تعد المملكة العربية السعودية من أكثر بلاد العالم تجنباً للنزاع مع أي طرف كان وخاصة مع دول الجوار، وسياساتها في ذلك معلنة معلومة، وكثيراً ما تغض الطرف عن ممارسات بعض الأشقاء والجيران الذين يتطاولون بدون سبب، وما ذلك إلا لحرصها الشديد على بقاء بنيان هذه الأمة متراصاً مترابطاً ضد الأعداء المتربصين في أحداث كثيرة.. مدت المملكة يدها مصافحة عافية عمن أساء لها، ولسان حالها يقول عفا الله عما سلف.. ولعل في علاقاتها مع إيران التي كان لها من الإساءة لنا الشيء الكثير، ما يدل على هذا النبل السعودي مع هؤلاء الجيران الذين لا يفتأون عن الإساءة لنا بين فينة وأخرى دون أي سبب يذكر. في لبنان كان حضور إيران كبيراً وواضحاً ومستهدفاً لنا كدولة كبرى في المنطقة تسعى إلى استقرار هذا البلد العربي دون أي هدف خفي كما هي أهداف إيران الخفية، ومع كل ذلك كان الصفح السعودي سيد الموقف دوماً، ولم يصدر ما يعكر علاقاتنا بهم، وفي العراق كانت إيران أكبر مزعزع لأمن هذا البلد العربي الشقيق ومازالت، وكان لحضور العمائم الصفوية الحاقدة على أهل السنة ليس في العراق فحسب ولكن في كل دول الخليج العربي كان لها حضور مخزٍ تجاوز كل الأخلاق الإنسانية والسياسية بهذه الأعمال المنافية لأبسط القواعد والأعراف الدبلوماسية، كما كان لهم تدخل مخزٍ آخر في الشأن المصري، وتجسس مفضوح على دول المنطقة عبر دولة الكويت الشقيقة مؤخراً. ولعل الراصد لكل ما تقوم به إيران يجده موجهاً بشكل واضح للإضرار بجيرانها مما يدل دلالة واضحة على أنها تسعى سعياً حثيثاً نحو السيطرة على دول المنطقة بأي شكل من الأشكال، بل وتسعى إلى ما هو أبعد من ذلك وهو نشر المذهب الشيعي بين أفراد المجتمع الخليجي، بل والعربي.. وما السودان عنا ببعيد والجهود الإيرانية المستميتة في تحويل بعض القبائل السودانية للمذهب الشيعي، حتى بات تواجدهم غير خفي على المواطن العادي، وهم يعملون في غالب الأحيان تحت غطاء المساعدات الإنسانية لهذه الشعوب الفقيرة، وتحت غطاء الحرية السياسية وحقوق الإنسان في دول الخليج، وهم من يعملون على تصفية المخالفين لهم جسدياً منذ الثورة الخمينية المعروفة. ودول الخليج الست الأعضاء في مجلس التعاون لم يدرك هؤلاء الملالي أن العلاقة القائمة بينهم أكبر من أيّ تحالف أو تعاون، فدول الخليج العربي يعدون في حقيقة الأمر أسرة واحدة، ليس على مستوى القيادات فحسب ولكن على مستوى الشعوب، فنحن شعب واحد وإن تعددت المسميات، ولكن وكتنظيم رسمي وسياسي تم إنشاء مجلس التعاون وجيش درع الجزيرة المخوّل بالدفاع عن جميع الدول الست أو أيّ دولة تطلب تدخله وعونه، ولهذا كان تواجد درع الجزيرة في مملكة البحرين، هذا التواجد الذي لم يرق لإيران المتطفلة والنابشة عن ما يعكر صفو العلاقة بها وهي الدولة المراقبة من قبل المجتمع الدولي بأسره، بما تقوم به من استفزازات غير مجدية، بل مضرة بمستقبل شعبها المغلوب على أمره. أتذكر قضية طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، تلك الجزر الإماراتية التي استولت عليها الجمهورية الإيرانية وأنا أسمع محاولة إيرانية للاعتداء بالاستيلاء على أراضٍ كويتية..! تحرك يجب أن يقابل بتحرك خليجي موحد وصارم يضع الأمور في نصابها، ويجب أن يكون هذا التحرك في سبيل استعادة دولة الإمارات العربية جزرها الثلاث، فقد يكون تأخر دولنا في استعادة هذه الجزر هو ما جعل من هؤلاء يعتقدون بأن في مقدورهم أخذ المزيد من الأراضي الخليجية. لقد بات جلياً بأن قضية التوافق أو قل التسامح مع هؤلاء القوم لم يعد مجدياً، وأنهم لا يؤمنون إلا بالقوة، تلك القوة التي تحقق لدول منطقتنا كرامتها وعزتها وتحفظ لها ترابها، فنحن في دول مجلس التعاون لا نريد الاعتداء على أحد ولا نريد لأحد الاعتداء علينا أو اغتصاب شبر من أراضينا، ولعل في مقولة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- التي يقول فيها إن شبراً على حدود الوطن يساوي الوطن كله، في إشارة صريحة من هذا القائد المحنك على أهمية المحافظة على حدود الوطن وأن التساهل في شبر واحد مدعاة للتجرؤ على الوطن كله. آخر جنون هؤلاء القوم ما صدر عن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني التي كان من المفترض أن تكون هي الأعقل والأنضج سياسياً من إدعاءات باطلة وتطاول سافر على المملكة العربية السعودية. خاتمة القول مثل شعبي أراه ينطبق على إيران تماماً يقول المثل: (إذا طلع ريش للنملة ماتت) وهذا ما هو حاصل مع إيران فقد باتت تناطح البعيد والقريب، وتتحدى الجميع، وكأنها آذنت بنهايتها بنفسها..! والله المستعان. almajd858hotmail.com