لم أكن قد خططت لذلك.. لكنها كانت فرصة للتأمل كنت أمام شاشة التلفاز حين بدأ ذلك البرنامج الجماهيري الشيق «أمن وأمان» الذي يعرض عبر قناة التلفزيون السعودي الأولى.. بدأ مذيع البرنامج يتحدث عن موضوع الحلقة وهو الزواج من الخارج.. وجدتني مشدودة إلى البرنامج حينها فليس أجمل من أن تتأمل برنامجاً محلياً يعرض فيه مشكلة يعاني منها هذا الوطن الذي أنت أحد أفراده إضافة إلى ان هناك لقاءات عاجلة لبعض المواطنين يتم فيها عرض آرائهم حول هذا الأمر.. تفاءلت كثيراً وقلت اننا نعيش عصراً شديد التحضر تغير كثيراً خلال السنوات الأخيرة بشكل مذهل نتيجة لانتشار القنوات الفضائية وأيضاً انتشار وسائل الاتصال الحديثة يأتي في مقدمتها «الإنترنت» الذي ساهم في زيادة الوعي والتفتح الذهني لدى الجماهير وساهم أيضاً بشكل كبير في مزج وتلاقح الثقافات والحضارات، بدأت اللقاءات تتوالى مع المواطنين وظهر على الشاشة رجل في الثانية والستين من عمره، قال في حديثه انه يؤيد كثيراً الزواج من الداخل وهو على استعداد لذلك ولو انفق ما وراءه ودونه، ولكن ماذا يفعل؟ هناك الكثير من العقبات منها غلاء المهور وما إلى ذلك «قلت بيني وبين نفسي هذا جيد.. هذا الرجل يأنف من غلاء المهور، لأن المرأة ليست سلعة تباع وتشترى» لكنني فوجئت بالرجل ذاته يقول: لقد بحثت كثيراً ولم اوفق.. فقد تجد امرأة «عجوزاً» في الأربعين تريد مهراً مثلما تريد الفتاة الشابة الأصغر سناً! أدهشني هذا التصريح وقلب قناعاتي رأساً على عقب لأكثر من سبب.. فالرجل يتحدث ببساطة عن تحديد المهور للنساء بشكل فظ سمج وكأنما يتحدث عن كائنات لا تعي ولا تعقل ولا تملك روحاً أو احساسا.. ويتحدث بكل بساطة وكأنما أصبح لا فرق بين النساء ولنقل «الأبقار والماعز على سبيل المثال» فالبقرة الهولندية الأكثر إنتاجاً للحليب هي الأغلى أما البقرة الهزيلة فهي الأرخص سعراً! والنعجة السمينة أيضاً سيكون لها نصيب أكبر أما الشاة أو البقرة المسنة فليس لها إلا «تراب يحثى في وجهها»، فليست سوى كائن قارب على التقاعد من هذه الحياة فليُقتل باكراً من خلال تجريده معنوياً من أحاسيسه ومشاعره ومن كونه إنساناً عاقلاً يعي ويشعر كبقية خلق الله.. لهذا كانت دهشتي.. ولو انصفنا فامرأة الأربعين تلك التي تحدث عنها الرجل من الممكن وبكل بساطة ان تكون في عمر ابنته لكنه لا ينظر للآخر «والمرأة خاصة» نظرته إلى نفسه فهو رجل لا يعيبه شيء اطلاقاً يبقى هو الأعقل والأقوى والأكثر تمتعاً بحقوقه.. وعجبت لك يا عقولاً تعود إلى الوراء!. EMAIL:[email protected] ص.ب 61905 الرياض، الرمز البريدي: 11575