أنهى الباحث محمد الخيَّال الجدل حول المنازل التي وردت في معلقة الشاعر الجاهلي امرؤ القيس في قوله "سقط اللوى بين الدَّخُولِ فحوملِ فتوضحَ فالمقراة". وأوضح الخيّال أن مرابع الشاعر امرؤ القيس الأمكنة الستة التي استوقفته وخلَّد ذكرَها في معلقته، تدفقت فيها ذكرياته الباكية مع أحبابه وأصحابه، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من إيقاع القصيدة وجرسها الجميل، وجارية على ألسن جميع من تغنَّى بأبيات المعلقة، واشتُهرت مع أمكنة أخرى من الجزيرة العربية. مشيراً إلى إجماع الرواد البلدانيين الشيخين حمد الجاسر ومحمد العبودي، وتابَعَهم الأستاذ عبدالله الشائع، على أن أمكنة الدَّخول وحومل وتوضح والمقراة واللوى وسقط اللوى واقعة في ناحية التيسية "تياس" شرقاً من رمال الشقيق "عروق الأسياح"، ضمن ما يُسمَّى قديماً "حزن بني يربوع" في شمال شرق منطقة القصيم. وقال الخيّال في محاضرةٍ ألقاها في مجلس حمد الجاسر الثقافي وأدارها د.عبدالعزيز اللعبون، إن هذه المنازل بقيت مجهولة الناحية والمكان إلا من لمحات شعرية وبلدانية أتت مقتَضَبة ومتفرقة في معاجم البلدان وقواميس اللغة وروايات أيام العرب، بحيث تنازَعَ البلدانيون الأقدمون والمعاصرون الآراءَ حول تحديد مواضعها. مستشهداً بآراء البلدانيين على وجود رمال حومل في شرق التيسية استناداً إلى الشواهد البلدانية وأبيات الشعر الصحيحة. وأوضح أن البلدانيين ومحققي طريق الحج البصري لم يذكروا أي إشارة أو لمحة بلدانية بوجود حومل بالقرب من الينسوعة أو محاذياً لطريق الحاج، بل ذكروا جوف ذي إضم فقط. وبيَّن الخيّال أن الأستاذ عبدالله الشائع ألمح إلى تحديد ضفرة حومل في شمال أقماع الدهناء "السياريات" المحاذية لوادي الأجردي بالقرب من خبراء أم عشر الواقعة في طريق الحاج البصري، على الرغم من تجاهُل محقِّقي طريق الحج البصري لذلك، كما رشح بئر سامودة لتكون المقراة، وإمكانية وجود "توضح" شمالاً من سامودة بناء على استقراء وحدس شخصي مع غياب كامل للنص البلداني المكمل، مما أدى إلى تباعد الصورة المكانية والشعرية لتلك المرابع، وقال إن عبدالله الشائع أحسَنَ حينما استدرك ذلك ونوَّه عن صعوبة تحقيق هذه الأماكن. كما رجَّح المشائخ محمد بن بليهد وسعد بن جنيدل وعبدالله بن خميس -رحمهم الله- وجود تلك الأمكنة في عالية نجد الجنوبية، إضافةً إلى اجتهادات شخصية منهم بخصوص المعالم الأخرى دون نص قوي أو سند معتَبَر، مع تجاهُل النصوص البلدانية والشعرية التي أشارت إلى وجود تلك المرابع الجميلة ضمن حزن بني يربوع في ناحية نجفة مليحة وأود. وقدم الباحث وصف دقيقاً لرحلة التقصي التي قام بها برفقة سلطان الدشاش ومحمد المعارك، للتعرُّف إلى الأمكنة الستة المذكورة في الأبيات التي نَظَمها امرؤ القيس في معلقته، وذلك في منطقة "التيسية"، وأكد أن تلك الرحلة توصلت إلى تحديد تلك الأمكنة، والتعرف إلى تلك المنازل والمرابع التي طالما ترددت على الألسُن منذ القدم.