تلقيت دعوة لحضور احتفال جامعة الإمام، ببلوغ عدد طلابها في التعليم عن بعد أكثر من ثلاثين ألف طالب وطالبة، وكان على رأس الحضور سماحةُ مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، ومعالي عضو هيئة كبار العلماء، الشيخ صالح اللحيدان، وبحضور معالي مدير الجامعة الدكتور سليمان أبا الخيل، ووكلاء الجامعة، وكوكبة من أصحاب السمو والمعالي، وحشد تجاوز الآلاف، وكان الحفل بهيجاً ذكَّر الحضور بتاريخها التليد، وأطلعهم على حاضرها السعيد، وطمأنهم على مستقبلها الواعد، لأن لجامعة الإمام مكانة في قلوب أبناء الأمة الإسلامية تلكم الجامعة التي أُسست على تقوى من الله حيث أسس نواتها الملك عبد العزيز، ومفتي المملكة الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمهما الله -، حتى أصبحت رافداً أساسياً لجميع الجهات الحكومية والقطاع الخاص، ورافداً رئيساً في القضاء بكافة فروعه، خرجت مئات الألوف الذين نشروا دين الله وفق منهج السلف الصالح، وللجامعة جهود عظيمة يسهر على بذلها رجال صدق ومن ذلك: التعليم عن بُعد: فجامعة الإمام يتمنى الآلاف من أبناء العالم الإسلامي الالتحاق بها وكان نيل هذه الأمنية شبه مستحيل إلا لفئة قليلة، لأن تحقيق أمنيات الجميع ليس من السهولة بمكان لكن الجامعة حققت لهؤلاء الأمنية، بعد افتتاح نظام عمادة التعليم عن بعد عام 1429، حيث أذنت الجامعة للجميع الالتحاق بها، كما أتاحت الدراسة وفق هذا النظام للفتيات في كافة مناطق المملكة اللاتي لم يجدن قبولاً في الجامعات، أو يجدن صعوبة في توفر وسائل النقل، وأتاحت للجميع فرصة أداء الاختبارات في مدنهم حيث اعتمدت أكثر من ثمانين مركزاً للاختبارات كلفها الجهد والمال ولكنها لم تعبأ به مقابل التيسير على الناس، كما أتاحت للسجناء الفرصة لإكمال دراساتهم بهذا النظام بدون أي رسوم، حسب توجيهات خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله لما يحبه ويرضاه -، مما يجعلهم بعد خروجهم من السجن أعضاء فاعلين، قد استفادوا من مكثهم في السجون بالعلم، ونظام جامعة الإمام المطور ليس كلاماً يُلقى على عواهنه، فناهيك عن التيسير في القبول وإتاحة الفرصة لأكبر شريحة من أفراد المجتمع للالتحاق بها، فإنها حققت للجاد أمنيته بأن يتعرف على المناهج من أول يوم حيث قامت بتسجيل المحاضرات لجميع الفصول الدراسية الثمانية، فيستطيع الطالب أن يتعرف على منهجه الدراسي من أول يوم، بعكس المنتسب في السابق الذي كان يعاني الأمرَّين في التعرف على منهجه، ويحتاج إلى بناء علاقات مع زملاء حتى يستجديهم للحصول على ما جدَّ في المقررات، وقد لا يتعرف على المنهج إلا قُبيل الاختبار بأيام مما يحرمه من التفوق، وأزفُّ بشرى بأن الجامعة بصدد أن تحقق للآلاف من أبناء الدول الإسلامية، الذين يرغبون بالحصول على شهادات وفق منهجية شرعية سليمة، سيصبح متاحاً لهم وفق نظام التعليم عن بُعد الذي تقدمه جامعة الإمام لهم، وهم في بلدانهم، كما أن الجامعة في السنوات الأخيرة أضافت إلى تميزها الشرعي افتتاحها للكليات العلمية، كالطب، فوجود مثل هذه الكليات شائع في الجامعات الإسلامية، وإنما تتميز هذه الكليات بجامعة الإمام عن مثيلاتها بأن ما يناله الطالب من العلوم الشرعية يزيد على أربعة أضعاف ما يناله الطالب في الكليات العلمية في الجامعات الأخرى، فهي مزجت بين المواد العلمية، والمواد الشرعية، فما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا، كما أن الجامعة أصبح ارتباطها في المجتمع أقوى، ويظهر ذلك جلياً في معهد الأمير نايف للبحوث والخدمات الاستشارية، حيث يمثل بوابة الجامعة نحو العالمية، كما أنه يقدم خدمات استشارية للجهات الحكومية، والخاصة، الراغبة في تطوير خدماتها، وينظم ملتقيات ودورات تدريبية ومعارض دولية، كما قام بإجراء عشرات البحوث التي تهم المجتمع وفق دراسات جادة، مما أدى إلى إسهام المعهد في إنهاض القطاعين الخاص والعام، تصدى لها مجموعة من منسوبي الجامعة العمليين والجادين، ولم يكتفِ المعهد بتلك الأدوار، بل أسهم في ترجمة العديد من الأبحاث إلى اللغة العربية، والعكس، مُسهّلاً على الباحثين، كما اهتمت الجامعة بأعضاء هيئة التدريس أكثر من ذي قبل، حيث اعتنت بهم عبر عمادتها التي أقامت لهم الدورات العلمية، والتدريبية، وسهلت لهم الحصول على الامتيازات، والحقوق التي أقرتها الدولة لأعضاء هيئة التدريس بيسر وسهولة، وهذا لم يكن في السابق متيسراً كما هو متيسر الآن، فعمادة أعضاء هيئة التدريس تعتبر فريدة في تميزها، وسلاستها، بل وتوسعت في تعيين المعيدين، والمعيدات، ويسرت لهم الحصول على الشهادات العليا، كذلك اهتمت الجامعة اهتماماً ملحوظاً بالدراسات العليا للراغبين بالحصول عليها عن طريق التعليم الموازي، وهذا أمر يفرح كل غيور حيث تحقق حلم آلاف الطلاب الذين توزعوا في أنحاء المعمورة، وبذلوا الجهد والمال للحصول على الشهادات العليا، فأصبح الحصول عليها أيسر من السابق بكثير، من خلال توسيع دائرة القبول وتيسيره، لا من خلال التيسير في النواحي العلمية فالجامعة ما زالت على جديتها، وقوتها العلمية، وما أدل على ذلك مما يقدمه المعهد العالي للقضاء ذلكم المعهد المهيب الذي خرج الآلاف من العلماء والقضاة الذين نشروا العدل في أنحاء بلادنا المباركة، والمعهد يقدم جهودا عظيمة لسد حاجة البلاد بعد إقرار النظام القضائي الجديد فأصبح يتوسع في تقدمه من خلال توسيع دائرة القبول مع جودة الأبحاث العلمية الجادة المواكبة لنوازل العصر ومستجداته فجامعة الإمام تتقدم نحو الألف ميل بخطوة واحدة، كما تميزت الجامعة بعمادة البحث العلمي، حيث أُنشأت في عام 1397ه، وحرصت على ربط البحث العلمي بأهداف الجامعة، وخطط التنمية والتأكيد على الأصول العلمية للبحث، وتوجيهها إسلامياً فلا تقر ما خالف العقيدة، وأصول الشريعة، فأعدت جيلاً من الباحثين وفق أسلوب علمي رصين، سدت به ثغرات موجودة يحتاجها العالم الإسلامي، من خلال معالجة القضايا العصرية، والنوازل، سواء كانت فقهية، أو عقدية، وما يجدُّ في المجتمع، ليست عبر جهود فردية فقط بل وعبر تكوين فرق بحثية، يشترك بها أساتذة من داخل الجامعة، وخارجها، مع الحرص على البعد عن الازدواجية، والتكرار، بالمتابعة الدؤوب لحركة البحث العلمي في العالم، كما تقوم بتحكيم البحوث العلمية، ووُضعت جائزة التميز البحثي من أجل حفز الهمم نحو البحث الجاد، كما قامت الجامعة بإنشاء العديد من الكراسي العلمية فاق الخمسة عشر كرسياً، بتمويل من العديد من المخلصين، والمحبين للجامعة من الجهات الحكومية، والمؤسسات، والأفراد من أصحاب السمو، ورجال الأعمال، وعلى رأس الممولين لهذه الكراسي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز - النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الداخلية -، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز - أمير منطقة الرياض - ، ووزارة الشؤون الإسلامية، وهذه الجهود المبذولة قد لا يعرفها كثير من الناس، وأبشرهم بأن جامعة الإمام - ولله الحمد - في تقدم مستمر، وكانت وما زالت - ولله الحمد - منبر العلماء، ومصدر العلم الشرعي المؤصل، حفظها الله من كل سوء، ووفق القائمين عليها، وعلى رأسهم معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري، ومعالي نائبه الدكتور علي بن سليمان العطية اللذان أسهما بتطوير التعليم العالي بكافة صوره وأشكاله، وجامعة الإمام في عصرها الزاهر، وحاضرها السعيد، منذ تولى رئاستَها معالي الأستاذُ الدكتور سليمان أبا الخيل - وفقه الله لما يحبه ويرضاه - الذي يسهر على تطويرها، وتقدمها، ومعه رجال صدق نحسبهم - والله حسيبنا وحسيبهم ولا نزكي على الله أحداً - من المخلصين الذين يسهرون على تطورها، ودفعها من مجرد جامعة إلى مدينة جامعية حتى أصبحت مصدر عز لجميع أبناء هذه البلاد، فهي عبارة عن خلية نحل، لا تتوقف عن العمل، والإنتاج، ورجالها يسهرون على تقدمها ليلاً ونهاراً، لا يفرقون بين بداية الأسبوع ونهايته، كل ذلك سعياً لمصلحتها، فمعالي الدكتور سليمان يبذل الغالي والنفيس من وقته وصحته وجاهه وعلاقاته الواسعة لنفع الجامعة، فلا وقت عنده للراحة، ولا مكان عنده للكسالى والمثبطين والعجزة والمخذلين، فالإنتاج والعطاء والجودة ونفع الجامعة هدفه الأساس، مما أدى إلى تطورها تطوراً مذهلاً، يعلمه ويشعر به من يعيش بين أحضانها، أو يتعامل معها، فهي تتقدم تقدماً هائلاً في جميع مجالات عملها، حتى أصبحت أكثر الجامعات قبولاً للطلبة والطالبات، كما تميزت الجامعة في عصرها الحالي بالحرص على الجودة وتطوير العمل الآلي مواكبة لما عليه كبرى جامعات العالم، مع محافظتها على أصالتها وسلامة منهجها، فجهود معالي الدكتور سليمان أبا الخيل عمل لا ينكره منصف ولا يجهله منتسب للجامعة أو ذو علاقة بها أو تواصل معها، فليس من رأى كمن سمع وليس الخبر كالمعاينة، حتى بلغ من تميزها ما جعل مديرها يترأس المجلس التنفيذي لاتحاد الجامعات الإسلامية، بعد ما كان هذا المنصب حكراً على مديري جامعات دول أخرى وعلى رأسها مديري الجامعات الإيرانية الذين سيطروا على رئاستها في السنوات الأخيرة ولكن تقدم الجامعة أجبر الجميع على أن تتولى سدتها، فأصبح معالي مدير الجامعة الدكتور سليمان أبا الخيل رئيساً للمجلس التنفيذي لاتحاد الجامعات الإسلامية، فله مني الشكر والدعاء ولوكلاء وعمداء الجامعة وفقهم الله لما يحبه ويرضاه، وسدد خطاهم على طريق الخير.