عُرف عن قادة هذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية، ابتداءً من مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله -، ومَنْ خَلَفَه من أبنائه - رحمهم الله -، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله -، أنهم جعلوا خدمة كتاب الله الكريم أسمى الغايات، وأنبل الأهداف، وبذلوا لتحقيق تلك الغايات شتى الوسائل والسبل، من مدارس ومعاهد وكليات للعناية بالقرآن الكريم وعلومه، وحفز الهمم عليه بالحفظ، والعناية، والتدبر، وتشجيع الناشئة والشباب بالمسابقات، إضافة إلى مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الذي أنشئ بأحدث التقنيات لطباعة المصحف الشريف، وترجمة معانيه، ونشره وتوزيعه بين المسلمين في جميع أنحاء العالم. وهذا الصرح الشامخ «مجمع الملك فهد» لم يقف عند حدود طباعة المصحف، وتراجمه في مختلف الإصدارات، وتسجيل تلاوات القرآن الكريم بالروايات المشهورة، والوفاء باحتياجات المسلمين من هذا الإنتاج الطيب، بل تعدى ذلك إلى العناية بالسنة النبوية، وبالبحوث المتعلقة بالقرآن الكريم، عبر إصدار مجموعة من الكتب، وتنظيم العديد من المؤتمرات والملتقيات العلمية. وفي الأسبوع القادم تستضيف طيبةُ الطيبة المدينةالمنورة الملتقى الأول لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم، والذي يشارك فيه قرابة ثلاث مئة خطاط وخطاطة من أشهر الخطاطين، ينتمون إلى أكثر من ثلاثين بلداً، بالإضافة إلى إقامة معرض مصاحب يتضمن كتباً، ولوحات إبداعية في فنون الخط والزخرفة والبرامج الحاسوبية، وعرض لنماذج بعض الخطاطين، كما تعقد ورشة عمل مصاحبة للملتقى. وإذا كان المجمع يتلمس دائماً في مؤتمراته العلمية، وملتقياته، الموضوعات ذات الأهمية العلمية، فإن الباحثين والمختصين يجدون بغيتهم في المؤتمرات والملتقيات العلمية للمجمع، ذلك أنها تنتقى بعناية فائقة موضوعات ومحاور وباحثين، والشواهد الحية على ذلك المؤتمرات السابقة التي نظمها المجمع، وحظيت باهتمام بالغ من الباحثين والمجاميع العلمية والمؤسسات البحثية والجامعات والكليات المتخصصة. وإذا كانت مؤشرات النجاح تقاس دائماً بالنتائج، فإن التفاؤل يسود الجميع، وبخاصة الباحثون الذين سيشاركون في هذا الملتقى، لما علموه من المجمع وملتقياته ومؤتمراته السابقة، ولقد استمعت وقرأت عبارات الثناء والتمجيد، بل الدلالات والبراهين التي يسوقها المشاركون للتأكيد على نجاح الملتقى بإذن الله، وذلك بالعمل بأسباب النجاح، وتهيئة العوامل الكفيلة بنجاحه، وإن هذا الصرح العلمي الشامخ لم تَعُد مهمته إتقان الطباعة للمصحف وجميع إصدارات المجمع فقط، بل أصبح الإتقان شاملاً حتى المؤتمرات التي يعقدها، فأصبحت مناط اهتمام الباحثين والمختصين، لأنهم يجدون بغيتهم وآمالهم، وما يتوقون إلى سماعه. إن الدور الذي يقوم به مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف تجاه كتاب الله الكريم، وسنة نبيه - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - هو دور عظيم، فهذا المجمع أكبر مجمع للمصحف الشريف في العالم إنتاجاً، وجودة، ولا يوجد في الدنيا بأكملها صرح شامخ لكتاب الله بحجم هذا المعلم الحضاري الإسلامي. وإصدارات المجمع تتميز عن غيرها بالاهتمام الكبير في الكتابة، والطباعة، ودقة الخط، ودقة الضبط، أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفق الباحثين والمجتمعين للصواب والسداد في ملتقاهم، وأن يديم على بلادنا نعمة الأمن والإيمان، وأن يجزي ولاة أمرنا خير الجزاء، وأن يثيبهم على نصرتهم للقرآن، وأهله، والعناية به، وتحفيز القائمين عليه، ودعمهم المادي والمعنوي.. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.