ما أن يبلغ الشاب الخامسة والعشرين من عمره إلا ويكون قد فكر ملياً في الزواج والارتباط بفتاة تبدأ معه حياة جديدة وتكوين عش للزوجية، وما أن يبلغ هذا العمر إلا ويكون قد تمسك بوظيفة تعينه على نوائب الدهر وتكون رافدا كبيرا على أن يطرق الأبواب بحثا عن شريكة عمره ورفيقة دربه، ولعله أعطي دفعة قوية عندما سمع الكثير من الخطب والمحاضرات التي تدعو الشباب إلى الزواج وأولياء الأمور إلى تزويج بناتهم وعدم تحجيرهن او المغالاة في مهورهن، فيبدأ عملية البحث ويجد أن الأقوال قد خالفت الأفعال من قبل أولياء الأمور، فكل منهم متشبث وكل مشترط وكأن البنات سلع تباع وتشترى، قد راجعن سوقهن وغلت أثمانهن، فهذا يريدها أن تكمل دراستها وهذا يريدها أو تتوظف، وهذا يشترط مهرا عاليا وآخر يريد أن يكون للزواج صيت وأن يكون في أفخر الاماكن فابنته غالية عنده وقد تكون وحيدته، فلا يجد الشاب إلا أن ينسل فكاهله لا يستطيع أن يتحمل تكاليف كثيرة، ثم إنه قد عانى الكثير حتى جمع مبلغا لا بأس به، ولو زاد على ذلك المبلغ لكانت الزيادة كالقشة التي قصمت ظهر البعير، ثم يسلم هذا الشاب أمره إلى الله ويرجئ أمر الزواج إلى أجل غير محدد، وقد تؤدي كثرة الشروط والمغالاة في المهور بهذا الشاب وغيره من الشباب إلى الوقوع في السفريات المحرمة واقتراف من الذنوب والمعاصي . ويؤدي ذلك أيضاً إلى تأخر البنات في الزواج وربما تجاوزهن قطار الزواج وأصبحن عوانس، غصة في حلوق آبائهن وامهاتهن، فرفقاً أيها الآباء ببناتنا، ودعوا الكثير من الشروط والمواصفات لعل الله أن يعوضكم خيراً منها، ثم اعلموا أنكم مسؤولون عنهن وعن عدم تزويجهن، ولا تغرنكم لذات الدنيا الزائلة فإن السعادة فيها ليست بكثرة الأموال، بل إن السعادة في مساعدة الشباب على تكوين البيوت على أساس من التقوى والدين، متبعين في ذلك شريعة الإسلام السمحة ومقتفين بذلك نهج المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد زوج على آيات من القرآن وعلى أيسر الأمور مبتعداً عليه الصلاة والسلام عن المهور الغالية والشروط المعجزة، وليكن كل ولي أمر منا معول بناء لأمته لا معول هدم، ومنبر نور ويكون قدوة لجيرانه ولأقاربه، ولا ننسى أن هناك ولله الحمد في مجتمعنا الكثير من لا تهمه الدنيا وقد ضرب أروع الأمثلة في تزويج أبنائه وبناته رغم ما هو فيه من يسر، فكثر الله من أمثاله وأصلح الله له الذرية وسدد الله خطاه لكل خير.