تشير التقديرات إلى أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد السعودي يشكل نحو 86% من حجم السوق، الأمر الذي يجعله القطاع الأكبر من حيث الحجم والانتشار. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا القطاع الحيوي تنقصه مرجعية إدارية يحتكم إليها أو ينتظر منها أن ترعاه بمظلة تنظيمية تضع له إستراتيجية واضحة المعالم ترسم مستقبله وتضع رؤية عملية لتنميته وتطويره بحيث يكون له دور فاعل في الاقتصاد يتفق مع حجمه وانتشاره. ولعل هذا القصور هو الذي يحد حالياً من دور هذا القطاع في قضايا ملحة يعاني منها الاقتصاد السعودي وفي مقدمتها ارتفاع معدل البطالة. وهذا القطاع بحكم حجمه وانتشاره وقدرته على خلق فرص استثمارية جديدة بمرونة عالية، يمكن أن يسهم إلى حدٍ كبير في توفير فرص وظيفية تناسب طبيعة الإنسان السعودي. وغياب تلك الإستراتيجية تجعل هذا القطاع غير قادر على النمو ومواكبة المتغيرات التي يمر بها الاقتصاد السعودي، إذ تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة العديد من التحديات والمعوقات التي لا تساعدها على ذلك، ولعل في مقدمتها ما يواجهه أصحاب هذه المنشآت من صعوبة في الحصول على التمويل المالي اللازم. وعلى الرغم من أن بعض الجهات المختصة في الحكومة قد تنبهت لهذه المشكلة واتخذت بعض الخطوات العملية التي تهدف إلى مساعدة هذه المنشآت مالياً، مثل برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة وصندوق المئوية، بالإضافة إلى دعم الصناديق والبنوك الحكومية المتخصصة مثل بنك التسليف والادخار السعودي، إلا أن ما ينقص هذا القطاع كثير، وهو ما يستدعي التحرك الجاد نحو إنشاء مرجعية إدارية تعمل كحاضنة لهذه المنشآت وتقدم لها كل سبل الدعم الممكن فنياً وإدارياً ومالياً. إن إنشاء مثل هذه المرجعية مطلب يتفق مع التوجه العالمي لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة والذي تتبناه ليس الدول فحسب بل العديد من الهيئات الدولية المختصة مثل البنك الدولي الذي يرصد ميزانية سنوية لدعم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة. إن تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة سيدعم الاقتصاد السعودي، إذ سيسهم بشكل مباشر في توسيع البنية الهيكلية للاقتصاد مما يشكل دافعاً قوياً لزيادة مصادر الدخل القومي وتفعيل قدرة الاقتصاد على خلق الوظائف وفرص الاستثمار. ومثل هذا القطاع هو الأكثر قدرة ومرونة على الوصول إلى الشريحة الفتية في المجتمع التي تمثل وقود التنمية ووسيلتها وغايتها.