طرابلس، بنغازي، لندن، القاهرة، باريس - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - اتهم الزعيم الليبي معمر القذافي أمس المحتجين الذين يسيطرون على شرق ليبيا بأنهم يخدمون مصالح تنظيم القاعدة، فيما أعلن هؤلاء تحركهم غرباً ل «تحرير» مزيد من المدن من سيطرته. وقال القذافي في رسالة صوتية بثها التلفزيون الليبي إلى أهالي الزاوية (60 كلم غرب طرابلس): «هؤلاء لا مطالب عندهم، مطلبهم ليس عندهم بل عند بن لادن... من يعطي الحبوب (المخدرة) لأولادكم هو المجرم والمسؤول عن القتل أو حرب أهلية أو مصيبة... أنا مجرد سلطة أدبية ومرجعية». واتهم تنظيم «القاعدة» «بالتغرير بأبناء الزاوية الذين يقل عمرهم عن 20 سنة لإعاثة الفوضى والدمار». وتوجه إلى الليبيين قائلاً: «اقبضوا على أتباع بن لادن وقدموهم للمحكمة لأنهم مسؤولون عن الجرائم». وطالب الآباء والأمهات بأن «ينزلوا إلى الشوارع ويمسكوا أولادهم الصغار الذين غرر بهم من عناصر من القاعدة الهاربين من غوانتانامو... بن لادن سعيد جداً بالذي وصلتم إليه. عالجوا أبناءكم من حبوب الهلوسة الموضوعة في القهوة والحليب كي يسيطروا بها عليهم». ووصف ما يحصل في الزاوية بأنه «مهزلة»، مضيفاً: «إذا أردتم العيش مع هذه الفوضى فأنتم أحرار. منذ العام 1977 تركت لكم السلطة. السلطة بأيدي الشعب، انتم تقررون كل شيء». وتقدم «بالتعزية» إلى عائلات العناصر الأمنيين الأربعة الذين قتلوا في الزاوية. وفي اليوم العاشر من الانتفاضة ضد نظام القذافي التي أدت إلى مقتل المئات، بدت شوارع العاصمة طرابلس شبه مقفرة صباح أمس بعد ليلة تخللها إطلاق رصاص كثيف، لا سيما في الضاحية الشرقية. وأكد شهود عيان وصلوا إلى تونس المجاورة براً أن مدينة زوارة في غرب البلاد «خلت من الشرطة والجيش... والشعب يسيطر على المدينة». وفي الشرق الغني بالنفط الذي سيطر عليه المعارضون، تشهد الجدران المليئة بآثار الرصاص في مدينة البيضاء على عنف المعارك بين المعارضين و «المرتزقة» الذين استخدمهم النظام الليبي. وقال الرائد صلاح ماثك من الشرطة القضائية: «قدمت استقالتي وجئت إلى البيضاء للتضامن مع شعبي. وسأكون في الخطوط الدفاعية الأولى ضد أي هجوم من الخارج». وقال الرائد عبدالعزيز البسطة: «أمرونا بمهاجمة الشعب فرفضت. لا يمكننا استخدام الأسلحة ضد شبابنا». وأضاف ضابط آخر: «يجرى الحديث عن التقدم إلى طرابلس. هدفنا طرابلس إن عجزت عن تحرير نفسها». وبحسب المعلومات غير المؤكدة لسكان معارضين للقذافي في البيضاء، فإن أنصار الزعيم الليبي يتمركزون في العاصمة حيث تملك كتيبة خميس القذافي خصوصاً 9 آلاف مقاتل إضافة إلى مدرعات وطائرات وأسلحة ثقيلة. وشنت قوات موالية للقذافي هجوماً مضاداً أمس وخاضت معارك ضارية بالأسلحة مع الثوار الذين هددوا حكم القذافي من خلال استيلائهم على بلدات مهمة قريبة من العاصمة، خصوصاً مصراتة وزوارة في الغرب. وهاجمت قوات موالية للقذافي أمس ميلشيات معارضة تسيطر على مصراتة ثالث أكبر المدن الليبية على بعد 200 كيلومتر إلى الشرق من طرابلس. وقال محامون وقضاة في بيان نشر على الإنترنت إنهم يسيطرون على مصراتة. ووردت أنباء عن انتشار قوات الجيش على طول الطرق المؤدية إلى طرابلس. وفي الزاوية، قال شهود عيان إن مواطنين بملابس مدنية بدا أنهم من أنصار ومن معارضي القذافي يتبادلون إطلاق النار في الشوارع. وقال محمد جابر الذي مر بالزاوية في طريقه إلى تونس أمس: «الوضع فوضوي هناك. هناك أشخاص يحملون البنادق والسيوف». وأكدت صحيفة «قورينا» الليبية سقوط عشرة قتلى على الأقل وجرح العشرات أمس في هجوم شنته قوى الأمن في الزاوية. وأضافت أن المصابين «لا يستطيعون الوصول إلى المستشفيات نظراً لإطلاق النار الكثيف في كل اتجاه». إلى ذلك، قال الساعدي القذافي لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية إن والده سيقوم بدور رئيسي في أي نظام يتشكل في البلاد، «لكن هناك حاجة لدماء جديدة لتولي السيطرة المباشرة والقيام بالإصلاحات». وقال: «أبي سيبقى بصفته الوالد الكبير الذي يقدم النصيحة»، مضيفاً أن ما يصل إلى 85 في المئة من ليبيا «هادئ جداً وآمن جداً». وأكد أن والده سيسترد الجزء الشرقي من البلاد «إن آجلا أو عاجلاً». وتابع: «نعم يوجد ناس يحتجون ضد حكم والدي. هذا شيء طبيعي. كل شخص ينبغي أن يعبر عن رأيه بحرية. وبعد هذا الزلزال الإيجابي يجب أن نفعل شيئاً من أجل ليبيا. ويجب أن نضخ دماً جديداً ليحكم بلدنا». وأشار إلى أن شقيقه سيف الإسلام يعكف على إعداد دستور جديد وسيصدر إعلاناً قريباً، لكنه لم يذكر تفاصيل. وشدد على أن «الجيش ما زال قوياً جداً... وفي حال سمعنا أي شيء سنرسل كتائب عسكرية. عندما يرى الناس الجيش يخافون». ودعت اللجنة الشعبية العامة للأمن العام في ليبيا أمس المحتجين إلى تسليم أسلحتهم وعرضت مكافآت على من يبلغون عن زعماء الاحتجاجات. وقالت في بيان بثه التلفزيون الرسمي: «من يسلم سلاحه نادماً يعفى من الملاحقة القانونية، كما تدعو اللجنة المواطنين إلى التعاون معها بالإبلاغ عن الذين غرروا بالشباب أو زودوهم بأموال أو أجهزة أو مواد مسكرة أو حبوب الهلوسة، وسيتم منح مكافأة مالية مجزية لكل من يبلغ أو يساهم في القبض عليهم». إلى ذلك، أعرب وزير العدل الليبي المستقيل مصطفى عبدالجليل عن قناعته بأن القذافي سينتحر «مثل هتلر»، معطياً تفاصيل عن وجود مرتزقة أفارقة في ليبيا. وقال في مقابلة نشرتها صحيفة «اكسبرسن» السويدية أمس إن «أيام القذافي معدودة. سيفعل مثل هتلر وسينتحر». ودعا الديبلوماسيين الليبيين إلى دعم الثورة. وقال: «رأيت الشيطان فيه (القذافي). آن الأوان كي يأخذ جميع الديبلوماسيين في السويد والعالم مسافة من هذا النظام الدموي. أطلب منهم البقاء في مناصبهم، لكن الإعراب عن دعمهم للشعب. كنت أعلم قبل الانتفاضة بكثير أن النظام يستخدم المرتزقة. ففي عدد من الجلسات قررت الحكومة منح الجنسية لأفراد من تشاد والنيجر. أعربت عن احتجاجي والأمر موثق».