النمو المذهل المسجل في الولاياتالمتحدة منذ اكثر من ثماني سنوات جعل خبراء الاقتصاد يتساءلون حول ما اذا كانت التكنولوجيات الجديدة والعولمة غيرت الاقتصاد الاميركي عبر زيادة انتاجيته, وكان آلن غرينسبان رئيس الاحتياطي الفدرالي قد اشار خلال الصيف ان التكاثر الهائل للتكنولوجيات الجديدة يثير تغييرات اساسية في بنية الاقتصاد الاميركي لكنه لم يقل ان الولاياتالمتحدة دخلت في مرحلة نمو جديدة ثابته من دون تضخم. وبالاستناد الى الارقام الرسمية يرى خبراء الاقتصاد ان تكنولوجيات الاعلام الجديدة (اجهزة كمبيوتر وهواتف نقالة واقمار اصطناعية وانترنت,,) تحفز بشكل كبير ومستديم انتاجية الشركات. وفي السابق كان خبراء الاقتصاد والاحتياط الفدرالي يعتبرون ان مخاطر حصول تضخم تزيد عندما ينزل معدل البطالة دون نسبة 6% من اليد العاملة, لكن هذا المعدل بات اقل من ذلك منذ الخريف وهو بحدود4,1% حاليا. من جهة اخرى كان الاحتياطي الفدرالي يعتبر ان هناك خطرا بوقوع تضخم اذا تجاوزت نسبة النمو ال 2,5%. بيد ان الاقتصاد الاميركي يشهد منذ اكثر من عام نموا يتجاوز نسبة 4% كوتيرة سنوية مع معدل بطالة منخفض من دون ان يسبب هذا الاداء تضخما, ومع هذا الاحتياطي الضئيل في اليد العاملة على الشركات ان تزيد الاجور لايجاد موظفين الامر الذي يعكس ايضا ارتفاعا في كلفة الانتاج ولاحقا على سعر المبيع مما يؤدي في النهاية الى تسريع التضخم. لكن هذا السيناريو الكلاسيكي لم يتحقق حتى الان, لكن الاحتياطي الفدرالي قرر رغم ذلك رفع سعر الفائدة الرئيسي ثلاث مرات ليصل الى 5,50% واتخذ هذا الاجراء كضمانة ضد خطر محتمل بوقوع تضخم وليس كاجراء عاجل لمكافحة التضخم على ماتفيد مصادر الاحتياطي الفدرالي. ويفسر هذا التبدل في دينامية الاقتصاد الكلي بارتفاع كبير في الانتاجية الامر الذي يسمح للشركات بدفع اجور افضل الى موظفيها من دون زيادة الاسعار على مايفيد خبراء اقتصاد. وشهدت الانتاجية ارتفاعا بلغ 1,3% كمعدل سنوي نهاية الفصل الثالث من العام الحالي. وخلال السنوات الاربع الاخيرة زاد الانتاج اكثر من 2,5% في مقابل 1,5% مطلع العقد و1% فقط خلال السبعينات, ويقول خبير الاقتصاد روبرت غوردون من جامعة نورث ويسترن ان الارتفاع الاكبر سجل على صعيد انتاج اجهزة الكمبيوتر وشبه الموصلات مع زيادة قدرها 42% بين نهاية العام 95 ومطلع 99. ويرى انصار الاقتصاد الجديد ان تطبيقات المعلوماتية والاتصالات والتنمية السريعة التي تشهدها حاليا التجارة الالكترونية بفضل انترنت تفسر هذا التحسن الكبير في الانتاجية. والى جانب الثورة التكنولوجية دفعت العولمة الشركات الاميركية الى زيادة قدرتها التنافسية في مجال الواردات كما انها فتحت لها اسواقا خارجية كثيرة. ومعرفة ما اذا كنا امام اقتصاد مختلف تماما لايزال سؤالا مفتوحاً على كل الاحتمالات. ويقول آلن غرينسبان ان سجلنا خلال السنوات الخمس او السبع الاخيرة من دون اي شك احد افضل اداء اقتصادي في تاريخنا لكن نحتاج الى مزيد من الوقت لنعرف ما اذا كان ذلك بداية حقبة اقتصادية جديدة او نموذجا محسنا عن الحقبة السابقة .