أكد الأمين العام لجائزة الملك فيصل العالمية الأستاذ الدكتور عبدالله بن صالح العثيمين أن حب الوطن فطرة فطر الله الإنسان عليها وأن لرقي وطن من الأوطان وتقدمه وسعادته لا بد من وجود مواطنة واعية يتم في ظلها الرقي المأمول والتقدم المنشود والسعادة المرجوة. جاء ذلك خلال محاضرته «الوطن والمواطنة» التي نظمتها جامعة طيبة مساء أمس الأول بحضور معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور منصور بن محمد النزهة وتطرق الدكتور عبدالله العثيمين من خلالها لمفهوم الوطن والمواطنة مشيراً أن للمواطنة بمفهومها المتبني في الوقت الحاضر لدى الأمم والشعوب مضامينها ومتطلباتها، وكثيراً ما ترددت على الألسنة كلمة وطن ومواطنة وبعض من يرددها -بحسب قوله- قد لا يستوعب مدلوليهما أو لا يدرك تمام الإدراك أبعاد معنى الوطن ومتطلبات المواطنة ووسائل تنميتها، متناولاً بالوقت ذاته المدلول اللغوي لكلمة وطن مشيراً أن لها معانٍ متعددة منها مكان إقامة الإنسان ومستقره وتوطين النفس على الأمور ورضائها بها وقال إنها تأتي أيضاً بمعنى الدار المعروفة التي يسكنها فرد أو أسرة واحدة، وقال إن كلمة مواطنة تعني معايشة المرء مع القوم في وطن واحد متضمناً الانتماء إليه والولاء له وفق أداء الواجبات المقررة والتمتع بالحقوق المتفق عليها. وبين أن من أساليب التعبير عن حب الوطن إظهار الحنين إليه عندما يكون المرء بعيداً عنه مستشهداً برسالة الجاحظ «الحنين إلى الأوطان» التي أشار فيها إلى أن الحنين إلى الوطن أمر تشترك به جميع الأمم والشعوب، وقال الدكتور العثيمين إن من الأسباب القوية لحب الأوطان والديار حب أهلها الساكنين بها بما فيهم الحبيب والحبيبة مستشهداً على ذلك بعدد من الأبيات الشعرية التي تغنى بها شعراء للتعبير عن اشتياقهم لأوطانهم وأحبتهم. وأضاف العثيمين: «إذا كان الافتخار بالديار والأوطان أمراً مألوفاً ومتوارثاً لدى الأمم والشعوب فما بالكم بهذا الافتخار إذا كان الوطن المفتخر به منبع العروبة وأصالة سامية نبيلة»، وقال إن الدين الإسلامي أوضح لمن تدبر قيمه ومثله حقوق المواطن وواجباته ومنها الوفاء بالعهد سواء كان بين الحاكم والمحكوم أو بين الأفراد المحكومين أنفسهم والتوادد فيما بينهم، وأشار أن كثيراً من الأقوال والكتابات الجزلة تعبر عن الوطن الموحدة أرضه المفتخر بإنجازاته العمرانية إلاّ أن مصداقيتها تحتاج إلى إثباتها على أرض الواقع عملاً إضافة إلى التعبير عنها لفظاً. وأوضح الدكتور العثيمين أن للمواطن حقوق كفلتها الشريعة الإسلامية وتعهدت قيادة المملكة أمام الله ثم أمام شعبها أن تطبق الشريعة الإسلامية كما أن على المواطن واجبات يلزمه أن يؤديها سواء كانت من حقوق قيادة الدولة أو المواطنين المتعايشين معه في الوطن وفي الشريعة الإسلامية ما يوضح تلك الواجبات والحقوق على وجه العموم وبمراعاتها وتنفيذ مبادئها وأحكامها الخير كل الخير على أن الحياة المعاصرة بكل ملابساتها وظروفها حتمت إيجاد أنظمة تحكم نشاط الحكومة والمجتمع على أساس أن تكون تلك الأنظمة منضبطة بأحكام الشريعة العامة. وذكر أن إيجاد المواطنة الحقيقية بالمجتمع وتنميتها يتم بتحقيق عدة عوامل منها القدوة وتوافر العدل وقال إن تحقيق العدل يجعل الناس أكثر نظاماً مما هم عليه، وقال إن من الأمثلة التي يستدل بها على درجة وجود المواطنة «المرور» حيث إن هناك نظاماً يحكمها ولكن هناك أيضاً استهتاراً من قبل المتهورين بالناس وبرجال المرور على حد سواء والنتيجة خسائر بشرية فادحة وقد تكون نسبة تلك الخسائر في وطننا -كما ذكر- أعلى نسبة بالعالم، وكذلك الإسراف بالمياه رغم ضخامة المبالغ المدفوعة من الدولة لتوفيرها في وطن مصادر المياه فيه شحيحة جداً. وفي ختام المحاضرة تمت الإجابة على أسئلة الحضور وتبادل النقاش حول موضوع المحاضرة كما قدم معالي مدير الجامعة درعاً تذكارياً للدكتور العثيمين بهذه المناسبة.