كانت العلاقة الحميمية بين الراحلين عثمان الصالح وعبدالله بن خميس.. حالة استثنائية من الود والاحترام والتقدير.. مما جعل الوالد رحمه الله يسألني.. متى موعد تكريم الشيخ عبدالله بن خميس ويقول أسرعوا بالموعد لأنني أريد أن أكون في ظرف صحي طيب عند تكريمه. وحينما كان الموعد أمسكت بقلمي لأكتب كلمة الإثنينية التي اعتدت أن أعدها ولكني وقفت وسكنت أناملي لأن الضيف غير عادي والعلاقة التي تربطه بالوالد علاقة فوق العادة في أرض طيبة وثمار ناضجة اجتمعت في فضاء الأدب والفكر والثقافة.. وقلت في تلك الليلة الاستثنائية. في حديقة (الفكر) تستحيل العطاءات إلى أزهار فواحة تملأ المكان بعبق الأدب الساحر، وحينما يدخل المرء إلى هذه الحديقة فإنه يجدها مليئة بالأزهار من كل لون ونوع.. فيلبي كل رغبة في نفسه وينهل من كل زهرة ما شاء من رحيق يغذي عقله وروحه التواقة للأدب وإذا كان أدباؤنا رجالاً ونساء.. عطاءنا الفكري هم أزهار الحديقة الغناء التي أنعم الله بها على أرضنا الخصبة فكراًوعملاً، فإن السائح في تلك الحديقة يقف مبهوراً أمام تلك الشجرة المنتصبة التي امتلأت فروعها بالأزهار الفواحة، فهذا هو حالنا مع أديبنا الرائد الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس أطال الله في عمره فهو أزهار في زهرة فاح عبقها حتى غطى الآفاق وانبسطت أوراقها على أرض حديقتنا حتى لكأنها لوحة فنية رفيعة امتزجت فيها خطوط الفن بأحرف من الفكر لتصل إلى أبلغ درجات الكمال. وضيفنا اليوم بدأت علاقته بالاثنينية منذ أكثر من عشرين عاماً عندما كانت الاثنينية في بدايتها حيث ألقى محاضرته الرائدة عن الحركة الأدبية في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله تعالى - أما علاقته بوالدي فهي منذ عقود.. ويكفي أن أقول بأن كلاهما يقبل رأس الآخر. فأديبنا الجليل هو حالة استثناء يتوقف عندها الزمن وينطلق منها، فهو حالة إبداع فريدة ومستمرة وربطت بين الوفاء للماضي والإبداع في الحاضر وأن تكون النهاية إضاءة مهمة على طريق المستقبل. ورأيت من باب الوفاء نشر كلمة الأستاذة الفاضلة أميمة بنت عبدالله بن خميس في مكان آخر من هذه الصفحة والتي وضعت من خلالها تصوراً لحياة والدها الفقيد الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس.. وهي من أجمل ما قيل في تلك الليلة من حيث قرب المشاعر والأحاسيس وأجزم أنه رثاء.