((المعرفة الحقيقية هي معرفتنا أننا نعرف ما نعرفه، وأننا لا نعرف مالا نعرفه)) في تلك الحلقة ذكرت أن الاختلاط موجود في مجتمعنا في المستشفيات وفي الأماكن العامة وإنما الخلوة هي المحرمة. عارضني وقتها معظم المتصلين والمتصلات هاتفياً للتعليق على رأيي وكيف أذكر أن الاختلاط بين الرجال والنساء موجود في كل المجتمعات الإنسانية وهو منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يظهر الفصل بين الرجال والنساء إلا في العصر العباسي من تاريخنا الإسلامي. ومرت سنوات طويلة أصبحت المرأة السعودية تسافر للحج وللعلم دون أن يعد ذلك سفراً محرماً لأنها بدون محرم، واحتلت مناصب قيادية في مجالات متعددة، لكن ما زالت النظرة إلى وجود الرجال والنساء في بيئة واحدة مصدر جدال ، بالرغم من أن الذي يعترض على الاختلاط في السعودية يمارسه بانفتاح خارجها وكان هذا التشريع وجد فقط لبلادنا دون أي بلد آخر!! مؤخراً احتدم النقاش بعد مقابلة وزير التربية والتعليم للعلماء المناصحين لسياسته التعليمية التي تدعم وجود الطالبة ككيان إنساني. الوزير ليس بحاجة إلى دفاعي عنه أنا وغيري لسبب بسيط فأي وزير من المفترض أنه يطبق السياسة العامة للدولة. ثم إن لقاء الوزير بمنسوبات التعليم أو الطالبات لا يمت بالخلوة بصلة حتى يصبح ذلك مدخلاً لانتقاده بشكل مؤذٍ عبر مواقع الإنترنت. والسؤال ما الفرق بين اجتماع الوزير بالطالبات عن مدير المستشفى واجتماعه بالطبيبات والممرضات؟ وما فرق اختلاط طالب العلم بالحاضرات لمحاضرته أو المدرب للمتدربات هل هي قطعة القماش الفاصلة بين الرجال والنساء؟ وأحياناً تحجب القطعة القماشية الحاضرين أم المحاضر أو المدرب فله الحق أن ينظر إلى النساء!! أتمنى أن يتم التعامل مع الواقع المعاش والثقة أكثر بالمرأة والرجل في مواقع التعليم والعمل لأن الفقه الإسلامي إنما جاء لتسهيل أمور حياة المسلمين وهذه ميزة اختلاف المذاهب الأربعة في ديننا. الثوابت لا اختلاف عليها أما ما فيه اختلاف فعلى المسلم الأخذ بالأيسر تتبعا لسنة سيد الخلق عليه الصلاة والسلام. وإذا كانت مقابلة الوزير للطالبات فساداً فإن الأكثر فساداً أن تظل علاقات الرجال والنساء في مجتمعنا محاطة بسرية تحرض أكثر على الفساد، المرأة والرجل لا يمكن أن ينفصلان إلا في مجتمع خيالي لم يوجد بعد فالأولى أن ننظر في كيفية تهيئة بيئتنا لأن يكون بها من الوعي الديني ما ينفع الناس. حكمة عالمية قبل أكثر من عشر سنوات تحدثت عبر إذاعة MBC-FM عن حقوق المرأة السعودية في حلقة من برنامج إضاءات للزميل «تركي الدخيل» قبل أن يتحول البرنامج إلى قناة العربية. [email protected]