فَقَدَ الزعيم الليبي معمر القذافي أمس الخميس سيطرته على أجزاء متفرقة من ليبيا، إضافة إلى الضغوط الدولية التي تحضه على وقف حمام الدم مع ازدياد مخاوف المجتمع الدولي من كارثة إنسانية بسبب النزوح والهجرة هرباً من العنف. ففي اليوم العاشر من الانتفاضة ضد نظام القذافي التي أدت إلى مقتل المئات بدت شوارع العاصمة طرابلس شبه مقفرة صباح الخميس بعد ليلة تخللها إطلاق رصاص كثيف، ولاسيما في الضاحية الشرقية. وفي الشرق الغني بالنفط الذي سيطر عليه المعارضون تمتلئ الجدران بآثار الرصاص في مدينة البيضاء على عنف المعارك بين المعارضين و»المرتزقة» الذين استخدمهم النظام الليبي. وفيما كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما يتحدث للمرة الأولى الأربعاء عن الأزمة الليبية معتبراً حمام الدم الجاري «مشيناً» انشق نحو عشرة جنرالات وعقداء من الجيش، وأقسموا الولاء للشعب الليبي وسط ترحيب الحشود في البيضاء. ويبدو أن المعارضة سيطرت على شرق البلاد من الحدود المصرية إلى بلدة اجدابيا غرباً مروراً بطبرق ودرنة وبنغازي التي شكلت مركز الاحتجاجات وتقع على بُعد 1000 كلم شرق طرابلس، بحسب صحفيين وسكان. وكانت معلومات صحفية قد تحدثت عن تعرض مدينة زوارة الليبية التي تبعد 120 كلم عن طرابلس الخميس لهجوم شنته قوات القذافي بالأسلحة الثقيلة متحدثة عن وقوع «مجازر» فيها. وأفاد أربعة شهود وصلوا الخميس براً إلى تونس بأن المدينة خلت من «الشرطة والعسكريين» وأن «الشعب يسيطر على المدينة». وبعد أيام من التردد بدأت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ببحث فرض عقوبات على نظام القذافي الذي بات أكثر عزلة بعد تخلي عدد من المقربين منه ودبلوماسييه. وكلفت دول الاتحاد الأوروبي خبراءها ببحث تجميد الأموال وحظر منح تأشيرات السفر واحتمال ملاحقة القادة الليبيين قضائياً. غير أن وزير الدفاع الفرنسي الان جوبيه صرح بأن التدخل العسكري ليس وارداً حالياً بعد أن تمنى «من كل قلبه» أن يكون القذافي «يعيش آخر لحظاته بوصفه رئيس دولة». وأعربت المفوضية الأوروبية عن قلقها حيال خطر وقوع كارثة إنسانية، وانكبت على تقييم الحاجات في حال هجرة ضخمة للسكان، فيما يتم إجلاء عشرات الآلاف من الأجانب جواً وبحراً وسط ظروف صعبة. ورست عبّارة تتسع لألف شخص في ليبيا للبدء بإجلاء نحو 18 ألف مواطن هندي علقوا وسط العنف. كما أقلعت ثلاث طائرات لنقل الجنود من طراز سي-130 من اليونان لإجلاء الرعايا اليونانيين. وتوقع وزير العدل الليبي المستقيل مصطفى عبد الجليل أن القذافي سينتحر «على ما فعل هيتلر». وقد قُتل 300 شخص منذ انطلاق الاحتجاجات على نظام القذافي في 15 شباط/ فبراير بحسب حصيلة رسمية، سقط أغلبهم في بنغازي ثاني مدن البلاد. لكن الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسيان تحدث عن مقتل 640 شخصاً على الأقل، من بينهم 275 في طرابلس و230 في بنغازي. وتحدث الطبيب الفرنسي جيرار بوفيه العائد للتو من بنغازي عن «أكثر من ألفَيْ قتيل» في المدينة وحدها.