لكل منطقة تراثها الذي تعتز به ويمارسه أبناؤها في احتفالاتهم وأعيادهم . والمنطقة الجنوبية نجد العرضة في مقدمة موروثاتها الشعبية لما لها من مكانة خاصة لدى أبناء الجنوب . ويظهر اسم الشاعر عبدالواحد بن سعود الزهراني بين أسماء عمالقة هذا الفن العريق فهو شاعر وابن شاعر أعطى وما زال يعطي منذ أكثر من عشرة أعوام وحقق بذلك أعلى المراتب في ساحة العرضة .. التقينا به عبر هذا الملحق وعبر جريدة (اليوم) فكان هذا الحوار : @ ما المقاييس الفنية والشعرية التي تعتمد عليها قصائد العرضة؟ * شعر العرضة شعر مقيد له قوانين تحكمه قد تكون اشد من القوانين المعروفة للوزن والقافية المتعارف عليها وللعرضة بحور ليست بعيدة عن البحور المعروفة للشعر ولكن بحور فيها ايقاع يختلف عن ايقاع البحور الثانية فإيقاع العرضة الجنوبية فيه نوع السرعة والقافية في العرضة تختلف عن القافية في القصيدة النبطية ففي العرضة البيت الأول قافية والثاني قافية وهكذا وثاني القصيدة التي بعدها تجد قافية البيت الأول كقافية البيت الأول في القصيدة الأولى التي قبلها (البدع) والثاني كالثاني وهكذا فبدل أن تلزمك القافيتين تلزمك اكثر من خمس أو ست أو سبع قواف وهذا يشكل صعوبة بالإضافة الى أن شعر العرضة يعتمد على (شقر) وهو الجناس وهو أن تأتي بكلمة نفس اللفظ لكن معنيين مختلفين وهذا موجود في اللغة العربية. @ كيف وجدت شعر المحاورة بعد خوضك هذه التجربة مع حبيب العازمي؟ شعر المحاورة سهل ممتنع يعنى في ظاهر الشعر ترى من السهل تقليده ومحاكاته لكن عند ممارسة المحاورة من المتخصصين فيها يستخدمون رموزا غير مرئية احياناً ومشاركتي كانت شرفية لحبي لهذا اللون ولشعراء هذا النوع. @ هل ترى من الأفضل أن يبقى كل في مجاله أم أن خوض التجارب هذه تغني الشاعر؟! بما أن الموهبة موجودة لماذا لا تمارس كل الألوان وأينما تجد نفسك استمر ولكن هذا لا يعني اني شاعر عرضة لماذا لا اكتب نبطي او فصحى او محاورة فيبقى الشعر هو الشعر والموهبة هي الموهبة. @ عرفت بالقصائد الموسمية كيف بدأت هذه القصائد وهل هذا اللون حكر على عبد الواحد؟! القصائد الموسمية مصطلح اعترض عليه واعتبر ذلك هضما لحقي كشاعر فإذا كان في كل موسم قصيدة فلي عشر قصائد في عشرة مواسم والباقي ماذا يكون...! لكن أقول اني أعطي بعض قصائدي جزءا من الاهتمام ولتخرج إلى الناس بشكل جيد رغم أن الكثر يعتبر من العيب أن يعد الشاعر قصيدته مسبقاً لكن ارى انه لا يخلد ولا يبقى هذه النوعية وتبقى القصائد ذات اثر دائم وانا مصر على هذا المبدأ رغم محاربتي من عدد من الجهات من صحافة وشعراء لاني احس ان رسالة الشاعر وافكاره يقدمها ويزخرفها بشكل اجمل وكلما اخذت وقتها كلما كانت اجمل وذات وقع جيد. @ رأينا محاولات تقليد لهذا النوع (موت ديانا) وما حصل في اليوم من زيارة الأمير عبد الله للفقراء يوجد محاولة من بعض الشعراء لتقليد هذا النوع ؟! هي ليست تقليد أنا وجدت الشعراء يمارسون هذا النوع غير أن طريقة مناقشتي لهذه القضايا جعلت قصائدي تتميز وإلا فهذا اللون موجود لكن لكل شاعر طريقته وبصمته التي تميز قصائده عن غيرها. @ يرى البعض انك تحاول الدخول في الخطوط الحمراء الممنوعة هل هذا إحساس بالحاجة للدخول لهذا واخذ مساحة من الحرية أم من باب الحصول على أضواء؟ الخطوط الحمراء اقسمها إلى ثلاثة أنواع: خطوط حمراء تتعلق بالدين وهذه تخرجك من الملة ، وخطوط حمراء تتعلق بالأمور السياسية. فكل إنسان يتفاوت فهمه للسياسة,, أنا من مفهومي انك طالما تحسن النية وترجو من قصيدتك خيرا فلماذا لا تقولها نعم لها آثار ونتائج لكن لو عرف المسؤولون انك لا تقصد الا الثمرة الطيبة فالكل يقدرك اما من ناحية انني ابحث عن الشهرة فليعكس آرائي إنني احمل هم تطرقي لمزيد من القصائد ومزيد من المتاعب فقط لا غير. @ ما الأطر التي تحدد القصيدة الموسمية أو ما المؤثرات التي تجعلك تكتب القصيدة الموسمية ؟! مع تحفظي على قصيدة موسمية أنا في الموسم الواحد أقول مجموعة كبيرة من القصائد القوية ينشهر فيها اثنان او ثلاث وأؤكد اني مالي أي دور في تحديد القصيدة الموسمية فالذي يحدد ذلك الناس انفسهم وليس انا. @ البعض يعيب على عبد الواحد كثرة الإغراق في البديع حتى سمي بابي تمام العرضة ؟ هذا جزء من مهمة يحملها شاعر العرضة في هذا الزمن فكل ما نقدمه لا بد أن يكون فيه امر مغر للمتابعة فاذا لم يكن هناك فن في القصيدة وحبكة جماليه لن تكون مغرية للاخرين وحتى لا يبقى العرضة التقليدي يقبله اهل الجنوب فقط لكن بإضافة بعض التحسينات والجماليات تجذب لك الكثير. @ ما يعاب عليك ليس البديع لكن الإغراق فيه بكثرة التشبيهات والمترادفات والتضادات؟ أنا لا اعتبره عيباً فإذا ما كانت القصيدة فيها الإدهاش والإبهار اعتقد لن تكون جذابة. @ البعض يرى انك تمارس بعض الوصايا على بعض الشعراء وانك تحارب من لا ينطوي تحت مدرستك؟ أما أن احتواء بعض الشعراء فلم الزم أحدا وأنا ابن شاعر فلو كان هذا موجودا وكان لا بد أن ابقى تحت مظلة والدي فهي مجرد تقارب افكار واتفاق ليس اكثر واعتقد انه لا يمكن لشاعر ان يفرض قوانين على احد ، الشعر فكر والفكر لا يمكن تقيده فأنت تتعامل مع عالم لا محدود واللامحدود لا يمكن السيطرة عليه. @ خرج شعر عبد الواحد ببرنامج في (art) لكن لم يستمر هل معنى ذلك انه فشل مشروعك الإعلامي؟ برنامج ال (art) كان تجربة كان يرجى من ورائها مردود إعلامي ومادي من ناحية و الفكرة جاءت على قناة المنوعات وكانت تبحث عن راع والبرنامج أراه تجربة ناجحة جدا وقد كان 36 حلقة من بداية البرنامج فاديت الحلقات بنجاح وانتهى البرنامج ويبقى الحكم للمشاهد الكريم. @ لماذا لا تقدم على مشروع مثل هذا في ظل غياب التراث وانقراض بعض كبار السن ألا يحرك هذا دافعا في عبد الواحد للقيام بمشروع توثيقي ؟ أنا إذا أردت أن أتكلم عن طموحات في هذا الشأن فليس لها حد لكن أنا في منطقة الباحة التي إمكانياتها محدودة تماماً وحتى تنتقل إلى منطقة لها إمكانيات يحتاج هذا منك الجهد والوقت ولا تنسى أن الإنسان مرتبط بأسرة وعمل ثم أن هذا لا يحتاج لجهد فردي فقط إن لم يكن هناك عمل جماعي ووحدة هدف بين الشعراء اجمالاً فانك لا تستطيع فعل شيء وعيبنا نحن شعراء العرضة ان عدونا من أنفسنا مثل ما يقول الشاعر: كل ما جيت ابمشي خطوة للامام رجعتني ظروفي خطوة للورى @ يلاحظ اتفاقيات بين الشعراء فهناك اثنان يتفقان على اثنين هل هذا من باب المصادفة أم تم اعداده مسبقاً؟ اتفاق اثنين شيء وارد لكن من يتفق مع من فكل اثنين بينهما انسجام وتقارب في الأفكار يؤدي إلى الاتفاق حتى لو لم يكن له مع الاخر معرفة منذ البدايات وهذا شيء جيد وظاهره صحية لا بأس بها. @ الغموض في المعاني والأهداف وما وراء السطور هل هذا يعد عيباً في العرضة حيث أن المستمع لا يستحسن الا الزير واللحن فقط بعيداً عن المعنى؟ الجمهور ليس طبقة واحدة بل عدة طبقات ، جمهور لا يهمه الشعر يهمه الديكور العام صوت الشاعر والإيقاعات ، الدرجة الثانية تعجبه الألفاظ المبهرجة والاثارة والدرجة الاكثر عمقا التي تبحث في القصيدة نفسها وجمالها درجة تبحث في اسرار القصيدة فعندي القصيدة افسرها بمعنى والآخر بمعنى آخر فاصبح عندي بدل القصيدة اثنان الثالث يفسرها بمعنى فأصبحت ثلاث قصائد.فكلما كثرت التفسيرات والتأويلات للقصيدة كلما أعطت بعدا وحجما اكبر للقصيدة. @ هل الشعراء جميعهم يفهمون المعنى؟ لا بد أن يكون لكل قصيدة معنى وتفاوت الاتهام وارد اما اذا كان فيه معنى لا تعرفه فلا يعلم الغيب الا الله تعالى. @ تلجأون أحيانا في المحاورات إلى الأمور الشخصية التي لا يحتملها الموقف أحيانا؟ هناك فرق بين المحاورة والمهاترة , المهاترة أني أوقفك واحرجك أمام الناس فهذه مرفوضه فهذه كرامة انسان لابد ان تحفظ. ، لكن إن كان هناك محاورة مؤدبة لا اعتقد فيها حرج فالجمهور يبحث أن تقدم له كل ما يطلبه البعض يطلب الحكمة والآخر يطلب المرح والاخر الاثارة فكل ذلك يجب تقديمه لكن في حدود الادب واذا قصرت في جانب منها ستخسر جانبا كبيرا من الجمهور. @ العرضة بدأت تفقد شعبيتها مما حدا بالشعراء للاعلان عن انفسهم بطرق مختلفة ... مارأيك؟ إصدار شيء موثق هذا نتيجة طبيعية كونها تعتمد على شيء ناجح فلو لم يكن لها مردود لما أقدمت على إصدار هذه الوثائق كالأشرطة مثلاً والعرضة لها وضعها الطبيعي والسنوات الخمس الماضية تعتبر العرضة في عصرها الذهبي وما زلنا في هذا العصر . @ كم شخصا يستحق أن يطلق عليه شاعر عرضة؟ كل من كتب عشرة أبيات جميلة يستحق لقب شاعر لكن كشاعر عرضة لن اضرب لك مثالا بفلان لكن احتفال عيد الشرقية مثلاً كان قائما على 4 شعراء غاب واحد من الشعراء الاربعة كان صعب جدا ان نعوض الرابع هذا دليل على الندرة فلو غاب واحد يوجد عدة أسماء لكن من تقدم.، وكشعراء عرضة يمكن أن يقيموا العرضة كما يجب عددهم تقريبا (15) شاعرا كحد أقصى واكون أسرفت كثيرا. @ طريق الجنوب أبكت الكثير هل تعتبر مرحلة في حياتك الشعرية؟ خط الجنوب كانت بعد فترة طويلة من بداياتي فكانت نقلة على قصائدي وعلى التسجيلات ايضاً وفي اخراج الحفلات حيث كان الاخراج جيدا للحفلات وتوافرت امكانيات وتصوير وسماعات فالزمن تغير من تلك الفترة لكن قصيدة خط الجنوب اصبحت تشكل لي هما واحياناً احقد على هذه القصيدة لأنني أرى أني قدمت افضل من خط الجنوب لماذا هي باقية فاتمنى أن يقتنع الناس أن خط الجنوب مرحلة تجاوزتها من عدة سنوات. @ عرف الشاعر عبد الواحد بحبه للثنائيات فشكل ثنائيا جيدا مع صالح اللخمي ثم محمد حوقان والان مع إبراهيم الشيخي لماذا؟ هذه الثنائيات ناجحة مع احترامي للإخوان جميعاً فالأسماء ليست هي فقط من كونت معها ثنائيات مع صالح كونت ثنائيا ناجحا انسحب صالح باختياره وجاء بن حوقان وما زلنا ثنائيا افتخر به. إبراهيم يفرضه الواجب كونه شاعرا جيدا يجب أن يعطى الفرصة الجيدة وهي جميعاً كانت ناجحة. @ بالنسبة للمجالين لك تسجيلات لكن ليست عن طريق شركات ومطلوبة لماذا لا يكون لك إصداراتك؟ الباحة إمكاناتها محدودة وإصدار الشريط ليس سهلا وفكرة التسجيلات لم اكن اهدف فيها إلا لبعض الرسائل البسيطة والتسجيل غير الموثق ينتشر بين الناس وبعد سنوات لا تجده انتهت الفكرة بالإصدار عن طريق شركة حتى طلبته وجدته فقمت بتسجيل ديوان (بركان المشاعر) مع محمد حوقان وتسجيل آخر هو (رسائل جريح). @ اغرب هدية جاءتك؟ هدية جاءتني من طفل عمره 5سنوات وقال عندي هدية تقبلها فذهب لوالده وجاء بكأس كروية وقال أرى انك تستاهلها. سعيد بن هضبان صالح بن عزيز