وورائي طيف أحبابي بقايا من صور وجه «أسماء» الذي يبزغ في عيني قمر ومض عينيها قناديل تضيء الدرب في ليل العمر وردة في القلب أغفت وأفاقت بعد حين عطرها قد رَدَّ روحاً هاجرت منذ سنين رَدَّني العطر لنهر من أمان وحنين جف مذ كنت صبيا لم يُخلِّف غير ذكرى وارتعاشات أنين ونقوش في الجبين نضب المجرى وخلى خلفه الملاح ملتاعاً وأعواد السفين * * * * طيف «أسماء» الذي يشجي إذا غاب ويشجي إن حضر كفها تزرع في الصدر وفي الظهر وفي العين شجر فأراني غابة تلتف بالأزهار والأطيار في وقت السحر ويرويني مطر وإلى سيرته الأولى مضى ركب النهر دافقاً بالخصب والطيب وألوان الزهر * * * * كانت الدنيا مطر وأنا أذرع أرض الله مبتلاً محاطاً بالخطر لم تكن «أسماء» عند الباب تدعو لي ولا من فرجة الشباك يقفو خطوتي منها نظر خلّت الشرفة للريح وما أبقت لها فيها أثر كلما أرسلت طرفي خاب وارتد البصر وأراني في ذهولي واقفاً تحت المطر آه لو تعرف أسماءُ وأسماء على مرمى حجر ما الذي يفعله فيَّ المطر أي حزن والتياع وكدر يتغشاني إذا سحَّ المطر وتوالى ببكاءٍ ونحيب مستمر * * * * كانت الدنيا مطر وأنا ألحظ في عجبٍ وتوق وحذر وردة «الجوري» التي تغفو على زندي من عشرين عام وأراها كل يوم بين صحوي والمنام كيف لم ينفذ إلى أنفي شذاها؟ ودمي ما خضَّبته وجنتاها؟ لم أميز عطرها وسط الزحام ما عرفت الوجد أو نار الغرام ما الذي يلهبني عشقاً ويوريني ضرام ما الذي يملؤني توقاً وشوقاً وهيام ولماذا أدمن السهد وما طاب لأجفاني مقام ولماذا عادت الروح إلى جسدٍ قد هده طول السقام؟ لست أدري كل ما أدري يقيناً أن «أسماء» هجرتني بعض عام أسلمت روحي لدنيا من ظلال وقتام وتبيَّنت على البعد الذي ضيّعته تحت الركام بعدها عُجتُ على كل الدروب ثم أغفيت على سفح الغروب واحتوتني غيمة ذات قروح وندوب غيمتي ما أمطرت قط فما كانت سكوب علمتني كيف تبلى الروح أو تصدأ القلوب خلفتني ومضت نحو الجنوب بعدها استيقظ في قلبي ملايين النيام كل من أهوى على الدرب نضا أكفانه اليوم وقام فرَّت الغربان من دربي وأحنى بعدها سرب اليمام وعلى الأوتاد قد باض الحمام أقرؤوا «أسماء» مني اليوم شوقاً وسلام وتباريح غرام كان لا بد من الجرح لكي نعرف طبع الالتئام كان لا بد من البعد لكي يحلو على البعد السلام كان لا بد من الليل لكي يعقبه الصبح الذي يطرد أشباح الظلام كان لا بد من الصمت الذي يمنحنا من بعده أحلى الكلام 7/3/1999