في هذا العدد نقدم للوطن الحب.. والولاء.. بأسلوب آخر.. حيث كتب لنا الأخ قاسم الرويس موضوعاً جميلاً عن الشعر في رمز العروبة والإسلام. خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أيده الله بنصره وشد أزره بسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني حفظهم الله. وفي الموضوع جمع الكاتب مقتطفات مما قيل شعراً في خادم الحرمين الشريفين منذ أكثر من ثلاثين سنة. توطئة: «كما أن للورد أناساً مختصين بمعرفة النوع الطيّب من النوع الرديء بحاسة الشم فقط، وكما أن للأحجار الثمينة قوماً ذوي خبرة يميزون بين الأصيل منها والتقليد بحاسة اللمس ليس إلا كذلك هناك رجال يميزون بين الأشخاص العاديين وبين الأشخاص الأفذاذ بمجرد الرؤية وليس غريبا تشخيص المرء وتحليل نفسيته بمجرد رؤية العين له بهذا العصر، لا ليس الأمر غريباً في جيلنا المعاصر وفي عالم الحضارة. والسبب أن هذا الفن أصبح علماً قائماً بحد ذاته وهو ما يسمى ب)علم النفس( ولكن موضوع الغرابة أننا نجد بدويا أميا لا يعرف حرفاً واحداً من حروف الهجاء ومع ذلك يكون لديه موهبة خاصة وفراسة راسخة بمعرفته للإنسان لأول وهلة يقع نظره عليه.)1( والشواهد من الواقع كثيرة ودائماً تصدق النبوءات في عظماء الرجال وتوافق فراسة الآخرين خاصة الحكماء من الشعراء وغيرهم. فراسة الشعراء في الملك فهد: خادم الحرمين الشريفين الملك فهد حفظه الله قائد محنك وسياسي حاذق تنبأ له من عرفه من الشعراء بشأن عظيم هو أهل له وجدير به فكان له دور مؤثر في الدولة منذ توليه أول مناصبه قبل توليه أمر هذه الدولة حينها كان أول وزير للمعارف ثم وزيراً للداخلية ثم وليا للعهد، وما سواها من المهام الجسام التي كُلف بها والهموم العظام التي تكبدها في سبيل حماية راية الدين ودعم الدول العربية والإسلامية ورفعة الوطن ومجده، ومن هؤلاء الشاعر الكبير زبن بن عمير البراق حيث قال قصيدة تتكون من 25 بيتاً قبل أكثر من ثلاثين عاماً وذلك عام 1391ه عندما كان الملك فهد نائبا ثانياً لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للداخلية وسنذكر الشاهد من القصيدة في موضوعنا حيث يقول: عرف هالحين ما صاير ويفهم كيدمن كاني ظهر من فعل أبو فيصل لكل الناس أمارية أنا اقوله وغيري قاله من حضر وبدوان فعوله للعرب تظهر ترى ما هيب مخفية فعوله كان رب العرش عافاكم وعافاني تبي تظهر لكل الناس بالأعيان مقرية هذا قولي لكم قلته ولابد العمر فاني وتبي تدرون عقب سنين عن هاذي وهاذية)2(. وتوقعات الشاعر حصلت بالفعل ولاحظها الجميع بعد سنوات ولكن زبن بن عمير توفي رحمه الله عام 1395ه وكأنه كان يتوقع أن يموت قبل تولي الملك فهد أمر الدولة عام 1402ه لأنه حين قال القصيدة كان عمره الثمانين عاماً. أما الشاعر رشيد الزلامي فقد كان يعمل في الكويت في التسعينات الهجرية تقريباً فحدث موقف بينه وبين أحد المواطنين الكويتيين حينما رغب الشاعر في قراءة أحد المجلات التي كان على غلافها صورة الملك فهد وهو ولي للعهد في ذلك الوقت فقال قصيدة مشهورة منها هذه الأبيات وفيها توقع لبعض أحداث أزمة الخليج: أنتم بدار دلهت صدر من ضاق وأنا أتخيل صورته مخلص له ما تعرفونه يا رديين الأعماق هذا الفهد ذخر الفهد في محله اللي ليا شطت ويبسن الأرياق أنته وأنا ومعزبك تحت ظله والله أحبه حب مخلص ومشتاق واحب حتى صورته في المجلة وقد صدقت توقعات الشاعر فقد قام الملك فهد مقام الأخ لأخيه واستضاف الكويت حكومة وشعباً. أما الشاعر الوطني الشاعر الكبير خلف بن هذال العتيبي فقد كانت توقعاته بشرى استبشر الناس بها وتفاءلوا ابان أزمة الخليج حيث قال في رائعته الأولى أثناء الأزمة: يا شيخ جابر لك الله ما تهاونا الفهد يكّد لك العودة ويضمنها يا شيخ والله زعلك اليوم مزعلنا والمهزلة والمهونة ما نواطنها ابشر بنصرٍ يشيّد فوق ويبنّا بأيدي رجال محكحكةٍ معادنها ترجع لدارك وهذي من صمايلنا خطوة وسطوة وتاريخٍ يدونها ما دام معك الفهد لا يلحقك ظنا بشاية الله كويتك لزم تسكنها ولقصر دسمان تجلس به وتتهنا لابد من فرحة تطفي غباينها وتحقق ما قاله الشاعر بحذافيره وكأنه يقرأ المستقبل بأحداثه وكان كلامه نابعاً من ثقته في شخص خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله. ولا عجب من صدق فراسة هؤلاء الشعراء الفحول في هذا الملك العظيم وقد قلت بهذه المناسبة هذه الأبيات المتواضعة: من هقا بالطيب للنادر يصيب كنه اللي قاريٍ غيب الكتاب ما يخيّب ظن من ظنه يخيب في الموالي لا نفتح للضيق باب تصدق الهقوات في وافي النصيب ما يكذّب فعله أقوال الصحاب يشهد بفعله على الراي الصليب المعادي يوم سنت له حراب الفهد لهل الحسد سم عطيب سم ساعه في طرف كف وناب وللصديق اللي ليا ضاقت يطيب لونه أحلى من شهاليل السحاب يا الله انك للدعاء يالله تجيب وطوّل بعمره بلا عد وحساب قاسم بن خلف الرويس - الدوادمي الهوامش: * شطر بيت لإحدى قصائد خلف بن هذال العتيبي )1( من شيم العرب 4/303