الأحلام.... هذا العالم الذي نتطلع دائما إليه، من حبات القلوب ننسجه، ورغبات اللا وعي تنفثه، نرسم على صفحاته الوهمية،، نصغي لصوته الذي لا يفتأ يشنّف آذاننا، نرهف له السمع، حينما يعجز حاضرنا عن تحقيق رغباتنا، الأحلام للجميع، للصغير والكبير، للغني والفقير، حيث لا يملأ فم ابن آدم إلا التراب. يأتي المساء، يهبط الظلام، يخيّم على الكون، لكأنما ينبثق من روحي الكئيبة، حين يهدأ الضجيج ! يشتعل يأسي، ويتوهج بؤسي. تمر بخاطري ذكريات أحلام مخضبة بالشجن، لازمتني كظلي، ذللت خدي لها زمنا طويلا، حتى لقد صفعت الأيمن، فانثنيت بحسن طوية، وأدرت لها الأيسر، فلم تتورع عما فعلت بالأيمن، والآن تمر هازئة مني ومما آلت إليه تلك الأحلام، كم هي متواضعة. كلما لاح لي وميض أمل بأنها أينعت، ودنا أكلها.... جنيت منها الحنظل. يبدو أن مثلي حظه من الأحلام.... الأحلام، (أنا الي رأس مالي حلم، وهم الدنيا قدامي) متى يكون الذي أرجو وآمله أما الذي كنت أخشاه فقد كانا أم أنه كما يقال (خلقت الأحلام حتى لا تتحقق) أحلام نشطة لا تعرف الرقاد، ولا يصيبها توان ولا فتر، بعضها مستوطنة، وأخرى وافدة، حسب ما يقتضيه الإرهاق اليومي..... من أنقاض حلم، أستشرف حلما آخر. أحيانا ألمس براعم أمنيات تزهر في أغصان شجرة الأحلام العقيم، أراقبها، من حبات العيون أسقيها، أبتلع الحزن، وأراقب الحلم، أخشى أن تلحق بها جينات العقم. حينما أفكر في أحلامي المتواضعة، يهبط علي عناء كبير، تتهالك روحي إزاءه فلا أقوى على المتابعة، فيسعفني الشعر: إذا ما أطلت الفكرَ في مطلبٍ فلم تنله فذرهُ بحالهِ فلليأس عن إدراك ما عز نيله على القلب برد مثل برد مناله آه... هذه الجدران المتيقظة دائما وأبدا، الشاهدة على كل الأحلام، لو أنها تنطق لسخرت ولرددت: أراد فلم ينل ثغرا ورام فلم يصب جفنا... أما آن لهذه الأحلام أن تنضب وتضمحل، فكل ما حولها يشي باليأس، وما كل ما منّتك نفسك خاليا تلاقي ولا كل الهوى أنت تابع يقال (متى يأست النفس من الشيء استراحت منه) إذن فلنلجأ لليأس... عفوا.... لست من أعداء النجاح، لكن الأماني رأس أحلام المفاليس، و(عسى العوض في مقبلات الليالي) ما أغرب الإنسان، أحيانا، أقصى طموحاتنا أن يتحقق حلم ما، وحينما يتحقق تمسي أقصى الأمنيات الخلاص منه، فعلا (لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع). يبدو أني أطلقت العنان لأحلامي حتى لم تعد قادرة على العودة بي لأرض الواقع، ذلك أنها تعلم مسبقا بأنه ليس بعود حميد. تخيفني يا هذا الحلم الذي يقف في وجه الحياة. طول انتظاري لتحقيق أحلامي، أفسد علاقتي الحميمة بها، فكلما ابتعد الحلم، تقترب الغصة، والعمر يجري، يسرق أعمارنا، وتلك الأكوام من الأحلام، لا تأبه بشيء، تقف متراصة، ساكنة، واجمة، كالجبل، ولا يضيرها أن تتسع وتعلو وتكبر، ولتأخذ ما شاءت من حيز في الفراغ، ففضاء الله واسع. كنت أقضي ساعات المساء غارقة بها، أتخيلها، بل أكاد أراها رؤي العين.... قلبي الذي كان متكأ للأحلام، أمسى مقبرة لها. أيها الحلم.... ألفت الجفاء..... أعدت الشتاء.... فلا تأت. آخر الكلام لن أشتهي بعد هذا اليوم أمنية لقد حملت إليها النعش والكفنا