تتميز الطائف في فصل الصيف على وجه خاص بأماسيها اللطيفة ولياليها الحلوة، فهي تنفرد في هذه الميزة، وتميز كافة مدن المملكة. ولأن طقس الطائف في الصيف يمتاز بنسائم عليلة تنساب قادمة من جبال وشعاب خضر في الهدا أو الشفا، فإن الناس يفضلون قضاء ساعات المساء وكذا الليل إلى الفجر في الهواء الطلق، إما في سطوح وأفنية مكشوفة، أو في حدائق عامة ومنتزهات واستراحات وغيرها، وقلَّ أن تجد من يسهر داخل الدور. وهذا هو طابعهم في الأفراح والمناسبات حيث تقام العزائم والولائم والرقصات الشعبية والمحاورات الشعرية في الهواء الطلق في أجواء مفعمة بالهدوء والراحة، فلا حر ولا قر، ولا صخب أو ضوضاء تعكر على الناس الاستمتاع بأوقاتهم وصفاء نفوسهم. إذن .. هذه إحدى ميزات الطائف التي كانت منذ أن كانت الطائف وما زالت، وهي ميزة يعيشها أبناء الطائف والمصطافون ولكنهم في غفلة عنها. وهي نعمة عظمى لا يذكرها إلا من جرب قضاء الليل والنهار تحت مكيفات الهواء لا يستطيع الفكاك منها.. ولكن يذكرها الكبار الذين خبروا الطائف وأدركوا مزاياه، وكان قد عرفها الأوائل قبل مئات السنين يوم كان الخاصة يشتون بمكة ويربعون بجدة ويصيفون بالطائف، وهذا الشاعر محمد النميري يتغزل في زينب أخت الحجاج بن يوسف التي تتنعم بشتاء مكة وصيف الطائف فيقول: تشتو بمكة نعمة ومصيفها بالطائف إنها الطائف منذ أن خلق الله الخلق، بستان مكة، ومصيف الناس على كر الأيام ومر الدهور.. شمسها دافئة ونجومها ساجية، وسحائبها مطيرة داكنة، وكواكبها مضيئة، نسائمها رقيقة منعشة ، وفواكهها لا تضاهى. ومن أبيات للشاعر المرحوم عبدالوهاب بن إبراهيم آشي، نسترجع معطيات الجغرافيا التي ميزت الطائف عبر العصور، والطبيعة الساحرة التي حملت الطائف إلى حيث القمة بين المدائن. يقول الشاعر من أبيات له في )معجم الشوق حول قطرالطائف( للأستاذ حماد السالمي: بلاد حبتها الطبيعة ما يحبب للقلب أدوارها جبال تناطح جون السحاب وتوحي إلى النفس أفكارها تنائف تمرح فيها الوحوش تساجل في الروح أطيارها ومشتبك الأثل في غابها كما جارة عانقت جارها إذا الليل أرخى ستائره أرتك الكواكب أنوارها ترى البدر في علوها مشر ق الجبين يضاحك نوارها ما أجمل الليل في الطائف، وما أرق نسائم مساءاته، وأعذب مسامرات الأصحاب في جلسات أنسهم التي تنتظم في روابي المصيف.