يؤكد المحللون ان معاودة احتلال اسرائيل للمدن الفلسطينية التي انسحبت منها منذ سبع سنوات بعد اتفاقات اوسلو أعطى المقاومة الفلسطينية التي تفجرت مع بداية الانتفاضة قبل احد عشر شهرا زخما جديدا وهيأ للساحة الفلسطينية أفضل الأجواء للوحدة الوطنية في وقت بدا فيه أي حل سياسي بعيد المنال، وقال توفيق ابو خوصة مدير مركز الدراسات والموارد الإعلامية بغزة إن «لجوء اسرائيل لاحتلال مناطق فلسطينية هو جزء من مخطط تدريجي لشارون لإنهاء أي علاقة بالاتفاقات السابقة وفرض تسوية جديدة اقل ايلاما لاسرائيل»، وتوقع ابو خوصة في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن «تكرار اسرائيل عمليات الاحتلال متجنبة المدن الكبيرة الآهلة لصعوبة احتلالها وما يمكن أن يؤدي إليه من مجازر»، وقال ابو خوصة إن «احتلال المدن افرز انماطا جديدة للمقاومة المسلحة العلنية التي يبدو انها ستبرز بصورة أكبر لاحقا مع شد أواصر اللحمة بين الفلسطينيين»، وكانت اسرائيل بدأت سحب جيشها بشكل تدريجي من المدن الفلسطينية بالضفة والقطاع في العام 1994 بعد توقيع اتفاقية اوسلو ، واعلن متحدث باسم مديرية الأمن العام الفلسطيني لوكالة فرانس برس أن «الجيش الاسرائيلي أعاد احتلال أجزاء من رفح وأقام أربعة مواقع عسكرية إضافة إلى ثلاثة حواجز عسكرية مدعومة بالدبابات والآليات الثقيلة بين رفح وخان يونس جنوب قطاع غزة»، ووضع الجيش الاسرائيلي في أعقاب عملية عسكرية واسعة هي الثانية في رفح خلال أسبوع اثنتي عشرة دبابة وعدة آليات عسكرية في أربعة مواقع أحاطها بالتلال الرملية ونصب رشاشات ثقيلة عليها وفقا لشهود، وجرى تبادل كثيف لإطلاق النار بين قوات الأمن والمسلحين الفلسطينيين وبين الجيش الاسرائيلي وادى ذلك إلى مقتل الفلسطيني محمد الحمراني، وقد توغل الجيش الاسرائيلي لأكثر من 1000 متر في عمق الأراضي الخاضعة للسيطرة الفلسطينية وحاصر مستشفى غزة الاوروبي واحتل موقعين للأمن الوطني بعد تدميرهما وفصل رفح وخان يونس عن باقي القطاع وفق المتحدث الأمني ، ويأتي احتلال أجزاء برفح بعد يومين على احتلال أجزاء رئيسية في بيت جالا ومخيم عايدة بالضفة الغربية ، وتم التوغل في ذات الوقت الذي جرت فيه اتصالات هاتفية بين عرفات ووزير الخارجية الاسرائيلي بيريز بوساطة اوروبية ، وبدا عرفات غير واثق من استجابة اسرائيل للدعوة الاميركية بالانسحاب من بيت جالا وقال في هذا الصدد يوم الثلاثاء في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الايطالي في غزة «سنرى اذا كانت اسرائيل ستنفذ هذا الطلب الاميركي»، لكن ابو خوصة رأى أن «الجيش الاسرائيلي سينسحب من بيت جالا خاصة أن الضغوطات الدولية ستتزايد كما انها لم ولن تحقق بالاحتلال الجديد وقفا لإطلاق النار، ، فقذائف الهاون ما زالت تطلق على مستوطنة جيلو»، وقال صائب عريقات وزير الحكم المحلي الفلسطيني إن عرفات اصر في اتصالين هاتفيين مع بيريز على «ضرورة انسحاب الجيش الاسرائيلي فورا من المناطق التي احتلها في بيت جالا ورفح دون أية شروط» وتعهد بيريز بالانسحاب الاسرائيلي لكن ذلك لم يتم حتى مساء الأربعاء ، وحذر عريقات من أن «الأمور مرشحة لمزيد من التصعيد»، وربط ابو خوصة بين «الانتخابات الحزبية الاسرائيلية داخل الليكود الشهر المقبل وتوجيه شارون المزيد من الاعتداءات على الفلسطينيين »، واعتاد الجيش الاسرائيلي تنفيذ عمليات عسكرية وتوغل تستمر لعدة ساعات فقط لكن توغله هذه المرة في بيت جالا ورفح يبدو من وجهة نظر كثير من الفلسطينيين «مختلفا» وقد يكون بداية مرحلة جديدة تتوافق مع التصعيد والتحول اللذين برزا في اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ابو علي مصطفى، وقد احتل الجيش الاسرائيلي فجرا لعدة ساعات منطقة فلسطينية في دير البلح وسط القطاع وانسحب منها بعد أن دمر منزلين وجرف مساحات واسعة قرب مستوطنة كفر دروم وقد جاء الانسحاب وسط التصدي الشرس من قبل الفلسطينيين لقوات الاحتلال،