مواقع مشبوهة انتشرت على الشبكة العنكبوتية تستهدف الإساءة للإسلام، ومنهج أهل السنة والجماعة، تحاول نشر الأفكار الهدامة، والغلو والإرهاب والتطرف، وزعزعة الثقة بولاة الأمر والعلماء، وتعمل جاهدة على بث روح الفرقة بين أبناء الأمة، تحاول استغلال الظروف والأوضاع المتوترة في بعض المناطق، لإثارة الشباب وتحريضهم، ولا تتورع هذه المواقع المشبوهة في الكذب على العلماء والفقهاء، وتزوير الفتاوى الكاذبة .. هذا في الوقت الذي تحاول المواقع الإسلامية الهادفة التصدي لهذه الأكاذيب والأباطيل .. ومن هنا أصبح من الأهمية بمكان مواجهة تلك المواقع المشبوهة، كما أنه أضحى لزاماً على المواقع الإسلامية الهادفة دور في دحض الشبهات والأكاذيب التي يروج لها الغلاة والإرهابيون .. وحول تلك المحاور والتساؤلات تحدث عدد من الأكاديميات المتخصصات في العلوم الشرعية عن تلك القضايا المهمة . هجمة شرسة في البداية قالت الدكتورة إبتسام بنت بدر الجابري أستاذ مشارك ووكيلة الدراسات العليا بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى: إنه مما لاشك فيه عظم الهجمة التي تستهدف ناشئة وشباب الأمة الإسلامية (رجالاً ونساءً) في دينها وعقيدتها وأخلاقها وثوابتها، هجمة بصور عديدة ومتنوعة، ذات تأثير بالغ وعظيم. ومن أعظم صور هذه الهجمة شبكات المعلومات الدولية، بشتى مواقعها، وتعدد لغاتها، وسعة أماكن وصولها، وانخفاض تكاليفها وسهولة استعمالها، ومن هنا كان لابد من أن تكون لهذه الأمة الإسلامية وقفة جادة وحازمة تجاه هذه الشبكات المعلوماتية العالمية، وذلك بعدة طرق: 1 - كأي تقنية تحتاجها الأمة لرقيها لا بد من بث الوعي لدى الجيل بأهمية هذه التقنية، وأنها سلاح ذو حدين، لا بد من مراعاة هذا الجانب في التعامل معها. 2 - الدعاة والعلماء يتحملون جانباً كبيراً من المسؤولية تجاه هذا الأمر، فعليهم تحذير الناشئة من المواقع المشبوهة، وبيان عظيم خطرها. 3 - أولياء أمور الناشئة لابد أن يمثلوا القدوة الصالحة في تعاملاتهم مع هذه المواقع، وتوجيه أولادهم للنافع منها ومتابعتهم قدر الإمكان ومراقبتهم بصورة ذكية وحكيمة في ذلك فهذه مسؤولية وهم مسؤولون عنها والناشئة أمانة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته». 4 - الناشئة والشباب عليهم الرقي بتفكيرهم وفهم ما يناسبهم، وماهو سبيل لرقيهم وعزتهم ونبذ كل ما يؤدي إلى فقدانهم الشخصية الإسلامية الشامخة. 5 - المرأة بصورة خاصة كأم وزوجة وأخت ومعلمة ومربية بالدرجة الأولى تتحمل جانباً مهماً من المسؤولية فيلزمها العناية بالتوعية الجادة تجاه ذلك. والناظر للجهود المبذولة من المواقع الإسلامية تجاه هذه المواقع ذات التوجهات السيئة يجد ما يلي: 1 - وجود جهود عظيمة مبذولة من المواقع الإسلامية سواء أكانت توعوية أو تربوية أو توجيهية وهي كثيرة جداً وإن لم تكن بمستوى القنوات المشبوهة في عددها وانتشارها ولكن كما قال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}، {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}؛ ولم تكن القلة عائقاً دون العزة يوماً ما في التاريخ، وبحول الله النصرة لهذه الأمة فالعبرة ليست بالكثرة ولكن بصدق وقوة الكلمة. 2 - إن إقامة مواقع خاصة لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات وبث روح التنافس والتسابق المحمود فيما بينها، مما كان له أثر إيجابي بالغ قد لمسته شخصياً من خلال عملي في جامعة أم القرى حالياً - ولله الحمد - وهو برنامج عمل به في جامعات المملكة عموماً؛ مما حذا بالأعضاء إلى الاهتمام البالغ بمواقعهم ومحاولة تطويرها، ودوام متابعتها ونشرها في المواقع العالمية، وهذا لاشك أن له أثرا كبيرا بإذن الله. 3 - قلما نجد عالماً من العلماء الأفاضل، والدعاة البارزين إلا وله موقع جيد يدعو ويوجه وينصح من خلاله، ويحذر من الخطأ والباطل من خلاله. 4 - وجود كثير من المواقع العلمية ذات التأثير العالمي المحمود في العالم الإسلامي بأسره ولله الحمد والمنة. وأخيراً أقول ومع كل ما سبق إلا أننا مازلنا بحاجة إلى تضافر الجهود واستمرارها وزيادة الوعي تجاه الصالح من الفاسد منها، وكذا متابعة كل ما يؤدي إلى الرقي بها لمواجهة هذه الهجمة بالمستوى المناسب والأقوى. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}. تضارب الأولويات أما الدكتورة مزنة بنت مزعل العيد أستاذ أصول الفقه المساعد بجامعة الأميرة نورة فقالت: في ظل هذه الثورة المعلوماتية وفي ظل هذا الانفتاح العالمي أضحى العالم الإسلامي محاربا في اتجاهات عديدة ومن هنا بدأ اهتمامها بإنشاء مواقع إسلامية عديدة ارتكزت في دورها على خدمة الإسلام والمسلمين عن طريق نشر قضايا العالم الإسلامي ونشر فتاوى العلماء ونشر الدين الإسلامي بلغات مختلفة، ولا ينكر أحد أهمية المواقع الإسلامية ومدى ما حققته للإسلام والمسلمين، وفي مقابله من الصعب جداً أن نحكم عليها بأنها فاعلة أو أنها أدت دورها المنوط بها لعدة أسباب: 1 - تضارب الاهتمامات الأولوية التي يرتكز عليها كل موقع. 2 - الخلط الفكري والعقدي المزدوج؛ فلكل موقع فكر يعبر عن رأي صاحبه حيث تتضارب الآراء فبدلاً من أن تكون حائطا منيعا ضد الفكر الهدام أصبح بعضه يحارب البعض الآخر. 3 - غياب الدور الإعلامي الإسلامي في نشر تلك المواقع والدعاية لها. 4 - إن المواقع الإسلامية مازالت ضئيلة في مقابل المواقع المشبوهة التي تغزو العالم الإسلامي اليوم. 5 - اهتمام بعض المواقع بالقضايا الهامشية التي لا تتناسب والوضع الإسلامي الراهن. 6 - ضعف بعض المواقع في الجودة والتصميم وعدم الاهتمام بالتنوع حيث تلتزم بمنهج واحد ثابت أدى لقلة مرتاديه. ولعل السبب في كل ما تقدم هو ضعف الدعم المادي وهو أكبر عائق يشترك فيه معظم المواقع الإسلامية فليس هناك جهات مسؤولة لتوفير الدعم فأغلبها قائم على دعم شخصي وتبقى مقطوعة ومن ثم فالجهود مبعثرة. وعليه فلابد من توحد الجهود ومعرفة ما يحاك ضد الإسلام والمسلمين، كما يجب الابتعاد عن الخلافات المذهبية وعدم تأجيج الفتنة والعنصرية المذهبية ونشر الوعي بين المسلمين والرد على الشبهات المثارة ضد الإسلام فهذا هو الواجب الأهم المتطلب من تلك المواقع الإسلامية. تعزيز الدور وترى الدكتورة أسماء بنت سليمان السويلم أستاذ العقيدة المشارك بجامعة الملك عبدالعزيز أن السؤال الذي ينبغي طرحه: ماذا يمكن أن نعمل لتعزيز ودعم دور المواقع الإسلامية لمواجهة المواقع ذات التوجهات المشبوهة؟ إن على المواقع الإسلامية دورا كبيرا ومهما رغم قلتها لمواجهة مئات المواقع التي تروج للشبهات والشهوات وتتفنن في عرضها، وفي وقت أصبحت المعلومات التي تؤخذ من خلال الشبكة العنكبوتية تؤثر في تفكير العديد من الشباب والناشئة الذين يقضون أوقاتا طويلة أمامها، وأصبحت المواقع الإلكترونية تساهم في تشكيل ثقافة هذا الجيل، وهذا أمر خطير؛ إذ نجد سيلا من الأفكار التي تبث عبر الإنترنت تتناقض مع ثوابت الدين وتصل في بعض الأحيان إلى التشكيك في أصوله ومسلماته، لذا كان لزاما أن تتضافر الجهود لدعم وتعزيز دور المواقع الإسلامية، وبرأيي يكون هذا عبر أمور عدة منها: 1 - على العلماء والأكاديميين والتربويين والمربين أن تتضافر جهودهم للوقوف في مواجهة الفكر الهدام الذي تبثه بعض هذه المواقع وذلك بتوعية الشباب بخطر هذه المواقع المشبوهة بالحجة والبرهان، فالوقت ليس وقت السكوت والاختباء بل وقت تسارع المعلومة والتقنية وتسابق الشباب في تحصيلها وإتقانها وتفوقهم في الغالب على الجيل السابق فيها فكان لزاما بوجود التربية الإنمائية والتربية الوقائية للشباب وتعريفهم بالفكر الصحيح بدليله وحجته وبالفكر المنحرف وسبب انحرافه والرد عليه بالحجة والدليل، كما علينا توجيه الشباب وحثهم نحو الاستفادة من المواقع الإلكترونية بكل ما ينفع. 2 - وضع خطة طويلة المدى للمواقع الإسلامية على الشبكة العنكبوتية للدعوة للإسلام والتعريف به في العالم وتكوين مرجعية علمية موثوقة تشرف على هذه المواقع قدر الإمكان حتى لا تتسرب المعلومات الخاطئة عن الإسلام بدون قصد أو سوء نية بل للجهل قط. 3 - قيام الدول الإسلامية بدعم المواقع الإلكترونية الإسلامية وتدشين مواقع رسمية مأمونة تدعو هذا إلى الإسلام وترد على الشبهات. 4 - تكامل وتواصل المواقع الإلكترونية فيما بينها والحرص على عدم تكرار الجهود لتصل جميعا للهدف المنشود من نصرة هذا الدين والدعوة إليه والدفاع عنه. 5 - قيام شركات الاتصالات في الدول الإسلامية بنشر رسائل دعوية وخدمات مجانية للدعاية للمواقع الإسلامية ذات التوجهات البناءة والتعريف بها. 6 - العمل على ترجمة المواقع الإسلامية إلى اللغات الحية ليستفيد منها غير العرب. 7 - دعوة علماء الإسلام ودعاته للاستفادة من الإنترنت في الدعوة إلى الله من خلال المواقع الإسلامية وغيرها على الشبكة العنكبوتية. 8 - دعوة خبراء البرمجة والمهندسين الإلكترونيين المسلمين للعمل على حماية المواقع الإسلامية على الإنترنت ودعمها فنيا وبرمجيا خدمة للإسلام والمسلمين. 9 - دعوة جميع المسلمين خاصة الشباب للمشاركة في المواقع الإلكترونية الإسلامية والاستفادة منها ودعمها بكل الوسائل الممكنة لتحقيق رسالتها كل بحسب قدرته وحاجته. 10 - إنشاء منتديات حوارية شبابية تفتح أبوابها أمام الشباب لتسمعهم بكل أمان ومصداقية وتحاورهم في قضاياهم ومشاكلهم وهمومهم ويشرف على هذه المنتديات أهل العلم المأمونين. 11 - الاستفادة من الجامعات كأكبر تجمع شبابي رسمي والاستفادة منه بحث الشباب على إنشاء المواقع ذات الطابع الشبابي والمحتوى الإيجابي وتحت إشراف أساتذة الجامعة، ولو ساهمت كل جامعة أو كل قسم فيها بإنشاء موقع شبابي جاذب بناء لتوزعت الجهود وسُدت حاجة الشباب وأغنتهم عن المواقع المشبوهة.