أحزاننا لا تعيد من َفقَدْنا، غير أن فقدنا يعيدنا للتلاقي.. ليس من كلام وفي فمي دموع.., رحمك الله عبد الله بن خميس.. في داركم أيها الأصدقاء... رحمك الله زين بنت عبدالله العطاس.. في دارنا أيها الأهل.. جبر الله يا أسماء كسرك فيه، وإخوتك، وأميمة وأهلكما، وأدباء البلاد.. وجبر الله كسرنا فيها... ابناً وابنةً، وأختاً وقريبةً.. ورحم موتانا جميعنا.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.