كانت ضيعة أبو جبار «55 كلم» شرق حلب في سورية نقطة الانطلاق حين حزم أحمد علي وزوجته فضيلة محمد عيسى وابنة شقيقته أمتعتهم واتجهوا صوب الديار المقدسة يحدوهم الأمل في التمتع بالحج والعمرة وفي دواخل كل منهم أمنيات وأحلام يرغبون في تحقيقها، غير أن الحلم المشترك يكمن في أن يرزق الله الزوجين بالذرية المباركة ولا سيما أنهما انتظرا طوال 20 عاما جابا خلالها العديد من المشافي والمراكز العلاجية التي أجمعت على سلامة كليهما. ويبقى الأمل في أن يعجل الله بقدوم الضيف الذي طال انتظاره. وفي رحلة المجيء إلى الحج برا تجشم الزوجان متاعب وعناء السفر مستقلين مركبتهما الخاصة وهي بالكاد تستطيع قطع آلاف الكيلومترات وقد استغرقت في مسيرتها المتواصلة ثلاثة أيام. وقد ضحى كل منهما بأغلى ما يملك في سبيل أن تطأ أقدامهم الأرض المقدسة، حيث تنازلت الزوجة عن حليها ومصاغها ووافقت شريك حياتها على بيع أثاث منزلهما المتواضع بجانب مزرعة صغيرة ورثتها عن والدتها. ومن إحدى الزوايا الخارجية لحرم مسجد السيدة عائشة رضي الله عنها بحي التنعيم وقف الركب لأخذ قسط من الراحة استعدادا للدخول في مناسك العمرة، وروت الزوجة فضيلة بصوت امتزج بدموع رهبة المكان وشوق رؤية الكعبة المشرفة، وهو الحلم الذي تهون أمامه كل الصعاب بأنها تمنت كثيرا مجيء اليوم الذي ترى فيه الكعبة، وطالما كانت تشرئب إليها خلال نقل الصلوات عبر التليفزيون وتذرف الدمع شوقا لرحلة مجللة بالسكينة والوقار. وذلك ما يشاطره فيه زوجها مكتفيا « لا أدري كيف سأكون عليه ورفيقة دربي إذا ما بدت لناظرينا مشاهدتنا بيت الله، فالخوف والفرحة منذ وهلة وصولنا حدود الحرم، وهو ما فضلنا معه التريث بهذا المكان بعض الوقت». بينما أشارت ابنة شقيقة الزوج أنها لم تتمالك نفسها من الفرح حينما طالب خالها وزوجته مرافقتهما إلى مكة والحج كاشفة أن الزوجين أوقفا مركبتهما عقب دخولهما الأراضي السعودية وسجدا لله شكرا وحمدا ولسانهما لا يفتأ أبدا من ترديد تمنياتهما في سرعة بلوغ المسجد الحرام، حيث تنساب أعينهم بالدموع كلما رددا ذكر الكعبة المشرفة.