بعد أيام من مبايعة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود ملكاً على المملكة العربية السعودية قرر اهالي الرياض اقامة حفل كبير على شرفه في بهو أمانة مدينة الرياض بشارع الجامعة. ومن خلال الترتيبات لهذا الحفل من قِبَل الهيئة العليا للاحتفالات ووضع البرنامج النهائي لهذه المناسبة الكبرى، قررت هيئة الاحتفالات اختياري شاعراً لهذا الحفل، دون علمٍ مني على الاطلاق، وكلفت الهيئة الشيخ عبدالله بن فهد الثنيان إبلاغي بهذا القرار حيث حضر إلى منزلي بعد مهاتفة مجهولة الغرض. لكن ابن ثنيان هذا ليس عسكرياً، لذلك لم أجد خوفاً من هذا الزائر الكريم! زارني ظهر الاربعاء وأخبرني باختياري شاعراً لهذا الاحتفال الذي سيقام يوم السبت، فرفضت هذا الطلب وقلت: إن الشعر لا يُفرض على الشاعر وإنما الشعر هو الذي يفرض نفسه ومع ذلك فأنا مستعد للاشتراك بكلمة أكتبها وألقيها.. أما القصيدة فصعبٌ عليَّ الالتزام بها في هذا الوقت القصير وهو يومان ونصف تقريباً.. ولكن أبا محمد أصرَّ عليَّ للالتزام بما جاء إلى بيتي من أجله.. وقال كلمة توازن زيارة العسكري آخر الليل..! قال إن لم تكتب قصيدة وتلقيها، فإن ذلك سيفسر تفسيراً ليس في صالحك!؟ وهنا ادركت أن الأمر إلزامٌ على حد المثل )اشرب والعصا في جنبك( ليقال للجمل اذا تأفف من شرب بعض المياه. فاستسلمت وقلت: أمري لله.. وسأحضر بما استطيع كتابته إن شاء الله . *** أثناء الحفل الخطابي ولم يبق على كلمة الاهالي سوى دقائق قليلة جداً قمت من مكاني في القاعة وتقدمت قريباً من المنصة لإلقاء قصيدتي كما هو البرنامج ، وهنا تأتي المفاجأة المحرجة جداً.. فأنا الآن امام الملك فيصل وجهاً لوجه.. وإذا بأخٍ يشترك معي في الاسم الاول واسم الجد ونختلف في اسم الأب.. قام حين قمت وقرب من المنصة كما قربت. هنا أدركت أن في الأمر لبساً.. وأن هذا اللبس جاءه من احد جماعته من شقراء الذي كان ضمن هيئة الاحتفال فسمع الهيئة تقول.. وعبدالله بن ادريس شاعر الاحتفال فظنَّ أن المعني بذلك ابن بلدته، لذلك أخبره.. واستعد الزميل بقصيدة. قلت له يا استاذ عبدالله، أنا المعني في البرنامج.. قال لا.. أنا المدعو وقد قال لي فلان ذلك. قلت: إنه متوهم قال: لا. وأدرك المذيع ومقدم الحفل «خميس سويدان» المشكلة والحرج الشديد لكل منا، وامام الملك فيصل والامراء وكبار رجال الدولة.. سأل فأخبرناه بما دار بيننا.. فقال للزميل المتأهب كما أنا.. إن المعروف كشاعر وأديب وله برامجه في الاذاعة وكتاباته في الصحف هو هذا وأشار إليَّ ثم أخذ المذيع القصيدة مني وبعد انتهاء المتكلم قبلي ألقى خميس سويدان البيتين الاولين من قصيدتي.. ثم دعاني لإلقائها وبعد ان فرغت منها طلبت من مقدم البرنامج ان يأذن للزميل بإلقاء قصيدته حتى ولو لم يكن مدرجاً في البرنامج فوافق، وألقى قصيدته. هذا الرجل الفاضل شاعر ولكنه لا ينشر شعره؛ ولذلك لم يأخذ حقه من الشهرة ولم يسبق ان رأيت له قصيدة أو صورة منشورة في الصحف لأنه من العازفين عن الشهرة حتى وهو يستحقها شعراً وأدباً ونبل أخلاق. فيا لله، كم هو موقف محرج جداً وما خرجت منه إلا وكأني ولدت للتو.. إن مشكلة تشابه الأسماء وخاصة إذا كانت ثنائية هي مزلة ومزلقة في أحيان كثيرة وبخاصة من تتردد أسماؤهم إعلامياً، في أي مجال وأي تخصص ولقد وهم الشيخ العلاّمة أبو عبدالرحمن ابن عقيل سلمه الله حين ذكره ضمن زملائه ولِداته في مدرسة شقراء في حديث له بمجلته )الدرعية( منذ عام تقريبا فأعطى والد الأستاذ عبدالله اسم عبدالعزيز بينما صحة اسم والده )عبدالرحمن(. *** ولعلم القراء حفظهم الله أنبه أنني لم استفد من قصائدي مادياً من بداية عهد الملك فيصل رحمه الله حتى اليوم ولا ريالاً واحداً.. فهوِّنوا عليكم أيها )المشافيح(! وأنا في قصائد المناسبات كهذه أجعل الهمَّ الوطني للإصلاح والتطور هو محور ومحتوى قصائدي.. والمديح لا يمثل سوى نسبة ضئيلة من القصيدة. *** وإلى مواقف أخرى لا تقل حرجاً عن هذا الموقف والله المستعان.