أيها المصباح الكهربائي... بالأمس عبرت ذكرى ميلاد ميلاد مخترعك توماس أديسون المتمرد المجنون.. من صب عقله بعيداً عن مسار الاعتياد في التعامل مع القشرة الخارجية التي تحيط به... فانبثقت بين يديه تُضيئها... ومنك انطلقت للأرض مصابيحها، ومضخات أنوارها... أنت أيها المصباح ما تقول في ظلام المساحات الشاسعة التي يقف عليها مئآت ملايين توماس الإنسان، ممن له عينان، ولسان، وشفتان، وقلب، ويدان، وعقل، وقدمان...؟ إلى أي مدى كنت ستغدو ممتداً في تلافيف عقولهم، وهم عقلاء، يدركون بأمهات عيونهم كل شبر في الأرض التي يقفون عليها، بعد أن انتشر نورك، وجعل بين أيديهم الليل نهاراً لكنهم في النهار لا يبصرون..؟ أيها المصباح.. أكانت إشارة توماس للعالم بأن العقل الذي لا يضيء، هو الخراب الداب على الأرض..؟ أو أن الأرض التي لا يتمرد الناس فوقها ولا يجنّون، لا تضيء عقولهم البتة فيها.. ومصابيحهم مُطفأة..؟ أوَ يمكن أن تكون رسالتك أيها المصباح فوق الأرض، هي تحريض الجنون لبعث الجذوة...؟ لا التربيت على الركود فانطفاء الشعلة..؟ أم أن الضدين يتقابلان في ومضة، ولا ينفصلان عن توازٍ..؟ وأن كل ضد منتِج في الآخر..؟ محرِّض له.. فاعل به..؟ أيها المصباح: ما تمَّ بعد وميضك هو أن الناس رأت طريقها، وتبينت لها مخابئها ومفازات دروبها، وأبصرت خبايا أنفاقها.., ذلك حدث عندما عمَّ ضوؤك.. لكن، ما مدى انقضاء الظلام فيها..؟، ذلك لم يقس بعد، في ضوء ما يعم من ظلام في تفاصيل مساراتهم، تلك التي تطؤها أقدامهم، وتلك التي تطوف بها أخيلتهم، حين تتوازى فضاءات ما خلف جماجم رؤوسهم، وفضاءات ما هو خارجها.. أيها المصباح: أكان لك أن تتكلم ولم تفعل..؟ أم لأنك أنت، في بداياتك انبثاقاً، لم تعد مطمحاً، لمن غدا يكبس على زر إلكتروني فيشعل الضوء وهو نائم..؟ أيها المصباح: سلام على مُنبَثَق النور فيك... حين تكفي ومضة للرؤية، عن شلالات من النور تكفُّ عن الوصول إليها..