كتب الأستاذ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ مقالاً عن البحرين وحوادثها الحالية في عدد الجزيرة 14049 في 12-4-1432ه ورد فيه تعريف بالبحرين هو أنه في السنة الثامنة من الهجرة أرسل النبي صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي فدعا أهلها إلى الإسلام فدخلوا فيه غير أنهم ارتدوا عنه فعاد إليهم العلاء بن الحضرمي فرجع أهلها إلى الإسلام واستمرت هذه الجزيرة تدين بالولاء سياسياً للمدينة المنورة زمن الخلفاء الراشدين ثم لدمشق زمن بني أمية وكذلك لبغداد زمن بني العباس. والذي يلاحظ هو أن هذا التعريف الذي أتى به الأستاذ محمد لا يقصد به مملكة البحرين الحالية التي يتحدث عنها المقال، فالبحرين المعنية بهذا التعريف هي أرض شاسعة واسعة في شرق جزيرة العرب تمتد من يبرين جنوباً إلى كاظمة شمالاً حسب تحديد البلدانيين القدماء كالبكري وياقوت وهناك كانت مملكة أسلم أهلها وحين ارتد من ارتد من العرب كان في هذه المملكة ردة في حواضرها ومن تألب وتأشب إليها وعليها من قبائل العرب وبمعاونة من الغرور أحد أمراء الحيرة وقد عادت البحرين وعاصمتها هجر آنذاك إلى الإسلام وتعاقب على إمرتها أمراء يرتبطون بعواصم الخلافة. هذا وقد قسم البلدانيون جزيرة العرب إلى أقسام هي الحجاز ونجد واليمامة والبحرين واليمن وقد تُجمع اليمامة والبحرين تحت مسمى العروض قال الشاعر: فإن تمنع سهول الأرض مني فإني سالك سبل العروض وتُعد البحرين هذه من أوسع أجزاء جزيرة العرب إذ تمتد من الربع الخالي وأطراف اليمن في الجنوب إلى كاظمة بقرب سواد العراق في الشمال أو كما سبق من يبرين إلى كاظمة، ويدخل في هذا المسمى عدد من جزر الخليج.. أما غرباً وفي الشمال الغربي فيدخل في مسماها الدهناء والصمان وإلى صحراء فلج (حفر الباطن) وتعاقب على سكنى تلك المناطق الشاسعة عدد من القبائل ووقائعهم هناك من أشهر أيام العرب.. وفي البحرين هذه أسواق مشهورة كسوق هجر والمشّقّر وهي من الأسواق التي تعين دراستها على تحديد ملامح الحياة العربية، الاقتصادية منها والاجتماعية والأدبية في الجاهلية. ومن أشهر المؤلفات الحديثة عن البحرين معجم المنطقة الشرقية (البحرين قديماً) للشيخ حمد الجاسر وهو في الأصل بحث بلداني من أربعة أجزاء لكنه مليء بأخبار التاريخ والأدب واللغة والأيام ومصادر هذا المعجم كثيرة جداً أفدت منها مع مصادر أخرى في إعداد بحث أسميته (وقائع مهمة في شرق جزيرة العرب (البحرين قديماً) في العصر الجاهلي) واقتبست من بحثي هذا محاضرة ألقيتها في الدمام في النادي الأدبي في عام 1417ه وعولت في أخبار الوقائع على مصادر الأيام وبخاصة ما روي عن أبي عمرو بن العلاء وأبي عبيدة معمر بن المثنى وشروحات النقائض وما نقل عن السكري وابن حبيب وغيرهما وعلى مصادر أخرى بلدانية ولغوية أيضاً كتهذيب اللغة للأزهري. هذه هي البحرين المقصودة بتعريف الأستاذ محمد وقد انحسر عنها هذا المسمى في عصور متأخرة عن العصور الإسلامية الأولى وعصور بني أمية وبني العباس أما البحرين الحالية فهي الجزيرة التي كانت تعرف باسم أوال والتعريف الوارد في المقال لا يختص بها فالعلاء بن الحضرمي إنما ذهب إلى البحرين التي هي المنطقة الشرقية الآن وما تم بيانه هنا عن أصقاع معروفة في جزيرة العرب تُعرف كلها مجتمعة باسم البحرين. مع تمنياتنا للكاتب بالتوفيق في مسير البحث والنقد والله الموفق.