حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    جدّة الظاهري    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقنية النانو والطاقة الذرية المتجددة وكاوست منجزات الملك عبدالله للحضارة الإنسانية
المملكة تستشرف المستقبل بعودة مليكها سالماً معافى
نشر في الجزيرة يوم 25 - 02 - 2011


التحقيقات - إبراهيم عبد الله الروساء
نقش خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في ذاكرة التاريخ شواهد حضارية لتنمية إنسانية فريدة من خلال مشاريع دشنها بنفسه وتابعها بكل حرص واهتمام في إشارة إلى استشراف المستقبل للمملكة في المجالات التقنية والمعرفية والوعي بمكانة الأمة الإسلامية ودورها الريادي في نشر العلم والثقافة والدور المأمول حالياً في إعادة نبراسها عبر بوابات المعارف الحديثة.
تقنية النانو والطاقة المتجددة ودار الحكمة (جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية) والمدن المعرفية والصناعية والاقتصادية وغيرها من المشاريع العملاقة شواهد لما نريد أن نقول بل هي شواهد حية مثل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية التي تعمل حالياً وفق أعلى مستوى تعليمي عرفته الجامعات العالمية.
جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية ظلت حلما يراود المليك منذ زمن حتى كان اليوم الذي حول فيه خادم الحرمين الشريفين الحلم إلى حقيقة تراها رأي العين عندما وضع حجر الأساس للجامعة في التاسع من شوال لعام 1428ه الموافق 21 أكتوبر 2007م، لتكون لبنة معرفية تضاف للعالم ومصدر إلهام للعلماء والباحثين عن العلوم والتقنية في العالم.
تؤسس جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية للعمل على طلب العلم كفريضة دينية حثنا عليها الشرع المطهر، وتأتي انطلاقاً من مبادئ الإسلام التي تنشر منارات المعرفة، وهي في ذات الوقت تبني جسراً للتواصل بين الحضارات والشعوب. جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في مركز ثول بمحافظة جدة تعد واحدة من أبرز مشروعات المملكة الرائدة في مجال البناء والتحديث التي سوف يكون لها الأثر الأبرز في مسيرة المملكة الحضارية بين الأمم والولوج إلى ثقافات العالم عبر محطات ذات بعد ثقافي وتنموي وفكري؛ لأن فكرة الجامعة ليست محلية بل ذات رسالة عالمية تنعكس آثارها وفوائدها على الإنسان، أياً كان موقعه على وجه الأرض.
تسعى الجامعة التي تحمل اسم خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - إلى تحقيق عدة أهداف حقيقية تعد الأعلى في الساحة المعرفية فهي تدعم لأبحاث والتجارب العلمية المتقدمة، وتسعى إلى تعميق العلاقة مع الجامعات العالمية والتعاون معها ومع الهيئات العالمية ذات الصفة المتميزة في مجال الأبحاث والتقدم العلمي كما تسعى إلى تطوير العلوم بشتى أنواعها، وتعليم أجيال من الباحثين وطلبة العلم في المستويات العليا والتعاون المشترك مع العلماء الموهوبين في العالم والباحثين المتميزين، والطلبة الواعدين من المملكة وجميع بلدان العالم.
هذا وإلى جانب الأدوار الرئيسية التي تضطلع بها الجامعة وهي المساهمة في تحويل المجتمع إلى مجتمع معرفة، ودعم العلم والعلماء محلياً ودولياً، والاستفادة من الأبحاث في التنمية الاقتصادية.
جامعة الملك عبد الله هاجس لامس الواقع لخادم الحرمين الشريفين منذ سنوات، وهي الآن للناظر حقيقة جسدتها الأيادي الصادقة والمخلصة لهذا الوطن المعطاء.
الجامعة ليست للمباهاة أو مجسماً اسمنتياً صامتاً لا يلوي على شيء بل روح متوقدة وثّابة نحو بعث الحياة من جديد في الأمة الإسلامية التي كانت موئل العلماء البارزين الذي أثْرَوا مسيرة الإنسانية بعلمهم ومؤلفاتهم ومخترعاتهم. اسماها الملك «دارَ الحكمة» وهي محاكاة لثقافة إسلامية زاخرة في التراث الإسلامي، وهي هنا تنطلق من عصر جديد لتكون مركزاً عالميا جديداً للعلم والمعرفة ووريثا تاريخيًا لواحدة من أفضل وأطول الحضارات العلمية والبحثية التي مرّت على البشرية.
إن الطاقة الجديدة التي تبعثها جامعة الملك عبد الله إلى آفاق القرن الحادي والعشرين تؤثر بشكل واضح في قوى التطوير والتغيير في العالم، وترجح بالكفة الإسلامية كإحدى الثورات المعرفية التي تزاحم بها الأمم الأخرى وتفتح المجال رحبا للثروات المعرفية والفكرية التي يزخر بها العالم الإسلامي وتمهد للنهوض بالعقول التي سُكنت بالخمول والكسل منذ مئات السنين، كما تضع للشباب الموهوبين من أجيال الحاضر والمستقبل في معترك حركة العلم والبحث والتنمية العالمية مع زملائهم الطلبة والباحثين من مختلف أرجاء المعمورة.
تسعى جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بكل جد لسد الفجوة المعرفية التي سادت الشعوب العربية والإسلامية، وتساهم في دفع عجلة الركب الحضاري في مجال الأبحاث الأولية والمتقدمة، وزيادة عدد العلماء والمهندسين، بل واستقطابهم من الجامعات الأخرى. ومن بين الأسس التي تسعى لتوطينها تلكم الجامعة «صناعة البترول» وهي من الصناعات التي لها مكانة عالمية مرموقة لما لها من أسرار كبرى خدمت وما زالت تخدم البشرية.
الجامعة حين تأسيسها وضعت هذا الهدف في سلم أولوياتها ووفرت بيئة علمية تخدم هذه الصناعة والصناعات الأخرى كالصناعات البتروكيماوية وتقنية المعلومات وتحلية المياه والصناعات المستقبلية التي ستتبناها المملكة في إطار تحولها نحو اقتصاد المعرفة.
إن منجم العقول التي تحاول جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية زرعه في الإنسان المبدع ذكراً كان أو أنثى هو صنو اهتمام المملكة باستخراج البترول عن طريق شركة أرامكو العملاقة؛ لذا فهي مكملة للقوة البترولية والتعدينية التي تمتلكها المملكة.
تركِز الجامعة على الأبحاث الأكاديمية حيث تقوم بإبرام عدد من الاتفاقيات للتعاون المشترك في مجال البحث العلمي، وعلى أرض الواقع فقد أبرمت الجامعة العديد من الاتفاقيات مع معاهد عالمية في المجالات العلمية المتخصصة مثل معهد «وودزْ هول لعلومِ المحيطات في الولاياتِ المتَّحدةِ الأمريكيَّة»، و»المعهدِ الفرنسِيّ للبترول في فرنسا»، و»الجامعة الوطنية في سنغافورَة»، و»المعهد الهنديّ للتقنية في بومباي»، «والجامعة الأمريكية بالقاهرَة». كما وضعت الجامعة ضمن خطتها الإستراتيجية في مجال التعاون العلمي عقد شراكة مع عدد من الجامعات التي تتميز بصفة بحثية ولها مراكز بحث معتبرة في الوسط الأكاديمي ومهمة في ذات الوقت مثل بحوث تحلية المياه وعلوم الكمبيوتر والرياضيات التطبيقية، وعلوم الحياة الخاصة ببيئة البحر الأحمر، وأبحاث الطاقة والهندسة الحيوية، والنانوتكنولوجي.
وضمن ركائز الجامعة قامت بابتعاث عدد من الطلاب الذين اثبتوا جدارتهم العلمية حيث تم تصميم برنامج للطلاب والطالبات المتفوقينَ لِمواصلةِ الدراسةِ إلى جانب تدشين برنامج «منحةِ الملِك عبدالله للبَاحثين» الذي يختصُّ بِتوفيرِ الدَّعم لِلطُّلابِ والطَّالباتِ فِي مرحلةِ الدُّكتوراه.
هذه الخطط والركائز الإستراتيجية ستُمهِّد بالتأكيد لانطلاقةِ الحياةِ الأكاديميةِ والبحثيةِ في مقرِّ الجامعةِ وفقاً للخطةِ الزَّمنيةِ الموضوعة كما أنَّ تكاملَ منشآتِ الجامعةِ ونموذجِها المُبتكر وتركيزِها على الأبحاثِ التطبيقيَّة سيُساعدُ المملكةَ بإذنِ الله في إنتاجِ المعرفةِ وتوظيفها اقتصادياً، وبالتالي تنويعَ مصادرِِ الاقتصادِ الوطنيّ.
على الصعيد آخر وإدراكا عميقاً من خادم الحرمين الشريفين بضرورة توطين المعرفة بل وتحديثها وتطويرها ونقلها للعالم كمخترعات ومنجزات حضارية، جاءت التقنية التي أحدثت انفجارا هائلا في سلم المعتقدات المعرفية والمسلمات التقنية والمتمثلة في التقنية المتناهية الصغر «النانو».
تعد تقنية النانو فتحاً علمياً جديداً تنتظره البشرية بالكثير من الترقب والآمال العريضة في استثمار هذه التقنية في الكثير من المجالات العلمية والاقتصادية المهمة التي تتصل اتصالا مباشرا بحياة الإنسان الذي تتعقد احتياجاته الحياتية وتتزايد بحكم التطور الحضاري الكبير الذي شمل مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمعرفية.
ولأهمية هذه التقنية والطفرة التي ستحققها للعالم خلال القرن الحادي والعشرين تبرع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله في شهر ذي القعدة 1427ه بمبلغ ستة وثلاثين مليون ريال من حسابه الخاص لتمويل استكمال التجهيزات الأساسية لمعامل متخصصة في مجال التقنية متناهية الصغر المعروفة بتقنية «النانو» في ثلاث جامعات هي جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وبنصيب اثني عشر مليون ريال لكل جامعة.
وقد اهتم خادم الحرمين الشريفين بهذه التقنية لما لها من أثر إيجابي ينعكس أولا على الوطن والمواطن السعودي والأثر المبين في هرم التقنيات العالمية فرعى - حفظه الله - المؤتمر الدولي لصناعات تقنية النانو الذي ينظمه معهد الملك عبدالله لتقنية النانو بجامعة الملك سعود في الرياض.
وشارك في هذا المؤتمر عدد من العلماء البارزين من المملكة العربية السعودية والدول العربية وعدد من دول العالم، وناقش المؤتمر حينها العديد من المحاور التي تتعلق بتقنية النانو والجوانب التطبيقية والصناعية المتعلقة به مثل معالجة المياه والبيئة والطاقة والجوانب التعليمية والتدريبية لعلوم النانو ودور التقنية النانوية في بناء الاقتصاد المبني على المعرفة.
ويعد معهد الملك عبدالله لتقنية النانو - المنظم لهذا المؤتمر - أحد أفكار وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - الذي تجاوز اهتمامه بالعلم إلى ضرورة متابعة جديدة، والسعي الجاد لغرسه في تربة البلاد، فكانت تقنية النانو سمة بارزة على الصعيد المعرفي وجه إليها قائد البلاد مقدما دعما سخيا لها، متطلعا لثمارها بوصفها القاعدة التي تعتمد عليها الدول المتطلعة لتتبوأ مركز متقدم في التنافس العالمي، لكون هذه التقنية بوابة التأثير المباشر في اقتصاديات العالم الحديث التي من أبرزها الاقتصاد المعرفي والمجالات البحثية والتطويرية والتطبيقية في مجالات الطاقة، ومعالجة المياه، والاتصالات, والطب والصيدلة، والغذاء والبيئة، وتصنيع ودراسة خصائص مواد النانو، وثم النمذجة والمحاكاة لتراكيب النانو، بالإضافة إلى المجالات التعليمية والتدريبية في مختلف مجالات النانو، وكذلك المجالات الاقتصادية والصناعية والاجتماعية المتعلقة بصناعة النانو.
ويهدف معهد الملك عبد الله لتقنية النانو إلى تطوير أبحاث وتقنيات النانو والصناعات المرتكزة عليها، وتوثيق الشراكة بين الجامعة والقطاعات المختلفة ذات العلاقة، بهدف الإسهام في بناء اقتصاد وطني مبني على المعرفة، كما يهدف إلى إعداد وتأهيل الخبرات المحلية في مجال تقنيات النانو، واستقطاب المتميزين من العلماء والباحثين في مجال النانو، وتطوير برامج أكاديمية بالجامعة مرتبطة بعلوم وتقنيات النانو، وبناء البنية التحتية للبحث والتطوير في مجال علوم وتقنيات النانو، ودعم مشاريع وأبحاث النانو في كليات الجامعة المختلفة، ووضع إستراتيجية للتعاون والتنسيق في مجالات علوم وتقنيات النانو مع الجامعات والمؤسسات البحثية المحلية، ونشر الوعي العلمي على المستوى الاجتماعي والتربوي بعلوم وتقنيات النانو.
ومن المنجزات الحضارية والإنسانية التي حققتها المملكة تحت رؤية خادم الحرمين الشريفين المسددة واستلهاماً لدور المملكة الرائد في مجال التنمية العالمية، وتقديرا لحاجة المملكة الماسة للتنمية المستدامة التي تؤدي بدورها إلى رفع مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة في المملكة وتقديم الرفاهية للمواطن جاء أمر خادم الحرمين الشريفين في الثالث من جمادى الأولى 1431ه بإنشاء مدينة علمية تسمى «مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة».
تهدف المدينة إلى دعم ورعاية نشاطات البحث والتطوير العلمي وتوطين التقنية والمساهمة في التنمية المستدامة في المملكة وذلك باستخدام العلوم والبحوث والصناعات ذات الصلة بالطاقة الذرية والمتجددة في الأغراض السلمية.
مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة هي من الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية التي ستمكن الدولة من استشراف حاجة المجتمع والتخطيط لتلبيتها بشكل دقيق ومدروس؛ الأمر الذي يزيد من معدل التنمية ويعطي المملكة القدرة المعرفية حسب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تنظم الاستخدام السلمي للطاقة كما تساهم هذه المدينة في توفير المواد الضرورية للاستخدامات الطبية والزراعية والصحية والاحتياجات الوطنية.
تحددّ المدينة وتنسق نشاطات مؤسسات ومراكز البحوث العلمية في المملكة في مجالات الطاقة وتنظيم المؤتمرات المحلية والمشاركة في المؤتمرات الدولية وتحديد الأولويات والسياسات الوطنية في مجال الطاقة الذرية والمتجددة من أجل بناء قاعدة علمية تقنية في مجال توليد الطاقة والمياه المحلاة وفي المجالات الطبية والصناعية والزراعية والتعدينية والعمل على تطوير الكفاءات العلمية الوطنية في مجالات اختصاصاتها.
تهيئ المدينة الجو لجميع المتطلبات البحثية كالمختبرات ووسائل الاتصالات ومصادر المعلومات، كما تهيئ المرافق اللازمة للعاملين في المدينة.
ومن الواجب ذكره أن المدينة تحفِّز القطاع الخاص لتطوير البحوث العلمية وتوليد الطاقة والمياه المحلاة وترشيد استخدامات الطاقة للمحافظة على الموارد الطبيعية وتحسين كفاءة استخدامها وتقديم منح دراسية وبرامج تدريبية لتنمية الكفاءات الضرورية للقيام بإعداد وتنفيذ برامج البحوث العلمية.
إلى جانب إصدار التنظيمات الخاصة بالوقاية من أخطار الإشعاعات الذرية بالنسبة للعاملين المتخصصين وبالنسبة للجمهور وتمثيل المملكة أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمؤسسات الدولية الأخرى ذات الصلة، علاوة على تشجيع البحوث التي يجريها الأفراد والمؤسسات والهيئات المعنية في الجامعات ومراكز البحوث في المملكة والتي تقرها المدينة مثل تقديم المساعدات المالية بمقتضى عقود البحوث المختلفة وتقديم التسهيلات والخبراء والمواد اللازمة للقيام بهذه البحوث سواء بمقابل أو بغير مقابل، وإنشاء المعاهد اللازمة لتدريب أخصائيين في مجالات النشاط الذري والوقاية الصحية.
ومن مهام المدينة التي تضطلع للقيام بها أن تكون الجهة المعنية بالإيفاء بالالتزامات الوطنية حيال جميع الاتفاقيات التي وقعتها أو ستوقعها المملكة بخصوص الطاقة الذرية والمتجددة وتتولى مسؤولية الإشراف والرقابة على جميع الأعمال الخاصة باستخدامات الطاقة الذرية وما ينتج عنها من نفايات مشعة ونقل الإدارات المعنية بالطاقة الذرية والمتجددة العاملة حالياً في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية إلى المدينة بما في ذلك منسوبو تلك الإدارات والأموال المنقولة وغير المنقولة التي تؤول إلى المدينة.
إن اهتمام المملكة بشأن تطوير الطاقة الذرية للاستخدامات السلمية يعني ذلك البدء في الخطوات التنفيذية لتشييد مفاعلات لإنتاج الطاقة الذرية للاستخدامات السلمية. وهو مشروع أصبح الآن أكثر إلحاحاً بهدف امتلاك تكنولوجيا المفاعلات الذرية في الوقت الذي تؤكد فيه المملكة والعديد من دول العالم أن المملكة مؤهلة أخلاقياً لامتلاك هذه التكنولوجية، لأنها ستحرص على الاستخدام الأمثل والسلمي للطاقة الذرية.
يأتي بالتزامن مع حديث العالم عن إمكانية أن تكون المملكة مصدراً رئيساً للطاقة المتجددة بالإضافة لكونها أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم.
ومما لا شك فيه أن الاستخدامات المتعددة للطاقة من شأنها الرفع بمستوى المعيشة والرفع بمستوى أداء الخدمات لتقديمها بشكل أفضل حيث يولد استخدام الطاقة المتجددة بالمملكة تعزيز الدعم الرئيسي لقطاع صناعة الكهرباء وذلك باستخدام مصادر جديدة أكثر ديمومة وأقل ضرراً على البيئة.
إضافة إلى تنويع مصادر الإمدادات الكهربائية، وإيجاد بيئة مستقرة وجاذبة للاستثمار في مجالات صناعة الطاقة المتجددة، وتسهيل تزويد المناطق النائية بالكهرباء.
إن استثمار الطاقة من شأنها تقديم خدمات ذات موثوقية وجودة عاليتين،واستجابة لطلبات المستهلكين وشكاواهم خلال وقت قياسي، وتقليص عدد الانقطاعات ومداها، والإسراع في إعادة الخدمة عند حصول الانقطاع، والاستثمار المستمر في إيصال الخدمة لمشتركين جدد وتحقق نقلة علمية وتقنية بارزة لتلبي الاحتياجات المتزايدة للطلب على طاقة الكهرباء على صعيد مختلف فإن الصناعة المعرفية حجر أساس في تطور الأمم وإثراء ثقافة الشعوب لشغف التعلم وطلبه وكان من الأسس المصاحبة لذلك أَنْ تزامنها صناعة طبية وصحية تقوم بدورها المتكامل في التنمية وتصنع دائرة للحياة العصرية المتجددة؛ لذا فقد تفضل خادم الحرمين الشريفين في الثامن من جمادى الأولى عام 1429ه بوضع حجر الأساس لجامعة الملك سعود للعلوم الصحية ومركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية وحجر الأساس لمستشفى الأطفال التخصصي التعليمي والمراكز الطبية المتخصصة بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالرياض وحجر الأساس لفرع جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية بجدة وحجر الأساس لفرع الجامعة بالأحساء بالإضافة إلى عدد من المشاريع الطبية التخصصية الحيوية بالشؤون الصحية للحرس الوطني، سعيا منه - أيده الله - لتكامل منظومة الخدمات في المملكة، تلك التي تعنى بوجه خاص بالتنمية المستدامة.
وتعد جامعة الملك سعود للعلوم الصحية بالحرس الوطني صرحاً تعليمياً طبياً متخصصاً ورائدا على المستوى المحلي والعربي بما تحتويه هذه الجامعة من إمكانيات تعليمية وعلاجية وبحثية تشكل إنجازاً في لوحة الإنجازات الطبية في المملكة.
كما تعد الجامعة أول َجامِعَةٍ صّحِيَّةٍ مُتخصصة بالمنطقة بطاقة استيعابية تبلغ 17 ألف طالب وطالبة قابلة للزيادة. وسعيا لمزيد من التنمية التي تسير وفق رؤية مستقبلية طموحة للمملكة وضع خادم الحرمين حجر الأساس لعدد من المشروعات الاقتصادية التي بدأ بعضها يرى النورَ على الأرض التي تأتي تباعاً وَفقاً لجداولِ زمنيةِ محددة التي من شأنها تمتين اقتصاد المملكة.
ومن بين تلك المشاريع.. المشروعات الاستثمارية بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ التي تصل قيمتها إلى 130 مليار ريال شملت ميناء مدينة الملك عبدالله الاقتصادية ومشاريع المرافق العامة ومشاريع البنية التحتية للمواصلات ومبنى الهيئة العامة للاستثمار ومركز الخدمة الذكية ومول السعودية وفندقا ومنتجع ريتز كارلتون والمركز العالمي للمؤتمرات وفندق ومول البيلسان وفندق هوليداي إن إكسبريس التي تبلغ تكلفتها الإجمالية 79 مليار ريال، إلى جانب مدينة الصناعات المتكاملة ومصهر ألمونيوم إيمال ومشاريع الصناعات البلاستيكية «وادي البلاستيك» ومصنع توتال لزيوت التشحيم والتي تبلغ تكلفتها الإجمالية 32 مليار ريال. إضافة إلى مشاريع الصناعات المعرفية والتي شملت مشاريع البنية التحتية للمدينة الذكية ومدينة الرعاية الطبية ومدينة الإنتاج الإعلامي ومجمع أبحاث علوم الحياة ومركز حماية البيئة بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية والتي تبلغ تكلفتها الإجمالية 24 مليار ريال.
زيادة على مشاريع تنمية الموارد البشرية والتعليم «مشاريع بناء الإنسان» والتي شملت مدينة التدريب التقني ومنظومة التعليم والتي بلغت إجمالي تكلفتها 3 مليارات ريال.
واستطاعت مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في فترة قصيرة جذبَ استثماراتٍ نوعية تجاوزت مئة مليار ريال سعودي، لتشكلَ نُواة لمصانعِ ومراكزِ تصديرٍ لمنتجاتٍ ماديةٍ وفكريةٍ يحتاجُها العالم.
ومن مدينة الملك عبد الله الاقتصادية إلى مشروع عملاق يقدم حلولا ذكية لمصدر الماء الذي يشكل هاجسا مقلقا لقيادة البلد وشعبه، حيث يعد الماء ثروة حقيقية وطاقة لا غنى للإنسان عنها وهو سر الحياة وإكسير بقائه لذا فقد جاءت مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - للسعي نحو تحلية المياه بالطاقة الشمسية وهي «المبادرة الوطنية لتحلية المياه المالحة بالطاقة الشمسيّة» التي بدأت مرحلته الأولى منذ مطلع هذا العام، في محافظة الخفجي ضمن مراحل ثلاث لتشمل جميع أنحاء المملكة.
إن مشروع المبادرة الوطنية للمياه المالحة يعدّ أول مشروع اقتصادي بهذا الحجم في العالم العربي، لينقل المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة في الاستفادة من الطاقة المتجدّدة والمستدامة، كما أن المشروع سيعزّز - بمشيئة الله - من توجهات الدولة نحو الارتقاء بقطاع العلوم والتقنية في المملكة، لتحويلها من دولة مصدرة للنفط إلى دولة مصدرة للمعرفة والتقنيات المتقدمة.
وتهدف هذه الإستراتيجية التي نعني بها تحلية المياه المالحة إلى توفير المياه المحلاة بأسعار زهيدة، وتقليل استهلاك النفط، وجني استثمارات اقتصادية للبلاد تقدّر بمئات الملايين من الريالات.
وتقع هذه المبادرة التي حفلت بالعديد من الدراسات المتأنية عبر سنوات طوال ضمن خطط الدولة الإستراتيجية الخاصة بدعم صناعات الطاقات المتجدّدة - صديقة البيئة - كالطاقة الشمسية، والرياح، وتحلية المياه، والوقود الحيوي بهدف إيجاد الحلول التقنية لمشاكل الطاقة، ومنها مشكلة نقص المياه في المملكة، بأقل التكاليف الماديّة.
لقد وهب الله تعالى صحاري المملكة بالرغم من قلة الأمطار وجدابة الأرض معظم أيام السنة شمسا حارة في الصيف واقل حرارة في الشتاء وسجلت خلال السنوات الأخيرة مزيدا من الارتفاع وهذا لم يعد أمرا سلبيا كما - يعتقد بعضهم - لكن المبادرات المبدعة حولت هذه الطاقة التي بيننا إلى طاقة ايجابية يمكن الاستفادة منها وتحويلها إلى صناعة حديثة تقنية، حيث أثبتت العديد من الدراسات العلمية أن المملكة بمساحاتها المترامية الأطراف، تستقبل ما يقارب 2000 كيلواط لكل متر مربع سنوياً من أشعة الشمس مما يسمح للاستفادة من هذه التقنية بكميات كبيرة.
عوداً إلى المبادرة الوطنية لتحلية المياه المالحة فإنها تسعى بخطى حثيثة إلى إيجاد الحلول التقنية لمشاكل الطاقة والمياه بأقل التكاليف للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني، بحيث يتم تحلية المياه المالحة بتكلفة لا تزيد عن 1.5 ريال للمتر المكعب مقارنة بالتكلفة الحالية باستخدام التقنيات الحرارية التي تتراوح من (2.5 إلى 5.5 ريال في المتر المكعب) وتسعى أيضاً إلى تخفيض تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام تقنيات الخلايا الشمسية، حيث تم تطويرها من خلال هذه المبادرة إلى أقل من 30 هللة لكل كيلواط ساعة، بينما التكلفة الحالية تعادل أربعة أضعاف هذه التكلفة.
لا يقتصر دور المبادرة على إنتاج الطاقة للعالم واستخداماتها التقنية فحسب، بل يمتد ليشمل الأيدي العاملة التي يجب أن تكون وطنية بحسب ما أوردته الخطة الإستراتيجية للتنمية المستدامة في المملكة حيث سيتم خلال مراحل بناء وتشغيل مشاريع هذه المبادرة، تكوين فرق علمية وفنيّة متخصّصة وطنيّة للعمل في مجال الطاقة الشمسيّة وتحلية المياه، وبدأت مبادرة خادم الحرمين الشريفين لتحلية المياه المالحة ملامحها هذا العام وتسير على مراحل ثلاث ومن المتوقع أن تكون المرحلة الثالثة المكملة لهذه المبادرة خلال المدة المقررة مع حلول عام 1440ه، حيث سيتم بناء عدة محطات لتحلية المياه المالحة بالطاقة الشمسية لمناطق مختلفة من المملكة - بمشيئة الله - وستتمكن المملكة خلال هذه الفترة من أن تكون مصدرا مهما طويل الأجل لتزويد المركبات الفضائية والأقمار الصناعية بما تحتاجه من الطاقة الكهربائية وبديلا مساعدا لمصادر الطاقة التقليدية من البترول والفحم والغاز ومشتقاته المحددة في الطبيعة، القابلة للنضوب بسبب الاستنزاف الهائل لها.
إلى جانب استخداماتها في العديد من تطبيقات التحويل الكهروضوئي، والحراري مثل.. تشغيل أبراج الاتصالات والأدوات الكهربائية، وأبراج الإذاعة التلفزيون، علاوة على إنارة الطرق والمنشآت، وتحلية وضخ المياه وتسخينها، وتوليد البخار.
عملت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية على هذا المشروع الوطني بالتعاون والتنسيق مع وزارة المالية ووزارة المياه والكهرباء ووزارة التجارة والصناعة والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة وهيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج من أجل المساهمة في الأمن المائي ودعم الاقتصاد الوطني، بما يوفر التطبيقات العملية لتقنيات النانو المتقدمة في مجال إنتاج الطاقة الشمسية وأغشية تحلية المياه، وبناء القدرات الوطنية المتخصصة في مجال الطاقة الشمسية وتحلية المياه، زيادة على بناء صناعة متقدمة تتفق مع الإستراتيجية الوطنية للصناعة، وتطوير الحلول التقنية الصديقة للبيئة.
إن رؤية المملكة الرامية إلى استغلال الطاقة الخضراء خيار استراتيجي مهم خصوصا إذا ما تناولت الجوانب الزراعية التي تعد مصدرا من مصادر الدخل وأحد مقومات الدعم الذاتي للمواطن لما تملكه المملكة من مقومات زراعية وأراض خصبة ساعد على ذلك توفر التقنية الحديثة مثل إعادة استخدام مياه الصرف الصحي وإنشاء السدود وتمديد شبكات المياه ومحطات المعالجة التي تساهم في زيادة الإنتاج مع التقليل من حجم التكلفة واستنزاف الثروات الطبيعية.
إن الاهتمام بتقنيات تحلية مياه البحر من شأنه توفير الماء والغذاء وتستغل في الوقت ذاته الصحاري للنشاط الزراعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.