انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهررة لعبة البلاي ستيشن وتعددت اغراضها واصبح الكبير يقتنيها قبل الصغير لما فيها من متعة كبيرة. لكن الذي لا يعلمه الكثير ان «البلاي ستيشن» لها آثار سلبية اكثر من آثارها الايجابية، فصحيح انها تجلب المتعة والمنافسة لكن ايضا تحمل مضار كبيرة سنحاول في هذا التحقيق البحث عنها من اجل عرضها والتنبيه لها، وهذه الآثار السلبية قد تتعدى إلى التأثير المباشر على شخصية اللاعب للبلاي ستيشن خاصة الأطفال الذين ينخدعون بكل ما يتم طرحه من ألعاب او «أشرطة لها». طفل شرس في البداية تحدثنا ام عبدالله حيث تعرض المشكلة التي وقع فيها ابنها «نواف» وتقول: لاحظت ان ابني الصغير «نواف» تتغير طباعه فقد تحول من ولد هادئ الطباع إلى طفل شرس يضرب الأطفال ويحاول اصطناع المشاكل مع اي شخص ولاحظت عليه محاولة تكرار بعض الحركات التي يؤديها بين الفينة والأخرى، والحقيقة اني اخبرت الأب بتصرفات نواف واكد لي ان هذه حالة طبيعية يمر بها الأبناء، لكني لم اقتنع ابدا بالكلام الذي قاله لي، وحاولت متابعة ابني «نواف» فعرفت السر حيث انه يجلس كثيرا أمام لعبة «البلاي ستيشن» ويحب اشرطة العنف ذات الطابع العدواني، ومنذ ان ينتهي لاحظت انه يحاول تطبيق هذه الحركات على أقرب شخص يواجهه وبعض المرات يصطنع المشاكل لكي يطبق ما رآه في الأشرطة. سألنا أم عبدالله: هل تم علاج ذلك.. أجابت: الحقيقة انني حاولت ان اثنيه إلا انني تعبت ولكني قمت بشراء أشرطة تعتمد على بعض الألعاب المسلية وتحريك الذهن، وقمت بهذه الخطوة لأجعله يميل إلى هذه الألعاب ويحاول نسيان الألعاب التي تعتمد على العنف. سعد تغيّرت أخلاقه وعن هذا الموضوع يقول فهد العمران انه اشترى «بلاي ستيشن» هدية لولده «سعد» بعد نجاحه ولاحظ بعدها ان اسلوب «سعد» تغير ولم يعد كالسابق حتى ان والدته اخبرتني انه يعمل بعض الحركات المخجلة والتي لم تكن من طبيعة سعد، ويواصل «العمران» حديثه: تأكد ان امضاءه ساعات طويلة أمام هذه اللعبة هو السبب، لكن لا اعلم كيف تأثر بها، وفي إحدى المرات جلست أتابع ما يقوم بلعبه وألاحظ كل حركاته فاكتشفت ان ابني «سعد» تأثر بحركات بعض الشخصيات والأبطال في الاشرطة والتي لا تمت للدين والخلق بصلة، حيث ان احدهم يقبِّل امرأة بعد انتصاره، كما ان احد الألعاب تعتمد على كيفية اخراج «لص» يسرق الأموال من البنوك دون ان تمسك به الشرطة، هنا ادركت مدى اختلال معايير الخلق عند ولدي سعد. تجاوز الإشارة ويؤكد ابو فيصل الكلام السابق على ان «البلاي ستيشن» له تأثيرات سلبية على الطفل القابل لكل ما يتلقاه.. ويقول: ذات مرة وأنا أقود سيارتي ومعي أحد ابنائي وحينما توقفنا عند الاشارة قال لي: لماذا لا تقوم بقطع الإشارة يا ابي، فاستغربت منه هذا الكلام لكن ابني زاد من علامات استفهامي حينما قال لي لماذا لا تسرع وتتخطى هذه السيارات لكي تفوز، هنا بدأت اتوجس خيفة وقلت له من اين اتيت بهذه المعلومات يا ابني فقال لي: انا من يقوم بها، فلم افهم ماذا يقصد بالضبط، قلت له كيف: قال: حينما العب «شريط السيارات» فإني اتحدى سيارات الشرطة كلها ملاحقتي او اصطيادي، هنا زالت علامات التعجب من ذهني وعرفت ان ابني قد تأثر بما يحصل في ألعاب «البلاي ستيشن» ويعتقد ان ما يقوم به في الجهاز قد يمكن تطبيقه على الحقيقة، ولكني اخبرته ان ما يتم القيام به في هذه الألعاب انما هي مجرد خدع لا يمكن تطبيقها على الحقيقة، والحمد لله اقتنع. رأي الطب النفسي عن هذه الآثار السلبية ونتائجها تحدث د. عبدالسلام السعيد اخصائي نفسي في أحد المستشفيات الأهلية حيث يقول: نحن نعلم يقينا ان الطفل اكثر الاشخاص قابلية لأي أمر يجذب اهتمامه، لذلك فمرحلة الطفولة من أهم المراحل التي يتم التركيز عليها عند علماء النفس لأن الطفل يبني اعتقاداته وتوجهاته من خلال ما يتم ترسيخه في هذه المرحلة، وعقلية الصغير تعتبر كالعجينة يتم تشكيلها كيفما يشاء الشخص او تتأثر بما يحيط بها ولكنها صعبة التغير حينما يكبر. ولعل من المؤثرات المهمة التي طرأت في هذا الوقت بالذات ولاقت رواجا كبيرا هي لعبة «البلاي ستيشن» وسبب انتشارها وشعبيتها يعود لعدة أسباب لعل من أهمها الإثارة والتشويق التي تجذب اهتمام الطفل وكذلك اعتقاد الطفل انه الموضوع الرئيسي وانه هو الذي يقوم بعمل كل الحركات مما يعطي انطباعا عن مدى قوته وقدرته في التحكم. أيضاً سهولة الاستعمال وتعلمها.. كل هذه الأمور ساهمت بشكل كبير في انتشار هذه اللعبة. ويواصل د. السعيد حديثه قائلاً: ومن الآثار السلبية لهذا الجهاز او اللعبة، من الناحية الطبية فهو يؤدي إلى اضعاف البصر لأنه أحد الأجهزة التي تصدر أشعة عبر الشاشة الفضية تؤثر على العين كما ان له نأثيرا مباشرا على المخ، وقد ذكرت دراسة بريطانية اجريت على 100 طفل يلعبون «البلاي ستيشن» ان 50% منهم مصاب بنوبات تشنج «صرع» متباينة حسب الساعات التي يمضيها الطفل أمام الجهاز، حتى ان إحدى الحالات تسببت بصرع مزمن استمر مع احد الاطفال ولأن الأطفال في أوروبا يعرفون الألعاب منذ ولادتهم ويتعاملون مع الألعاب المتطورة منذ صغرهم لذلك فهي تؤثر على عقلياتهم، ولأننا في الدول النامية لم تصلنا هذه الألعاب إلا متأخرة لذلك فإن ضررها اقل لكن ايضا قد يكون خطرها محدقا في المستقبل اكثر، وستتضح الآثار السلبية بعد فترة زمنية من وجودها. ويختم السعيد حديثه قائلاً: أما من الناحية الأخلاقية فإن الطفل يحاول تقليد كل ما ينظر إليه أو يعجب به لأنه لا يعلم هل ما يقوم به صحيح أم لا، لذلك فإنه لا يجب الاستغراب إذا قام الطفل بتقليد أي حركة، لكن الذي يجب عمله هو محاولة تفادي تقبل الابن لهذه الحركات ومنعه بطريقة حضارية يتم اقناع الطفل بها دون احساس او لفت مباشر لأن الطفل لو عاند فإنه لن يثنيه عن رغبته أي شيء.