الحمد لله تعالى حق حمده، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه، أما بعد: فان الله تعالى كرم هذه الأمة في الدنيا بجعل دينها خالدا صالحا لكل زمان ومكان وفي الآخرة بجعلها نصف اهل الجنة بما شرعه لها من انوع القربات وضاعف لها من الاجور. وتتفاضل الطاعات في الاسلام بما يترتب عليها من المصالح واعظمها طاعة التوحيد لله عز وجل حيث لا تصح سائر القربات الا به قال الله تعالى: «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا»، والعبادة لله تعالى فرضها أفضل من نفلها والمتعدي نفعها الى الآخرين افضل من القاصر على صاحبه ففي الصحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )قال الله عز وجل: وما تقرب الى عبد بأحب مما افترضته عليه( والدعوة الى دين الله عز وجل جمعت تلك الميزتين فهي فرض عين او كفاية ونفعها متعد الى المدعو والى المجتمع فيقع المدعو انه يعيش بالدعوة سعيدا في الدنيا والآخرة قال الله تعالى : «من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة» )النحل 97(. ولما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما يهوديا مريضا، دعاه الى الاسلام فأسلم ثم مات، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: )الحمد لله الذي أنقذه بي من النار( نعم انقاذ الفرد من النار اهم من انقاذه من الجوع والعري والمرض والجهل بأمور الدنيا واهم من ان يعيش في الدنيا مرفها وهو ضال عن أمور الآخرة قال الله تعالى: «يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون» )الروم 7( وذلك ان حصول نعم الدنيا للعبد بعد فقده لها لا يدري هل سيعيش حتى يتمتع بها ام تحصل له ثم يموت بعدها من حينه او قريبا أما امور الآخرة اذا حصلت للعبد اسعدته في الدنيا بالشكر على النعماء والصبر على البلاء وأسعدته في الآخرة بالجنة. ونفع الدعوة مع تعديه الى الفرد فهو متعد الى المجتمع لأن بصلاح الفرد يكثر خير المجتمع بعطاء هذا الفرد الصالح وتركه السوء ولذا يجب التنبيه الى أهمية الدعوة الى دين الله عز وجل والحرص على القيام بها والبذل في سبيلها فقد عرف قيمتها اسلافنا فمن اجلها جاهدوا بأنفسهم وهاجروا عن أهليهم وديارهم وأموالهم، وعلماؤهم قاموا بنشرها وضحوا بأوقاتهم وأرزاقهم وصحاتهم من أجلها وتجارهم أوقفوا الأوقاف عليها وانفقوا الاموال في سبيلها. وان جهود وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد بمملكتنا الحبيبة في هذا المجال مما يوقظ في انفسنا جهود اسلافنا وان من خير جهود هذه الوزارة التي تظهر آثارها بمعرض وسائل الدعوة الذي يحمل شعار )كن داعيا( والدعوة يكفي فيها شرفا ان الله تعالى جعلها مهنة لخيرة خلقه من أنبيائه عليهم الصلاة والسلام والصالحين من ابنائهم وأوذوا في سبيلها بالاستهزاء والقتل والفقر فصبروا رجاء حصول السعادة للمدعوين في الدنيا والآخرة. اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين آمين، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.