يقال إن الحب يهبط على المرأة في لحظة مليئة بالإعجاب والسكون.. ويقال أشياء كثيرة في هذا الموضوع سنذكر بعضها لاحقاً.. ولكننا نعتقد أن قلب المرأة يُشءغَفُ حباً بالرجل في الوقت الذي (يتبلور) فيه ذلك الرجل في عينيها وخيالها وأحلامها حتى تلمع عيناها إعجاباً ولهفة.. وتختلف مقومات (التبلور) حسب عمر المرأة وتجاربها. @@@ ولعل حب المرأة لرجلها يختلف حسب طبيعتها ونسبة الأنوثة عندها، فقد أجمع علماء الطب والتشريح على أنه لا توجد أنوثة كاملة 100% ولا رجولة كاملة 100% فإن في كل امرأة جزءا من الهرمون الرجولي، وكلما قل زادت أنوثتها والعكس، وأن في كل رجل جزءاً من الهرمون النسائي كلما قلَّ زادت رجولته والعكس، ولهذا فإن التوقيت النسائي في الحب تختلف درجة حرارته وتلهفه حسب تكوينها الهرموني وعمرها وتجاربها السابقة. @ فهناك نساء كلما هجرهن الحبيب زادت الواحدة منهن حُباً له وشوقاً وتمسكاً به، وبعض الرجال يستغل هذا عن خبرة، وبعض النساء تكشف نقطة الضعف هذه فيستغلها الرجل.. ومن ذلك قول الشاعرة العراقية عاتكة (ويأخذ النقاد عليها هذا التهالك مع أنهم يقبولنه بل يحبذونه من الرجل العاشق): "الموتُ الا يومُ غدركء والنار إلا نارُ هجركء يا سيدي هذي فتاتكَ تشتكي لذَعَاتِ حرِّكء رُحءمَاكَ هذي طفلةٌ أولى بِعطفءك أو بِبِّركء" @@@ "يا سيدي كيف السبيل إلى سُلُوِّك أو لهجركء؟ إن كنتَ تذءنبُ سيدي فالقلبُ يأبى غير عذركء كُنء كما تشاء فإنني لكَ ما حييتُ ولا لغيرك!" وتقول فدوى طوقان من قصيدة طويلة كلها دليل على أن هجر حبيبها أشعل نيران حبها، ونكتفي من القصيدة بمقطع: "لِمَ لا تعوُد أنا هنا وحدي بهيكل ذكرياتي وحدي ولكنِّي أُحسُّك في دمي في عاطفاتي أُصغي لصوتك المنغوم في أغوار ذاتي وأراك من حولي وفيَّ وملءَ آفاق الحياة"! فهجر الحبيب عطّل التوقيت النسائي فصار الحبيب هو الوقت كله.. ونرى في شعر "زبيدة بشير" أن الليل هو التوقيت النسائي لاضطرام الحب، فمع الليل والوحدة يجتاحها الهوى: "أتُراه يعلمُ أنني في الليل إذ أخلو بنفسي تشتد آلامي ويجتاح الهوى روحي وحسي وخياله أبداً يناجيني فأدرك سر يأسي" وفي كل الأحوال يضرب الحب أعماق المرأة إذا أصابها عذاب عاطفي من الحبيب، كالهجر والفراق أو إذا غارت عليه وأحستء أنه معجب بأخرى، وغالباً ما تكتم غيرتها ولكنها تكون مرتبكة، والحب يربك المشاعر لدى المرأة ويربك التوقيت وإن تظاهرت بالثبات والبرود فإن بركان الحب يضطرم في داخلها.. تقول جليلة رضا: "أيُّ المشاعر في الدماء تدفَّقتء حين التقينا بعد هَجر مُؤءلم وأبى السلام .. أَبَيءتُهُ من قبءل أن يدنو يَمُرُّ عليَّ غيرَ مُسَلِّم وكذا تشابَهَ في الخصام شعورنا كالأمس في وَصءل وحُب مُفعَم أَعطيتُهُ ظهري وكم ملك الذي في الصدر من قلب تَوَهَّجَ بالدم ووَقفءتُ صامتةً أُحَرِّكُ في يدي مفتاحَ بيتي أو أساورَ معءصَمي وخشيتُ أن أرنو إليه.. وطالما أغرقتُ عيني في سناه المُظلم وَرَجعتُ حتى لو تلمَّس إصبعي لهويتُ فوق الأرض كالمتحطِّم كم أُمنيات رددتء في خاطري لو أنني حققَّتُها لم أَسءلم فلو استطعتُ على الخدود صَفَعءتُهُ ثم انثنيتُ بقبلتين على الفم ولو استطعتُ سخرتُ منه شتمتُهُ وبكَيءتُ فوق خُطاهُ كالمُتَندِّم يا أنتَ لا تغترَّ لستُ ملومةً أهواكَ حُبَّ الأُمِّ لابن مُجءرمِ!" @@@ والتوقيت النسائي المثالي للحب هو ألا يكون وقتها مع محبوبها فاتراً.. أو مُهملاً.. أو نائماً.. بل مثير.. حار.. حتى لو ضربته عواصف الهجر والعذاب.. فهذا أسهل من البرود والإهمال.. ويثير التوقيت النسائي للحب المديح والغزل وإبداء الإعجاب إلى آخر الحدود، أما كلمة (الحب) و(أحبك) فهي الكلمة التي لا تمل المرأة منها أبداً وربما أحبت من لا يستحقها لكثرة ترديده كلمة الحب أمامها، وهي تريد أن تسمع هذه الكلمة الحلوة ولو كانت متأكدة من وجود الحب، تقول سعاد الصباح: "قل لي: أُحبُّك.. قُلء لي: أحبك أعرفُ أنك تكره التكرارء واعرفُ رأيك في الكلام الصامتء.. وفي الصمت الذي لا يتكلّمء ولكنني كامرأة: أُحبُّ من يَحُكُّ لي جِلءدَ أُنوثتي". @@@@ (التبلور) والتبلور هو ذروة التوقيت النسائي في الحب .. وذلك حين (يتبلور) الرجل في عينيها وخيالها وقلبها فتراه كاملاً من كل النواحي وأميراً بين الرجال، حين تُعءجَبُ به كُلّه بشكله وأناقته وأخلاقه ومستواه الاجتماعي والمادي وبإعجاب النساء به.. (والتبلور) كلمة مشتقة من (البللور) وهو زجاج أقرب في توهجه إلى الألماس لا خدش فيه ولا مأخذ عليه، فهو يتلألأ من كل الجوانب والعاشقة تراه هو الألماس.. ولكن بعد أن يتبلور الرجل في قلب المرأة ويشغفها حباً وتتزوجه عن غرام لاهب، تكتشف بعد الزواج حقيقته الأصلية هل هو ألماس أصيل أم مجرد زُجاج برَّاق؟