أنا شاب متزوج.. وأعمل في إحدى الشركات، ولدي ثلاثة أولاد. مشكلتي في الماضي القاسي والذكريات المريرة التي عشتها في حياتي؛ فقد ابتليت بأب منتهى الحرص وهمه الأول ماذا سنكون في المستقبل وللأسف كان يتخذ أساليب في منتهى العنف لايتورع عن ضربي وشتمي حتى أمام الضيوف وأقاربنا وقد كنت حينها فتى متمردا عنيدا بحسب شهادة والدتي، أحس الآن بكره شديد له وقلما ازور والدتي إذا كان موجودا بالرغم من كونه تغيير كثيرا وقد ساعدني وإخوتي في الزواج وشراء مسكن خاص وهو مصاب بالقلب كيف استطيع أن أتجاوز ذلك الماضي المعتم وتلك الأوجاع القديمة والامي الدائمة والتي لا أظن أحدا يعاني من مثلها. ولك سائلي الفاضل الرد: من القسوة على النفس وعلى من حولنا الاجترار الدائم للماضي التعيس والاجتهاد في توطين الذكريات المؤلمة وأعظم ما يمكن أن يقال عن تصرفات والدك وعنفه وقسوته معك في طفولتك أنه اجتهاد لم يوفق إليه وأسلوب خاطئ مارسه لا أكثر، مع يقيني أنه يريد لك الخير ولعل ما يبرر له تلك القسوة تمردك وعصبيتك وعنادك، أيها الفاضل: لو أن أحدهم اخطأ في حقك ثم عاد معتذرا فسوف تدمح الخطأ وتقبل العذر ولو قدم بين يدي اعتذاره إحسانا فسيزول تصرفه من وعيك تماما وستهبه حبا وودا! ولا أجد لك مبررا مقنعا لهذا التنكر لمن كان سببا بعد الله لوجودك وللأسف لم يلق إحسانه تقديرا واحتراما، وتالله لوكان أبا بخيلا قاسيا أهوج لما وسعني إلا أن أنصحك باحترامه فأين حق الأبوة وأين الإحسان؟! إن علاقتك مع والدك لا تخضع لقانون العطاء المتبادل كما هوالحال مع الآخرين فتسديدك فاتورة الأبوة والأمومة أمر شاق وعسير وبعيد المنال ولو تعاظم عمرك فلن تقدر عليه! وقد رأيت وسمعت مما لاحصر لهم عن أشخاص عقوا والديهم وقد توالت المصائب والنكبات عليهم فهومما تعجل به العقوبة في الدينا وتعظم معه الخسارة في الآخرة.. وقد طال ليلهم بوخزات الضمير الموجعة، وبعد هذا انظر للحياة بنظرة إشراق وتفاؤل وافتح صفحة جديدة من حياتك يسودها البر واجعل هذا اليوم الأول من أيامك الباقية فاحرص علي أن تحياه سعيدا وأن تتسامح فيه مع غيرك لكي تصفو لك الأيام. أما حديثك عن ألآمك العظيمة والتي لا ترى أحدا قد نُكب بمثلها فمع احترامي الكامل وتفهمي العميق لمشاعرك وإحساسي بمتاعبك فأقول لك: لقد سمعت من القصص ووقفت على مشاهد من آلام الناس ما يتقاصر معه تعبك وتتوارى بجانبه قصتك خجلا إذا ما وضع موضع المقارنة معها؛ فاحمد الله على نعمه الظاهرة والباطنة وانطرح على عتباته واسأله ألا يبتليك بشيء منها وأن يهيئ لك من أمرك رشدا. شعاع: لا يمكن أن تنجز الكثير في حياتك إذا عملت فقط في الأيام التي تشعر فيها بالرضا عن نفسك.