تجادلا ذات مساء .. فكانت النتيجة .. ثلاث طعنات.. في عمرها .. ورحيل فلذة كبدها .. من .. بعدها .. باع كل شيء.. بثمن بخس لم تكترث به كثيراً ولم تسقط دموعها إلا .. لمن غادر .. معه الى القرية.. هناك .. سولت له .. أمة. وربما أيقظت ما كان .. تحتضنه .. جوانحه .. سولت له .. بالزواج من بنات القرية .. فهن أكثر وفاء .. وصبرا من بنات المدينة .. هكذا .. كانت تحدثه .. وكان لها وله ما أراد .. في ليلة مرحة .. رقصت القرية. رجالا ونساء .. بينما على هوامش الجنون المسهدة تراصت وانتظمت العبرات ساخنة وتراقصت في حيرة خلف أسوار الشوق .. تريد الفرار .. الى هناك .. إنها دموع وعبرات الطفل .. الذي مرّت عليه الأيام .. بعيدا عن أمه. ذات مساء .. وفي اجتماع أبناء القرية عند والده .. الذي لا يأتي باخبار المدينة إلا هو .. سأله الشيخ .. ما أخبار الكهرباء .. هل راجعت .. فيها .. لقد أضاءت ما حولنا من القرى ولم يبق إلا نحن .. متى تصل .. الطفل يتفحص الوجوه .. الصامتة.. ويسمع .. ما يدور .. سمع .. متى تصل.. فقطع حبل الصمت الممتد ،، بكلمة .. أمي .. متى تصل.. صمت الجميع.. ونهره الأب وانزوى بعيدا هناك .. وانفض المجلس .. والسنوات كذلك .. ووصلت الكهرباء القرية بعد خمس سنوات وأضاءت كل شيء. إلا أعماق وحياة ذلك الطفل الذي يسحب حقيبته خلفه .. كل يوم قادما من المدرسة تحت زمهرير الشمس .. بينما توزعت القرية أبناءها .. وفتحت البيوت أبوابها والأمهات أيديهن لأبنائهن إلا .. هو يبقى يسحب حقيبته خلفه ببطء .. كل يوم ليرتمي على باب بيت أبيه والباب موصد .. يتأمل منزل الجدة المهجور .. وأعمدة الكهرباء التي أضاءت القرية .. وما زال الظلام في أعماقه لأن ما يثير حياته .. لم يصل بعد .. ولن يصل .. ولكن ما زال يسأل متى تصل .. أمي.