قرأت في الجزيرة 20/9/1420ه كلمة للشيخ عبدالله بن إدريس يُعقّب على سابقة له عُنوانها دعاء مسجوع وصُراخ مُلَوِّع وينكر الصراخ والعويل من بعض الأئمة في التراويح والقيام أثناء التلاوة أو القنوت؛ ويقول: إنه بعد مقالته الأولى خاطبه كثير من الناس منهم المؤيدون وفيهم المعارضون. وأنا الآن لا أتعرض للكلمتين من حيثُ الغرضُ والموضوعُ خاصةً وأن الكاتب يرفع الأمر الى المفتي وكبار العلماء ليقولوا فيه ما يَشفي,, وإنما الذي أريده هنا شأنٌ لغويٌّ خالص جاء في كلام أستاذنا عَرَضاً؛ وهو عن الفعل اربَعُوا الذي ورد في الحديث الشريف اربَعُوا على أنفسكم فقد كتبه أخونا الفاضل مضبوطا بالشكل حركةً وسكونا هكذا أَربِعُوا ثم أردف قائلا بالنص: بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الباء ,, أَربِعُوا . أما أنا فقد عَجِبتُ شَدِيداً من هذا الكلام الذي ظاهره التحريرُ والتوثيق المحكم لهذا الفعل، بل إنه غشاني أسف على أَنّي أفهمه بصيغة شكلية تخالف ما قرره وأَلحَّ في تقريره فلقد كنت ولا زلت أقرؤه وأسمعه من زمن بعيد همزتهُ وَصلِيّةٌ وليست قطعيةً، وباؤه مفتوحةٌ لا مكسورةٌ أي بِضِدّ ما قاله الشيخ بل لقد كدت بعدما رأيت منه هذا التحقيق اللفظي الجازم أن أتأثَّرهُ في المستقبل قراءة وكتابة وفهما لولا أن خطر على قلبي مراجعة كتب الحديث واللغة للتثبت والتقصي؛ فلما فَتّشت لم أجد شيئا يُسَوِّغ رسم الكلمة على هيئة أَربِعُوا ولا كتابتها وقراءتها على النحو الذي ذكر؛ وإنما الصحيح هكذا اربَعُوا بكسر الهمزة وفتح الباء على أنّ الهمزة للوصل لا للقطع. ومع هذا الذي قلته وفعلته فإني أرفع الرجاء، الى أستاذي أن يفيدنا إن كان عنده ما يخالف كلامي هذا . وأمر آخر أحسبه يورث التعجب كذلك وهو أن الشيخ حين بذل العناية كلَّها في شكل هذه الكلمة نراه أعرض أَيَّما إعراض عن شرح معناها، فعَلَّقَنا حَيارَى من هذه السكتة نتلهف عن فهمه,, وكان خليقا به أن يُبيّنه لمن لا يعرفه، وأن المراد به ارفقوا بأنفسكم ولكنه أحسن الله إليه قد أحسن الظن بنا فاعتقد أننا كُلَّنا ندري ما يدريه هو فأشاح بقلمه عن تفسيره، مع أن إيضاح المعنى مقدم على تحقيق المبنى، كما هو معلوم. وبعد، أيها الاخوان، فإني أعرف الشيخ عبدالله منذ خمسين حِجَّةً من أسطع أنجم النادي الأدبي في المعهد العلمي بالرياض، ولقد عُرِف بالدَّأب في مخادَنة الكتاب والصحيفة والقلم ومجالس العلماء من أكثر من أربعين حولا وإنه قبل ذلك لخريج الشريعة واللغة معا ,, فسلامي عليه وعليكم أجمعين.