الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوام أمر الناس وصمام أمن الحياة، لا تستقيم ولا تصلح إلا بهما. بهذه الكلمات قدم الشيخ عبدالمعز عبدالستار كتابه الموسوم ب"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" الذي يقع في 31 صفحة من القطع الصغير والصادر عن المكتب الإسلامي في بيروت في طبعته الثانية. وفي مستهل الكتاب شبه المؤلف النظام الذي أقامه سبحانه وتعالى في هذا الوجود من حيث ثبات السنن الضابطة المحكمة في تسيير النجوم والكواكب، وموازين تسير عليها حياة الناس وفق أطر ثابتة وضوابط محكمة أوضح فيها الحلال والحرام والخبيث والطيب واستحفظ عليها أولياءه ورسله، وأنبياءه وتعبد بها خلقه، وأوجب عليهم رعايتها والمحافظة عليها وجعل ذلك قمة العبودية والطاعة فقال تعالى بعدما ذكر التائبين العابدين الحامدين السائحين الراكعين الساجدين قال تعالى:"الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين" وقد تحدث المؤلف في المقدمة عن أهمية الموضوع ذاكراً بعض الآيات والأحاديث الدالة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووجوبه. الناجون والهالكون بعد ذلك تطرق المؤلف في مطلع الكتاب إلي تعريف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم أوضح بعدها مدى الحاجة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وضرب لذلك مثلاً من الحديث النبوي حين قال :"مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا؟.. فإن تركهم الذين في الأعلى وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيدهم نجوا جميعاً" رواه البخاري. ثم تحدث المؤلف عن دلالة الحديث من خلال تقسيم الناس إلى فريقين: "أهل النجاة، وأهل الهلاك" وبين أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يساوي حياة المجتمع وسلامته وأن أي تهاون في القيام به لا جزاء له إلا أن تهوي السفينة بالجميع إلى القاع وأن يصبح الكل من الهالكين المغرقين. بعدها تطرق المؤلف إلى لب الموضوع وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واصفاً آثاره بأنه مثبت لمعاني الخير والصلاح في الأمة ويعمل على زوال عوامل الشر والفساد، كما أنه ينشئ الجو الصالح لنمو الآداب ويبعث الإحساس بمعنى الأخوة والتكافل والتعاون على البر والتقوى، وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أثر تشريعي كمصدر لحراسة جميع الشؤون العامة والخاصة في الأمة. الفضل والحكم وأشار المؤلف بعد ذلك إلى فضل الأمر والنهي مجملاً إياها فيما يلي: انه أرقى درجات الكمال الإنساني. هو خلافة عن الله ورسوله. إنه سر أفضيلة هذه الأمة بقوله تعالى:" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله". إنه سبب للنجاة في الدنيا والآخرة قال تعالى"فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس..". إنه سبب للنصر والتمكين في الدنيا قال تعالى"ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز، الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر..". إنه سمة المؤمنين وعلامتهم المميزة لمجتمعهم في القرآن. وبين المؤلف بعد ذلك حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موضحاً أنه فرض عين على كل مسلم واستدل على ذلك بعده آيات منها قوله تعالى:"ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون". درجات تغيير المنكر وانتقل المؤلف إلى ذكر درجات تغيير المنكر موضحاً أنها تشمل اليد واللسان والقلب.. وذلك بناء على ما جاء في السنة المطهرة عن النبي "حين قال" من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. ثم بين المؤلف بعد ذلك شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أفضل الجهاد وتحت عنوان "أفضل الجهاد" بين المؤلف أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعد من أفضل الجهاد وذلك حين تعطل حدود الله ويغشى الناس ليل من سواد الضعف والخوف. وأسهب المؤلف بعد ذلك في شرح آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موضحاً إياها بعدة عناصر منها: العلم، والورع، والعدالة، وحسن الخلق، والصبر، وخلوص النية. الحسبة ثم تطرق المؤلف في نهاية الكتاب إلى توضيح الحسبة مبيناً أنها اسم يتناول كل عمل صالح يقوم به صاحبه اتبغاء وجه الله، وكان اسم الحسبة قديماً يتناول كل صدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس والكلمة الطيبة والنية الصالحة وإماطة الأذى، وقال المؤلف: لقد أنشئت وظيفة المحتسب وكان لها شأن عظيم في العصور السابقة، فكان على المحتسب أن يراقب الشؤون العامة، وضبطها في حياة الناس على ميزان الشرع، والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصفة رسمية.